تعتزم جمعية ملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية، عقد لقاء حول دور ووظيفة الصفحات والملاحق الثقافية، في الجرائد الوطنية، بمشاركة صحافيين، وإعلاميين، ومثقفين مهتمين بالإعلام الثقافي، ودعي للمشاركة في هذا اللقاء نخبة من الاعلاميين: محمد بوخزار، حكيم عنكر، سعيد كوبريت، إبراهيم إغلان، محمد جليد، محمد بشكار، مصطفي النحال، عبد العزيز كوكاس، عبد العالي بركات. وتشير اللجنة المنظمة في الورقة التي أعدتها بهذه المناسبة إلى أن الثقافة كانت دائماً حاضرة في الإعلام المكتوب. فظهور الصحف والمجلات، لعب دوراً كبيراً، في تقريب الفكر والإبداع من القراء. طبيعة التنوع في الصفحات والموضوعات التي تميَّزت بها الجريدة، قياساً بالكتاب ساعدت، بشكل كبير على وضع الثقافة والفن، ضمن اهتمام الصُّحف اليومية، التي عملت على استقطاب كتاب ومفكرين، ومبدعين للكتابة فيها. لم تقتصر كتابات هؤلاء على المقالات، والأعمدة اليومية، أو الأسبوعية، بل كان للنقد، والتعريف بالكتب والإصدارات الجديدة، مكانا بارزا في هذه الصحف، إلى جانب القصة والشعر والرواية، التي كانت تنشر في شكل حلقات، قبل أن تنشر في شكل أعمال كاملة.لم يكن هذا يخص الصحافة الغربية وحدها، فالصحافة العربية، وبينها الصحافة المغربية، أَولَت اهتماما خاصا بالإعلام الثقافي، وميّزت الثقافة بوضع صفحات خاصة بها. فمثلما للسياسة، صفحاتها وللاقتصاد، والشأن الاجتماعي العام، صفحاتهما، فالثقافة كانت لها صفحاتها، إما بشكل يومي، أو على شكل ملاحق أسبوعية، تكون في الغالب، أوسع من حيث حيزها، ومن حيث طبيعة الموضوعات التي تتناولها، وما ستتميز به من تنوع في الموضوعات، وتَوسع في القراءة والتحليل، وفي التعريف بالكتب والإصدارات، ونشر النصوص الإبداعية. كثير من الأعمال الروائية، والنقدية والفكرية، التي أصبحت اليوم، في أوربا، كما في العالم العربي، بين أهم الأعمال المُؤَسِّسَة، في مجالات النقد والفكر والإبداع، ولعبت دوراً كبيراً في النقاش الفكري والمعرفي، خرجت من بين طيات هذه الصفحات والملاحق، وكانت الجريدة، عاملاً قوياً في انتشارها، وفي إقبال القُرَّاء عليها. لم تكتف الجرائد بنشر المقالات، والإبداعات، بل إنها كانت مكاناً للنقاش والحوار، و «الخُصومات» و «المعارك» النقدية، التي هَمَّت الأفكار، والكتابات الإبداعية، كما هَمَّت قضايا الفكر والتراث، والموقف من قديم المعرفة. مقارنة بحديثها، أو ما عُرِف في الثقافة العربية الحديثة، بالصراع بين القديم والحديث.لا يمكن فصل الصحافة عن الثقافة، فهذا تاريخ يمكن تأكيده، من خلال ما في الصُّحُف والجرائد نفسها، من شهادات دالة على طبيعة هذا اللقاء، الذي هو لقاء قديم، يعود إلى تاريخ ظهور الصحافة نفسها. إذا كانت العلاقة بين الثقافي والصحافي، في المشرق العربي، عرفت انتقالات مهمة، وأصبح الثقافي، بين الثوابت، التي لا يمكن تجاهُلُها، أو حذْف صفحاتها، وملاحقها، التي ارتبطت بأعلام، وتواريخ ساعدت، على اجتذاب شريحة نوعية من القراء، ممن يهمهم الشأن الثقافي والفني، ففي المغرب، سارت الصحافة في نفس الاتجاه، وكان للثقافي مكانة خاصة في بعض هذه الصُّحُف التي كانت متأثِّرة بالصحافة العربية في المشرق، وسعت لوضع لثقافي ضمن اهتماماتها الخاصة، سواء أكانت هذه الصحف تابعةً للدولة، أو للأحزاب، أو صحفاً خاصةً، قبل أن يظهر مفهوم الصحافة المستقلة، التي أصبحت اليوم، ذات دور هام، في ما عرفه المغرب من تنوع وتعدد في الرأي والموقف وتقديم الخبر. لكن العلاقة بين الصحافي والثقافي، في المغرب، عرفت تذبذباً، و «توتُّرات»، ربما،، دفعت، في أكثر من محطَّة إلى تهميش الثقافة، وتجاهلها، كليةً، أو إلى اعتبارها غير ذات أهمية، ووضعها، بالتالي، ضمن آخر أو لويات عدد من الجرائد، بمختلف انتماءاتها وتوجُّهاتها.ما تزال الصفحات والملاحق الثقافية، هي المساحات الأكثر هشاشةً في الجرائد الوطنية، فهي تظهر وتختفي، بحسب الحاجة إليها، خصوصاً في المناسبات الوطنية، وفي بعض الاستحقاقات، أو الوصلات الإشهارية، وقد تختفي ملاحق ثقافية، لتعود للظهور، دون أي سابق إشعار، ما يشي بغياب استراتيجية ثقافية لدى عدد من الجرائد، رغم وجود أقسام خاصة بالثقافة، ومحرِّرين ثقافيين، يملكون ما يكفي من الحرفية والخبرة. هل يعني هذا أن الجرائد الوطنية تستعمل الثقافة بحسب الحاجة إليها، ودون وضوح في الرؤية، وهي بذلك تكون متبنية لموقف الدولة المتجاهل للثقافة، رغم ما يبدو ظاهرياً من مظاهر توحي باهتمامها بالشأن الثقافي؟ أم أن الصفحات والملاحق الثقافية ليس لها قُراء، وبالتالي فهي تخضع لمقاييس العرض والطلب، وليس لما يقتضيه العمل الصحافي نفسه، من وضع القارئ في سياق الثقافة، وليس بوضع الثقافي، رهينة في يد القارئ، أو ما تفرضه الأحداث والوقائع من اهتمام بموضوع على حساب آخر؟. يقام هذا اللقاء، يوم السبت 2 فبراير القادم، في الساعة الرابعة بعد الزوال، بدار الثقافة محمد بلعربي العلوي بالمحمدية.