أمام كل ما يطالعنا، أو نطالعه من أخبار الجرائم، لا يعلم المرء أي مكان في هذا الوطن يمكن أن يكون في منأى عن الجرائم. فالقتل دخل إلى رحاب الجامعة واخترق حرمتها، وهو أمر له من الهول ما يجعل الرضيع يشيب، كما يقال. والمجرمون باتوا يستطيعون اقتحام المستشفيات، وإرهاب العاملين بها، وإرغامهم على علاجهم بالقوة وبالمجان كما حدث بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بقسم المستعجلات بفاس. فلا الشوارع والأزقة، ولا المنتزهات والحقول ولا المنازل والمقاهي، ولا الحافلات والقطارات، ولا المدارس والمساجد، ولا مكان تقريبا، يبدو أنه في منأى عن الجرائم، فأين يمكن للمواطن المغربي أن يطمئن على نفسه وعلى أبنائه ويجزم أن هذا المكان الذي يقف فيه أو يجلس به، هو المكان الآمن. فلا اكتظاظ المحاكم والسجون ولا الاعتقالات ولا إطلاق الرصاص ولا كل ذلك، يبدو أنه حدَّ أو يحد من هذه السيول الجارفة للإجرام، كما أن لا شيء في الأفق لا المنظور ولا البعيد ينبئ بأن الإجرام قد يقل أو يخفت. لذلك نخشى ألا يعثر المواطن المغربي غدا على أي مكان آمن، ولن يعثر على الأمن إلاّ كمفردة لغوية في القاموس دون أن تعني معناها!