قال محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة، مساء الاثنين الماضي بفاس، إن من شأن تثمين التراث الثقافي أن يساهم في إعطاء دفعة قوية لحركية التحول العميقة والمتسارعة التي تشهدها مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأن يدعم مسلسل بناء المغرب الحديث. وأوضح الصبيحي خلال افتتاح أشغال المؤتمر الدولي حول موضوع «أي مستقبل للتراث الثقافي المتوسطي» الذي تنظمه وزارة الثقافة بتعاون وتنسيق مع وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس أن هذا الملتقى الدولي يروم تقييم مجمل المبادرات التي تم تنفيذها في إطار ( برنامج التراث الأورومتوسطي ) وتعميق البحث حول الآفاق المستقبلية لتثمين وحماية هذا التراث بالمغرب. وأكد وزير الثقافة أن العديد من العمليات المهمة التي استهدفت صيانة الموروث الثقافي والمحافظة عليه والتي تم إنجازها بالمغرب حققت نجاحا كبيرا بدعم وتعاون مع برنامج التراث الأورومتوسطي مقدما في هذا الصدد مجموعة من النماذج كإعادة تهيئة وتطوير ( حمام الصفارين ) بفاس وإحداث متحف خاص بالماء بتامصلوحت وإعادة تهيئة مجموعة من السقايات بمراكش إلى جانب مبادرات التكوين المستمر للمرشدين السياحيين بكل من طنجة والدار البيضاء وسلا ومراكش وغيرها من العمليات الأخرى. وشدد على أهمية المحافظة على التراث الثقافي وتنميته وتطويره باعتباره مكونا أساسيا ضمن الهوية الثقافية للمغرب مشيرا إلى أن وزارة الثقافة أعدت وفق مقاربة تشاركية المخطط الاستراتيجي ( تراث 2020 ) الذي يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف بشراكة مع العديد من المعاهد والفاعلين المهتمين بقضايا التراث الثقافي. وقال وزير الثقافة إن هذه الاستراتيجية الوطنية ستشكل محور ومرتكز جميع التدخلات العمومية والخاصة في مجال المحافظة على التراث الثقافي وحمايته كما ستكون بمثابة فضاء لتنسيق مختلف جهود باقي الفاعلين والمتدخلين في هذا القطاع. ومن جهته أكد إنيكو لاندابورو رئيس مفوضية الاتحاد الأوربي بالمغرب أن ( برنامج التراث الأورومتوسطي ) شكل منذ إحداثه أداة أساسية للحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه كقيمة أساسية ومحفز للتفاهم المتبادل بين شعوب منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط مشيرا إلى أن هذا البرنامج ساهم في تفعيل التعاون والتنسيق بين مختلف الشركاء المهتمين بقضايا المحافظة على التراث الثقافي وصيانته وتثمينه. وأوضح أنه ومنذ إعطاء الانطلاقة لهذا البرنامج تم رصد غلاف مالي يقدر ب 71 مليون أورو لتمويل مختلف المبادرات التي تندرج في إطار هذا البرنامج والتي تروم تثمين التراث الثقافي والمحافظة عليه وكذا لدعم الشراكات بالضفة الجنوبية لحوض المتوسط بين مختلف الخبراء والمختصين والمؤسسات والمعاهد المعنية بهذا القطاع . وأشار إنيكو لاندابورو إلى أن هذا البرنامج وضع عدة آليات ووسائل لتنسيق التعاون ودعم مختلف العمليات التي تستهدف صيانة مكونات هذا التراث الثقافي وتنميته بحوض البحر الأبيض المتوسط. ويبحث مؤتمر ( برنامج التراث الأورومتوسطي) الذي ينظم بتعاون وتنسيق مع ولاية الجهة ويستمر ثلاثة أيام مجموعة من القضايا التي تهم الإنجازات التي تحققت والمقاربات التي يجب اعتمادها لتنفيذ باقي المبادرات التي تستهدف تنمية التراث الثقافي وتطويره باعتباره يشكل آلية للنمو الاقتصادي والرفع من مستوى عيش السكان. كما سيركز المؤتمر الذي يحضره خبراء ومختصون وباحثون على تعزيز دور هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص في الجهود المبذولة لحماية هذا التراث والعمل على صياغة استراتيجية جديدة لتنمية وتطوير التراث الثقافي بحوض البحر المتوسط.