أوشك جدل مسطري أثير داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب أن يحول دون استضافة هذه الأخيرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط مساء يوم الثلاثاء الماضي، إذ اعتبر أعضاء من اللجنة أن اتخاذ رئيسها بمبادرة فردية منه قرار استدعاء مسؤولي المؤسستين دون علم باقي أعضاء مكتبها يعد إخلالا بالمساطر المعمول بها بل وللقانون الداخلي لمجلس النواب. وأجمع أعضاء اللجنة على وجود خلل في التنظيم، على اعتبار أن دعوة مسؤولي مؤسستين دستوريتين داخل لجان البرلمان يجب أن يتم بطلب من رئيس مجلس النواب وبمبادرة منه أو بطلب من الحكومة أو رؤساء الفرق البرلمانية أو بطلب رئيس اللجنة شرط موافقة مكتب اللجنة، وذلك حسب منطوق الفصل 41 من النظام الداخلي لمجلس النواب، لكن في هذه الحالة لم يتبع رئيس اللجنة مختلف الشكليات والمساطر الجاري بها العمل. وأوضحت رشيدة الطاهري عضو فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، أن هذا الإخلال المسطري الذي كان محور نقاش تم تسجيله من قبل أعضاء اللجنة، عبر الإشارة إلى كون تنظيم مثل هذه اللقاءات مع مؤسسات دستورية كان يجب أن يراعي ما تنص عليه مقتضيات المادة 41 من النظام الداخلي لمجلس النواب٬ فضلا عن مراعاة مقتضيات الدستور الجديد، خاصة المادة 160 منه التي تضع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط ضمن صنف المؤسسات الدستورية المنصوص عليها في الفصل 161 إلى 170 والتي هي ملزمة بتقديم تقرير سنوي عن أعمالها مرة واحدة في السنة إلى البرلمان ويكون محط مناقشة. وأضافت المتحدثة، أن أعضاء اللجنة بعد تسجيل هذه الملاحظة كتنبيه لعدم تكرار مثل هذا الإخلال أعلنوا تجاوز الأمر والتفاعل الإيجابي مع عقد هذا الاجتماع احتراما للهيئات التي تعد مؤسسات دستورية لها مكانتها الهامة في المشهد الحقوقي المغربي. الجدل المسطري حسب بعض المصادر أثير بالأخص حينما تبين لأعضاء اللجنة أن الأمر لا يتعلق بيوم دراسي كما هو متضمن في العنوان ممحورا حول «أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب» بل يتعلق باجتماع خصص لتقديم المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط لعرضين بمثابة تقريرين عن مجالات صلاحياتهما والأنشطة التي قاما بها طيلة ما يقارب السنة، في حين أكدت مصادر أخرى أن فريق العدالة والتنمية وزع حتى قبل عقد الاجتماع لرسالة يطالب فيها بتأجيل اليوم الدراسي اعتبارا لوجود إشكالات مسطرية وقانونية، بل واعتبارا لكون الدستور الجديد يلزم هذه المؤسسات في علاقتها بمجلس النواب عرض تقاريرها في جلسة عمومية وليس بصيغة اليوم الدراسي . هذا وفي عرضه قدم إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان المهام الأساسية المنوطة بالمجلس والأنشطة التي يقوم بها انطلاقا من الظهير المؤسس له ممثلة في رصد انتهاكات حقوق الإنسان عبر إجراء التحقيقات والتحريات وإنجاز التقارير، وزيارة أمكان الحرمان من الحرية، هذا فضلا عن تلقي الشكايات ودراستها ومعالجتها والتصدي التلقائي لانتهاكات حقوق الإنسان، والتدخل الاستباقي في حالات التوتر الاجتماعي الكفيلة وبالتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان. كما استعرض اليزمي مختلف الأنشطة التي قام بها المجلس في علاقة بالمؤسسة التشريعية، وكذا تلك التي تندرج في إطار مساهمته في إعمال الدستور الجديد وإعداده لآراء استشارية تهم كل من هيئة المناصفة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمحكمة الدستورية. وأفاد اليزمي أنه في إطار تعزيز حماية حقوق الإنسان، وصل المجلس تلقي ومعالجة شكايات المواطنين والمواطنات، معلنا أنه توصل إلى غاية 31 مارس من هذه السنة(2012) بما مجموعه 20238 طلبا وشكاية، كما استقبل 9195 مواطنا ومواطنة. ومن جانبه استعرض عبد العزيز بنزاكور رئيس مؤسسة الوسيط المنصوص عليها في المادة 162 من الدستور الجديد، والذي صنفها «مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة٬ مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين٬ والإسهام في ترسيخ سيادة القانون٬ وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف٬ وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية». وأبرز رئيس مؤسسة الوسيط من خلال ذلك المهام والصلاحيات المنوطة بها، مبرزا أن عددا من الشكايات التي تتلقاها المؤسسة لا تدخل ضمن اختصاصاها، معلنا عن تنظيم لقاءات جهوية تخصص لتوضيح مهام ومجالات اختصاص مؤسسة الوسيط التي تروم بالأساس إلى إحداث نوع من التصالح بين المواطن وإدارته ضمن ما تتيحه القوانين والأنظمة الجارية في شفافية واحترام تام لمبدأ المساواة.