اختتمت مؤخرا فعاليات مهرجان أسا السنوي الذي نظمته جمعية مهرجان أسا للتنمية والتواصل تحت شعار « آسا بين الهوية المحلية والانفتاح على الثقافات « بتقديم «النحيرة» التي اعتادت قبائل أسا على تقديمها للزاوية الدينية بشكل سنوي، احتفالا بعيد المولد النبوي الشريف الذي يعد فرصة لإقامة طقوس وأعراف المنطقة وذلك باجتماع الأهل والعشيرة لإعادة الاعتبار لروح الجماعة ومفهوم الاتحاد بين أبناء إقليم أسا، الذي يقيم كل سنة ومنذ عقود خلت، إذ قدمت مجموعة من القبائل النحيرة وفاءا لهذا اليوم الديني الذي يحمل العديد من الدلالات العقائدية ذات الصلة بالموروث الإسلامي والشعبي. المهرجان الذي دأبت مختلف فعاليات المجتمع المدني على تنظيمه منذ عقود خلت، أصبح عادة سنوية تحييها قبائل آسا وتعتز بها باعتبارها موروثا ثقافيا إنسانيا وحضاريا، يهدف إلى التشبث بالهوية الصحراوية والانفتاح على مختلف الثقافات الأجنبية، وقد تم تنظيم مهرجان أسا السنوي بتنسيق مع المجلس الإقليمي لآسا _ الزاك وبلدية آسا وبدعم أيضا من وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب بالمملكة، ما ميز دورة هذه السنة هو افتتاحها بحضور وزير الصناعة التقليدية عبد الصمد قيوح الذي حضر إلى معرض المنتوجات الصناعية التقليدية، بمعية والي جهة كلميمالسمارة عبد الفتاح البجيوي وعامل إقليم آسا إبراهيم أبو زيد وعدد من الوجوه السياسية والفنية المعروفة التي لبت دعوة المهرجان وحضرت افتتاح فعالياته التي تضمنت عدة أنشطة فنية وثقافية ودينية امتدت لأربعة أيام، وكان الهدف منها بالأساس التعريف بتاريخ المنطقة وإبراز أهم معالم حضارتها. وتأتي زاوية أسا في صلب اهتمامات هذا المهرجان بالنظر إلى مكانتها الدينية والعلمية ومساهمتها في الحفاظ على القيم الدينية والثقافية للمنطقة وترسيخ مبادئ المواطنة ونشر العلم والمعرفة، ومما ميز الأنشطة التي أشرفت عليها زاوية أسا خلال هذه الدورة الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف الذي يعتبر الحدث الأبرز للمهرجان خلال كل دورة، من جانب آخر تم الاحتفال بافتتاح فعاليات مهرجان هذه السنة بساحة محمد السادس التي شهدت عدة لوحات فنية وعروض احتفالية، ترسخ للثقافة الصحراوية وتعرف بالهوية المحلية لمنطقة أسا، أمام أنظار عدد من المسؤوليين السياسيين الذين تابعوا أجواء الاحتفال بالمهرجان والذي تؤكد من خلالها ساكنة أسا عزمهم على التعريف بثقافتهم وإصرارهم على مواصلة مسلسل تطوير وتجديد الحياة بالمنطقة من خلال مهرجانها الوطني الذي يأمل عدد من القائمين عليه في أن يصبح مهرجانا ذا صيت عالمي في القادم من السنوات، إذ أكد رشيد التامك مدير جمعية مهرجان أسا للتنمية والتواصل، أن الجمعية طورت بشكل كبير أنشطة المهرجان مقارنة مع السنوات التي مضت، حيث كانت تقتصر فقط على ما هو تجاري محض بين القبائل وكذلك اكتسائه لطابع التسامح بين الجماعات والأفراد، ونشر ثقافة الاتحاد بين أبناء المنطقة كما كان يطغى عليه الجانب الديني، أما اليوم وبفضل التنسيق بين جمعيات المجتمع المدني فقد تمت إضافة مجموعة من الأنشطة والبرامج ذات الصبغة الثقافية والفنية وحتى الرياضية في المستقبل القريب، وهذا ما سيساهم في جعله مهرجانا عالميا منفتحا على مختلف الثقافات الأجنبية منطلقا في نفس الآن من الهوية المحلية والخصوصية الصحراوية. المهرجان الذي يقدم صورة ايجابية عن المنطقة ويعرف بتاريخها وحضارتها، ويحتفي برموزها الدينية والثقافية يعتبر دافعا أساسيا للتنمية في جميع المجالات والمضي قدما نحو التطور مع الحفاظ على التراث التقليدي للمنطقة، حيث اكتسى بذلك طابع الأصالة من حيث الاعتزاز بالرموز والقيم وطابع المعاصرة من خلال الانفتاح على أساليب تجديد وعصرنة الحياة والتجاوب مع مختلف الثقافات الأجنبية . كما عرفت دار الشباب أسا يوم الأربعاء 23 يناير الذي يعتبر اليوم الأخير من فعاليات المهرجان، نقاشا عميقا ومهما حول المشاركة السياسية في جنوب المغرب وأبعادها تحت شعار «أسا نموذجا».