يدق الفيلم المغربي «خارج التغطية» الذي تم عرضه مساء السبت الماضي في اطار المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، جرس الإنذار ضد تآكل قيم التضامن الاسري وتحلل بنيات التكافل أمام تغلغل أنماط سلوك دخيلة مبنية على الفردانية المفرطة. ولعب المخرج المغربي نورالدين دوكنة في فيلمه الطويل الأول الذي افتتح عروض المسابقة على وتر العاطفة الجمعية للمشاهد المغربي الذي تفاعل مع رسالة فنية تحذر من التفريط في مقومات التضامن الاجتماعي داخل الأسرة المغربية، وخصوصا لجهة رعاية الآباء في أرذل العمر، وتجنيبهم ويلات الهشاشة والشعور بالتهميش. مساوئ قيم الفردية تظهر جليا من خلال حكاية (با حماد )، وهو عجوز، شارك في حرب الهند الصينية في الخمسينات من القرن الماضي. يحتفظ ببطولات هذه الحقبة ويواظب على سردها لحفيدته هبة، فيصبح بطلها الأسطوري، الذي لا تنفك تسرد ملاحمه لصديقاتها، لولا أن أمها (زوجة الابن) تكن له مشاعر الكره، وبإيعاز شيطاني تنجح في اقناع زوجها بطرد والده من البيت، ليواجه المجهول في دروب مراكش. ما افتقده العجوز في ففلذة كبده وجده لدى اشباه له من المهمشين والبسطاء الذين احتضنوه وشكلوا بينهم لحمة أخوية تخفف آلام كل منهم. يرى المخرج المغربي نور الدين دوكنة ان المجتمع المغربي أصبح يشهد ظواهر خطيرة مشابهة لتلك التي اجتاحت المجتمعات الغربية في وقت سابق من القرن الماضي، حيث ان رفاهية الحداثة المقرونة بمساوئ الراسمالية كرست قيم الفردية كنمط عيش داخل العديد من الأسر المغربية. وأوضح المخرج عقب عرض فيلمه (خارج التغطية)، أن هذه المفاهيم الدخيلة على المجتمع المغربي كانت سببا في تفكك العديد من الاسر المغربية، لذلك فالفيلم «مجرد صفارة إنذار ورسالة أرغب ان أوجهها قبل استفحال المشكل» . وقد تناول الفيلم هذا الموضوع بالغ الجدية بنفس كوميدي زاوج بين الميلودراما وروح الفكاهة. وكان من حسنات هذا العمل أن استعاد وهج الثنائي الشهير مصطفى الزعري (باحماد) ومصطفى الداسوكين (البشير). شارك في بطولة الفيلم مجموعة من أجود الممثلين على الصعيد الوطني: محمد خيي، وعزيز دادس، وعزيز حطاب، وفاطمة عاطف. للاشارة، سبق للمخرج دوكنة أن اخرج فيلما تلفزيونيا ناجحا يحمل عنوان «طرائف أصدقاء» في أول تعامل له مع القناة الثانية، كما سبق له أن أخرج فيلما قصيرا تحت عنوان «بائع الماء»، وراكم خبرة سينمائية كمساعد مخرج في العديد من الأعمال المغربية والعالمية، كان أبرزها فيلم «أستيريكس وأوبيليكس مهمة كيلوبترا».