توثيق لفترة هامة من تاريخ المغرب القديم تتطرق رواية «تراتيل أمازيغية» التي صدرت مؤخرا عن دار النايا بسوريا، للكاتب المغربي مصطفى لغتيري، لموضوع الأمازيغ المكون الأساسي للهوية المغربية والذي يضرب بجذوره في عمق إفريقيا، كما يعرض لحرب استنزاف ضد الرومان الذين استولوا على أرض الأمازيغ قبل الإسلام واستنزفوا خيراتها وأسسوا فيها قلاعهم وملاعبهم ومسارحه. يسرد الروائي رواية خيالية تعتمد على التاريخ وعلى الأساطير القديمة، لتكون بذلك توثيقا مهما لفترة تاريخية معينة من تاريخ المغرب القديم، سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية . تسرد الرواية قصة أمير أمازيغي يدعى «غيلاس»، يتحلى بأخلاق حميدة ويرفض كل أشكال النفاق والتزلف، يتأمل الظواهر الطبيعية ويكتب الشعر، يحب فرسه «أودجاك» الذي اتخذه صديقه الوحيد، لكنه عندما التقى بالأمير الإفريقي النيجيري، الذي تعرض للاختطاف من طرف النخاسين، سيشتريه ويسميه «أوسمان» ويتخذه صديقه المفضل، لأنه وجد فيه المواصفات المطلوبة (الصدق، حب الفروسية ، الشهامة)، سيواظبان معا على التزود بالعلم من الحكيم «ايفاو» الذي سيطلعهم على أخبار الشعوب وعاداتهم فيحفزهما ذلك للقيام برحلة طويلة، يكتسبان خلالها معارف كثيرة وخصالا حميدة، تتوطد علاقتهما أكثر فيهديه أوسمان صدفة التي ستكون تميمة غالية، ويهديه بدوره نجمة في السماء، يعودان للقبيلة ليفاجآ بموت الملك. يتوج غيلاس ملكا للبلاد، ويتخذ أوسمان وزيرا له، ويزوجه أخته «تورين» ولكن اختطاف الرومان للأميرة «توسمان» خطيبته تجعلهما يلقنان الرومان دروسا في البطولة والحنكة السياسية، عكس ما كان الرومان يتصورون عن الأمازيغ. فالأمازيغ شعب مسالم ولكنهم ممالك وقبائل متفرقة، الشيء الذي جعل بلادهم عرضة للاغتصاب من طرف شعوب عدة، غيلاس حاول جمع شمل تلك القبائل الأمازيغية ليكون قوة عسكرية يكسر بها شوكة الرومان، ولكن أوسمان سيتعرض لطعنة غادرة من أحد أتباعهم الخونة حينما تصدى له دفاعا عن صديقه الملك لتنتهي القصة نهاية درامية. إن رواية «تراتيل أمازيغية» دعوة لقبول الاختلاف، والاعتراف بالمكون الأساسي للهوية المغربية الأمازيغية، ونبذ التفرقة التي يسعى البعض جاهدا لزرعها في المجتمع المغربي. * ناقدة مغربية