لم تتردد قوات بشار الأسد، أول أمس الأحد، في قصف مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الموجود في ريف دمشقجنوب العاصمة السورية، ما أسفر عن مقتل عشرات الفلسطينيين والسوريين وجرح آخرين وإحداث الكثير من الخراب جراء استعمال قذائف مدفعية. أمام التقدم الميداني الذي باتت تحققه المعارضة المسلحة في الفترة الأخيرة، وتزايد موجات الانشقاق وسط هياكل النظام البعثي، لم تعد قوات الأسد تحتاط لشيء، وصارت تقصف وتقتل في كل الاتجاهات، حتى أنها لم تر مانعا في دك مخيم اليرموك الذي يأوي أزيد من ثلاثمائة ألف بين فلسطينيين وسوريين، وبالتالي فهذه القوات لم تعد تضع الحدود أمام إجرامها ودمويتها. لقد كانت البشاعة لافتة أمام هول ما تناقلته مختلف وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين من مشاهد وصور لهذه الجريمة المروعة، وصار من المستعجل اليوم أن يقف المجتمع الدولي بحزم ليضع حدا لنظام القتل وسفك الدماء في سوريا. من جهة أخرى، لقد فضحت جريمة مخيم اليرموك، ووقائع أخرى قبلها جرت في سوريا ولبنان وفلسطين، وضعا يثير الامتعاض والاستنكار يوجد عليه التنظيم الميكروسكوبي الذي يقوده أحمد جبريل(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة)، وهو التنظيم الفلسطيني الذي يتعرض هذه الأيام لانفراط عقده، جراء انصهار جبريل في منظومة القتل التي يقودها بشار الأسد ضد شعبه، وتوجيه ميليشياته ضد نضال الشعب السوري من أجل الحرية والديمقراطية. الكثير من المتابعين للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط كانوا يدركون أن جماعة جبريل لم تكن سوى أداة يوظفها النظام البعثي السوري، سواء في لبنان أو ضمن تفاصيل وتاكتيكات الملف الفلسطيني أو اليوم في الداخل السوري، والكثيرون أيضا يعرفون أن التنظيم المذكور لا يمثل شيئا تقريبا في الساحة الفلسطينية، ولكن ما تورط فيه قائده أول أمس يعيد إلى الواجهة موضوع موقف بعض الأحزاب والجماعات والفعاليات العربية من الأنظمة الديكتاتورية، خاصة أن جبريل الفلسطيني يشترك مثلا مع حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني في مساندة بشار ضد شعب سوريا، وهناك تنظيمات عربية أخرى تتواجد في الخندق ذاته. وإن الوضعية نفسها عيشت مع نظام صدام حسين، ثم مع القذافي، وها هي اليوم تعاد مع البعث السوري، وهذا يتجاوز منطق المصالح والمنافع وشراء الذمم، ليفضح تناقضات بعض العقليات وأنماط التفكير المتواجدة في المشهد السياسي والحزبي والثقافي العربي، بما في ذلك عندنا نحن هنا في المغرب. لا زال بيننا من لا يخجل في اعتبار كل ما يقع في سوريا مؤامرة من «الغرب الكافر»، ولا زال من لا يخفي حزنه لانهيار نظامي القذافي وبنعلي، وحتى صدام قبلهما، ولا زال بيننا من لا تعني له مشاعر التضامن أي شيء عندما يقتل نظام بشار الأسد مئات الأطفال والنساء داخل سوريا... ألا يستحق هؤلاء المحاسبة و... الفضح؟ هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته