نفذت مجموعة مسلحة مقربة من «القاعدة» هجوما مباغتا على قاعدة عين أم الناس النفطية التي تقع في أقصى جنوب شرق العاصمة الجزائرية بنحو 1600 كلم، يأتي هذا في ظل صدمة يعيشها الشارع الجزائري من جراء سرعة ردة فعل المجموعات المسلحة وعجز السلطات عن التحرك رغم توقع حدوث عمليات انتقامية. وذكر شهود عيان أن المتشددين ما زالوا يحتفظون بعشرات الرهائن، ويهددون بتفجير القاعدة البترولية في حال نفذت السلطات الرسمية أي تدخل من أجل تحرير الرهائن أو ملاحقة المسلحين. ورجحت مصادر مطلعة أن يدخل الطرفان في مفاوضات لاحتواء الموقف الحرج الذي هز استقرار وسمعة الصناعة النفطية الجزائرية التي ظلت بعيدة طيلة سنوات الأزمة الدامية عن التهديدات الأمنية. ولم تستبعد المصادر تدخل طرف ثالث وسيطًا بين الطرفين كأن يكون من أعيان المنطقة الذين يملكون نفوذا لدى الجماعات المتشددة وفي عصابات التهريب والاتجار بالأسلحة. وأعلنت الحكومة حالة استنفار قصوى من أجل احتواء الأزمة والتقليل من تداعياتها الدعائية التي تضر بمزاعم الأمن والاستقرار التي تروج لها السلطات الجزائرية، و» تباهيها» أمام العالم بخبرتها في التعاطي مع الظاهرة الارهابية. بالمقابل يقول مراقبون إن العملية أحدثت صدمة في المنطقة، ووجهت رسائل قوية للقوى الغربية المؤيدة للتدخل العسكري، والى الحكومة الجزائرية بعد سماحها بتحليق الطيران الفرنسي فوق ترابها لضرب قواعد الجماعات المتشددة في شمال مالي. وكان مصدر من وزارة الداخلية الجزائرية قد أعلن أن شخصا من جنسية بريطانية قد لقي حتفه في الهجوم الذي شنته مجموعة متشددة على قاعدة بترولية بمنطقة تيقنتورين بولاية إيليزي الحدودية، ليرتفع بذلك عدد الضحايا إلى قتيلين في الهجوم الذي استهدف محطة معالجة الغاز التي تستغلها الشركة الحكومية النفطية « سوناطراك « ومؤسستان أجنبيتان هما «بريتيش بيتروليوم» و»ستات أويل» بمنطقة تيقنتورين الواقعة على بعد 40 كلم عن مدينة عين أم الناس. وأضاف بيان الداخلية أنه جُرح 6 أشخاص هم أجنبيان و 4 من أعوان الأمن حُولوا على جناح السرعة الى مستشفى عين أم الناس. وأوضحت مصادر متطابقة أن مجموعة مسلحة مدججة بالسلاح وعلى متن ثلاث سيارات رباعية الدفع هاجمت على الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي «الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش» من صباح الأربعاء، قاعدة حياة لشركة «سوناطراك» بتيقنتورين قرب عين أم الناس الواقعة على بعد حوالي 100 كلم عن الحدود الجزائرية – الليبية. وأضافت المصار أن الاعتداء «استهدف أولا حافلة عند خروجها من هذه القاعدة وهي تقل أجانب متوجهة إلى مطار عين أم الناس». وبعد هذه المحاولة توجهت المجموعة المسلحة إلى قاعدة الحياة التي هاجمت جزءا منها واختطفت عددا غير محدود من العمال من بينهم رعايا أجانب». وأفاد مصدر مقرب من مركب الغاز أن عملية ضخ الغاز تم توقيفها على مستوى المركب عقب هذا الاعتداء المسلح. ومن جانب آخر أعلن ناطق باسم مجموعة اسلامية متشددة عن احتجاز 41 من الرعايا الغربيين، بينهم أميركيون وبريطانيون ونورويجيون وفرنسيون وبريطانيون ويابانيون، وأن 5 من الرهائن احتجزوا في المصنع فيما احتجز 36 في موقع السكن. ;كتبت الصحيفة المالية (أنفو ماتان)أن قادة جماعات إرهابية قد يكونوا لاذوا بالفرار من شمال مالي وذهبوا بحثا عن ملاذ لهم داخل مخيمات «البوليساريو» بجنوب غرب الجزائر. وأوضحت الصحيفة أنه «من بين حوالي الخمسة عشر مقاتلا التابعين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذين، في حمأة ارتباكهم، تمكنوا من الالتحاق بهذه المنطقة (مخيمات البوليساريو) عن طريق البر، يوجد، على الخصوص، حمادة ولد خيرو حليف عمر بلمختار» أحد قادة التنظيم.وأشارت الصحيفة إلى أن الحبل بدأ يضيق شيئا فشيئا حول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمالي، «حيث تخلت الجماعات الإرهابية عن معاقلها الرئيسية بالشمال بعد القصف الجوي» الذي بدأه الجيش الفرنسي منذ يوم الجمعة الماضي. وكانت الاتصالات والارتباطات بين «البوليساريو» والحركات الإرهابية ومهربي المخدرات في منطقة الساحل والصحراء قد أثيرت، لعدة مرات، في تقارير مختلف المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية. من جانب آخر، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن بلادها ستكون بجانب فرنسا في مهمتها ضد المتمردين في شمال مالي لأن «الإرهاب في هذا البلد لا يشكل تهديدا بالنسبة لأفريقيا وحدها، بل لأوروبا أيضا». وأوضحت ميركل ببرلين في ندوة صحفية مشتركة مع رئيس الكوت دي فوار الحسن واتارا عقب محادثات أجراها الطرفان، أن بلادها ستدعم المهمة العسكرية الدولية في مالي بطائرات نقل تابعة للجيش الألماني خلال فترة وجيزة للغاية، وقالت «أعتقد أننا نتعرض لضغط زمني كبير». من جانبه، قال واتارا، رئيس التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا (إيكواس) الذي يعتزم المشاركة بقواته إلى جانب القوات المالية «نأمل أن يساهم جميع الأوروبيين في هذه العملية». وقد قرر تجمع «إيكواس» المشاركة بنحو 3300 جندي لدعم القوات المالية والعملية العسكرية التي تنفذها فرنسا للتصدي للمتمردين الإسلاميين المتطرفين الذين سيطروا على شمال مالي حيث بدأت نيجيريا في هذا الإطار اليوم الأربعاء، نقل حوالي 900 جندي من قواتها بالطائرات. وكان وزير الدفاع الألماني توماس دي ميزير قد أعلن في وقت سابق اليوم في مداخلة أمام خبراء شؤون الدفاع في الكتل الحزبية بالبرلمان الألماني (بوندستاغ)، أن بلاده تعتزم إرسال خمس طائرات إلى مالي ضمن دعمها اللوجستيكي للمهمة العسكرية في هذا البلد.