في سابقة من نوعها وانتصارا لتيمة التحسيس كأحد الآليات الضرورية في الحرب المعلنة ضد داء السيدا والحد من ثقافة الإقصاء المجتمعي للمصابين به، نظمت المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا، تخليدا لليوم العالمي لمحاربة السيدا، مسيرة رمزية أول أمس السبت بالرباط شارك فيها المئات من فعاليات المجتمع المدني وأطباء ومرضى متعايشون مع الداء، وعدد من الشباب والشابات، تم خلالها رفع شعارات تؤكد على الحق للمرضى في العيش الكريم بدون تمييز بسبب المرض. المسيرة الرمزية التي تم تنظيمها تخليدا لليوم العالمي للسيدا بدعم من برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بمحاربة داء السيدا والسل والملاريا، والشبكة الإقليمية العربية لمحاربة السيدا، تأتي في إطار الانتصار لإعمال المقاربة الحقوقية في المجال الصحي والتي لا تشمل فقط التمكين من الولوج إلى العلاج بل التمكين من الاستفادة من ظروف عيش كريم تنتفي فيها مظاهر الإقصاء والتمييز، على اعتبار أن مرضى داء المناعة المكتسبة بالأخص يعانون ليس فقط مرارة الإصابة بالمرض بل من النظرة الدونية للمجتمع التي تصم أوضاعهم وتفاقم من حالاتهم، إذ بات الأمر لا يتطلب فقط الجهود التي تبذلها وزارة الصحة بتوفير العلاج الضروري بل يتطلب المزيد من انخراط وزارة التربية الوطنية في حملات مكافحة السيدا عبر إقرار برنامج وطني للتحسيس يستهدف بالأساس اليافعين والشباب كأحد الفئات الأكثر تعرضا للإصابة بالداء. وفي هذا الصدد، أكدت رئيسة المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا نادية بزاد، خلال المسيرة في تصريح للصحافة، على استعجالية قيام وزارة التربية الوطنية بإدماج التربية الجنسية في البرامج الدراسية من أجل إشاعة المعلومات حول الأخطار التي تحملها الأمراض المنقولة جنسيا ومن تم التحسيس في وقت مبكر الشباب لتجنب العلاقات الجنسية غير المحمية باعتبارها أحد أسباب ارتفاع نسب الإصابة بداء السيدا. وأضافت المتحدثة أن وزارة الصحة أطلقت قبل أشهر استراتيجية وطنية لمكافحة السيدا، وهي تتأسس على تحسين التكفل الطبي بالأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة بتوفير العلاج الثلاثي وكذا الأدوية اللازمة في حالة فشل الصنف الأول، لكن الأمر بات يتجاوز هذه المرحلة حيث أن المرضى أصبح يلزمهم ليس مكافحة المرض فقط بل مكافحة الإقصاء الاجتماعي في حقهم في الحالات التي تعرف إصابتهم بالمرض من طرف محيطهم الاجتماعي. ومن جانبها أكدت وزارة الصحة بمناسبة اليوم العالمي للإيدز على مواصلة تنفيذ المخطط الوطني الاستراتيجي لمكافحة داء السيدا والذي أعلن عن إطلاقه وزير الصحة البروفيسور الحسين الوردي خلال شهر أبريل الماضي، والتي تعد بمثابة تعهد رسمي من قبل المغرب بتوفير العلاج وتحسين التكفل الطبي بالأشخاص المتعايشين مع الداء بتوفير العلاج الثلاثي، على أن تأخذ هذه الإستراتيجية بعين الاعتبار مسألة الخصوصيات المجتمعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع المغربي، إذ شدد وزير الصحة حينها على أنه مهما كانت صلابة وجاذبية هذه الإستراتيجية فإن ذلك لن يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة إذا لم يتم الانتباه إلى تلك العناصر. وأكدت الوزارة بشأن استراتيجية مكافحة السيدا على أنها تعد جزءا أساسيا ضمن السياسة العامة لوزارة الصحة والتي يعتمد في تنفيذها على ثلاث مقاربات رئيسية مندمجة ومتكاملة من أجل تحقيق مبدأ الصحة للجميع، وهي تتحدد في المقاربة الحقوقية، والمقاربة التشاركية ودمقرطة الولوج إلى الخدمات الصحية، ومقاربة النوع، والمقاربة المنظوماتية. واستنادا لمصادر طبية فإن المخطط الاستراتيجي الوطني الخاص بمحاربة داء السيدا والأمراض التناسلية مكن من توفير المجانية في التكفل بمرضى السيدا من خلال تعميم العلاج الثلاثي، والمراقبة الوبائية التي توسعت شبكتها بفعل تأسيس نظام لمراقبة التعفنات المنقولة جنسيا، هذا فضلا عن حملات التحسيس التي تم اعتمادها وفقا لمقاربة تشاركية مع هيئات المجتمع المدني العاملة في الميدان سواء على المستوى الوطني أو الجهوي. وحسب معطيات لوزارة الصحة بشأن الوضعية الوبائية لفيروس نقص المناعة المكتسبة بالمغرب، فقد سجل انخفاض في نسبة الإصابة على المستوى الوطني ب 15 في المائة، فيما يتركز انتشار الوباء داخل الفئات السكانية الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة ، حيث أن أكثر من 5 في المائة من الإصابات سجلت وسط عاملات الجنس أو ما يعرف بممتهني الدعارة، وأيضا وسط الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال وبالأخص بمدينة أكادير.