من حين لآخر، تطفو على السطح جرائم، يشيب لها الوجدان، ليس فقط لبشاعتها، ولكن لوقوعها في محيط أسري، يفترض أن تغلفه علاقات الرحمة والمودة بدلا من النزعات الإجرامية الخطيرة. والسمة الملحوظة في أغلب هذه الجرائم أنها لا تقتصر على بلد دون غيره، كما أنها لا تختص شريحة اجتماعية دون أخرى... وسنكتفي في هذا المقال، بتقديم نماذج لبعض هذه الجرائم من مصر. تقتل طفلها حيا وأخرى تبيعه لتشتري أرضا قديما، كانت بعض الأسر تذبح أطفالها وتقدمهم قرابين للآلهة بدعوى التقرب منها، أو تئد بناتها خوفًا من العار؛ أما الآن، ف»الأم» تقتل طفلها لتتخلص منه بشكل نهائي لأسباب متعددة، كأن تلده خارج مؤسسة الزواج، فلا يريد والده الاعتراف به، أو يكون نتيجة جنسية عابرة، يختفي الأب بعدها، ومنهن من دفنت ابنها حيا وأخرى قدمته وجبه للكلاب لتمحي أثره، وهناك من تبيع طفلها لتشتري قطعه أرض لبناء بيتا لها.. ففي حادث مأساوي شهدته منطقه الهرم بمصر قبل سنين قليلة، فقد تخلصت عبير «19سنه « من طفلها ذي الستة شهور، حيث خنقته بيدها، وسلمت نفسها إلي قسم الأمن، وتبين أنها تزوجت عرفيا من ميكانيكي وتخلى عنها بعد حملها، وتزوجت ثانية على سنة الله ورسوله من جزار وهي حامل، وبعد الولادة رفض الزوجان «العرفي» و»الرسمي»، الاعتراف بالمولود أو تسجيله في السجل المدني، وفشلت الأم في تطعيم طفلها والتكفل به، أو استخراج شهادة ميلاد له، فقررت ارتكاب الجريمة وتخلصت من طفلها الوحيد أثناء نوم زوجها «الرسمي» في الغرفة المجاورة، وتبين أن والدة المتهمة أخذت الطفل القتيل ودفنته بمعاونة زوجها. قدمت طفلها وجبه للكلاب شيماء لم تكن أحسن حالا، ولا أكثر رحمة بوليدها من عبير، فبعدما ضاقت بها الحال وتعبت من رعاية ابنها الذي رفض أبوه الاعتراف به، ألقته للكلاب وراحت إلي حال سبيلها. آنذاك، تلقى قسم الشرطة بلاغا من الأهالي، قالوا فيه أنهم شاهدوا كلابا تنهش جثه طفل رضيع وحولته إلي أشلاء !. وبعد أسبوع من البحث والتحريات، أمسك رجال المباحث ببداية الخيط، حتى وصلوا إلي شيماء، لم تحاول شيماء الإنكار، حيث قالت أنها تزوجت رجلا هجرها بعد أشهر عدة، بعدما اكتشف أنها ليست عذراء، ثم أنجبت طفلها في غياب الأب، وبعد أن طرقت جميع الأبواب للبحث عن عمل كان الفشل هو نصيبها، بسبب وجود الطفل معها، وتضيف «شعرت حينها أن ابني يقف عقبة في طريقي، فألقيته إلي جوار أحد المساجد ولم أكن أعلم أنه سيصبح وجبة للكلاب «! وهذه حادثه أخرى، قامت أم «تعمل مدرسة» بخنق طفلها وعمره 3 سنوات لأنه دائم الصراخ وحاولت التنصل من الجريمة، وادعت أنه سقط من أعلى سلم المنزل أثناء اللعب، حيث تلقت الشرطة بمحافظة القليوبية، إخطارا من المستشفى بوصول إسلام عبده «3 سنوات» جثة هامدة، وتبين من التحريات أن وراء ارتكاب الحادث والدة المجني عليه «30 عاما»، وأنها قامت بضرب طفلها لبكائه ولكنه ظل يبكي ويصرخ فقامت بخنقه ولم تتركه إلا وهو جثة هامدة!. وأخرى تدفن ابنها حيا.. وهذه «أم» أخرى، تجردت من كل مشاعر الأمومة، وقامت بدفن ابنها حيا الذي حملت به سفاحا بمساعدة أمها للهروب من الفضيحة. وكانت سلطات الأمن في محافظة بني سويف بصعيد مصر، قد تلقت بلاغاً من عم المتهمة، قال فيه إن ابنة شقيقه البالغة من العمر23 عاما، قد حملت طفلا وقتلته، وكشفت التحقيقات أن المتهمة كانت على علاقة غير شرعية مع زوج شقيقتها وأسفرت هذه العلاقة عن وجود طفل غير شرعي، وقبل أن تمر 24 ساعة على ولادته، توجهت هي ووالدتها إلى منطقة نائية وقاموا بدفنه حيا! . وصفقه لبيع طفل نموذج أخر من الأمهات ذوات القلوب الحجرية، وان كانت أرق قلبا من سابقتيها، فهي لم تعمد إلي قتل طفلها وإنما عرضته للبيع لتشتري بثمنه قطعة أرض تشيد فوقها بيتا تؤوي فيه أشقاءه الآخرين !. وكانت الشرطة قد ألقت القبض علي «سمسار» يحاول عقد صفقة بيع طفل رضيع لسيدة عاقر فأرشد عن الأم. وقالت هانم، أنها كانت تمر بضائقة مالية وتتكدس هي وأولادها داخل شقة مشتركة مع أسرة أخرى، فخطر ببالها فكرة بيع ابنها الرضيع، لتشتري بثمنه قطعه ارض تشيد بيتا فوقها «! . خميسة البالغة من العمر 22 عاما تحكي قصة مماثلة بدورها عند الاستماع إليها لدى الشرطة من أجل بيع طفل قائلة: تزوجت بجابر سعد عبدالقادر وهو في نفس عمري تقريبا وكان يسكن معنا في نفس المنزل وبعد زواجنا بشهر واحد علم أنني حامل فتركني وبعد أن أنجبت توءما عمرو ومحمود لم أستطع استخراج شهادتي ميلاديهما لعدم وجود الأب، فاقترح علي زوج أمي بيع أحد الطفلين ووعدني أن من يشتريه سيستخرج له شهادة ميلاد، ويقوم بتطعيمه.. ويوفر له حياة كريمة وأمام إلحاحه المستمر.. وسوء أحوالي المادية، بعت محمود بعشرة آلاف جنيه بعد أن وعدني السمسار الذي اشتراه بأنني سأراه في الوقت الذي أريده، فلما لم يف بوعده حررت محضرا في قسم الشرطة وفضحت القصة حتى استعدت ابني. ويري د. علي ليلة أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس أن »هذه الظاهرة نتيجة لأمرين أولهما يرجع للمناخ الاقتصادي بشكل عام ووجود أكثر من 50% من السكان تحت خط الفقر وأن 25% من هؤلاء السكان، يعتبرون تحت خط الفقر المدقع، فالجوع القاتل والظروف الحياة للأسر قد يدفعها للتخلي عن أي شيء، وتقوم حتى ببيع أبنائها وقد تنظر الأم إلى راحة ابنها وأنه سيتم تربيته بشكل أفضل وفي جو آمن بعيدا عن شبح الفقر.