ورش المخطط التشريعي الكبير يفتتح البرلمان، يومه الجمعة، دورته الخريفية للسنة الثانية من الولاية التشريعية التاسعة في خضم شبه إجماع على أن تكون هذه الدورة انطلاقة فعلية للعمل البرلماني، الذي سيعطي صورة مغايرة لدى الرأي العام عما ألفه في الولايات السابقة، وفي سباق مع الزمن لتنزيل النصوص التشريعية المؤسسة طبقا لمقتضيات الدستور الجديد، الذي مضى على دخوله حيز التنفيذ حوالي السنة ونصف. وطبقا لمقتضيات الدستور يترأس جلالة الملك يومه الجمعة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، وسيلقي جلالته خطابا أمام ممثلي الأمة، يتضمن التوجيهات الملكية للفترة المقبلة. ويسود إجماع كبير على أن السنة الثانية من الولاية التشريعية الحالية ستكون انطلاقة فعلية للعمل التشريعي بالبرلمان، وخصوصا بمجلس النواب. الذي ينتظر أن تعرف أسلوبا جديدا في العمل البرلماني، لاسيما ما يتعلق بالرفع من وتيرة الأداء البرلماني، والتسريع بإخراج القوانين التنظيمية. وبرأي المتتبعين والبرلمانيين، فإن الدورة الحالية للبرلمان تشكل محطة أساسية ذات أهمية بالغة، خصوصا على مستوى إنتاج صورة جديدة من شأنها تجاوز اختلالات التجارب السابقة، وإعادة ثقة المواطن بالمؤسسة التشريعية. وأكد رشيد روكبان، رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، أن البرلمان، وخصوصا الغرفة الأولى، تنتظره رهانات كبيرة وتحديات كثيرة. مضيفا في حديث لبيان اليوم، أنه «بعد السنة الأولى من الولاية التشريعية الحالية، التي تميزت بالعمل المتواصل والدؤوب لتحضير الترسانة القانونية، فإنه من المؤمل أن تعرف الدورة الحالية الانطلاقة الفعلية للعمل البرلماني، خصوصا فيما يتعلق بتنفيذ المخطط التشريعي الذي يضم حوالي 14 نصا تنظيميا وعشرات النصوص التشريعية الأخرى. وقال رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب «ينتظر أن تعرف الدورة الخريفية الانطلاقة الفعلية لتنزيل المخطط التشريعي»، ويعتبر فريق التقدم الديمقراطي، حسب رشيد روكبان، أن القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية المتقدمة يكتسي أولوية بالغة خلال هذه الدورة، باعتباره يمهد للاستحقاقات الانتخابية المرتقب تنظيمها السنة المقبلة، بالإضافة إلى تعديل القانون التنظيمي للمالية. كما يعتبر فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب أن القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية كذلك يكتسي أهمية بالغة في ترتيب أولويات الفريق، ويدعو إلى الإسراع بإعداده. وتتضمن أولويات الفريق ضرورة اتخاذ إجراءات واقعية وملموسة على مستوى محاربة الفساد، وتعديل ومراجعة القوانين المتعلقة بهيئات الحكامة، والإسراع بإعداد القوانين التنظيمية المتعلقة بلجن تقصي الحقائق، وملتمسات التشريع، وغيرها. وعلى مستوى الرقابة أكد رشيد روكبان على ضرورة التفكير في تغيير صيغة الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية، والبحث عن صيغ متوافق عليها بين مكونات المجلس بخصوص الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة. وفي نفس السياق فإنه بات من الضروري إخراج القانون التنظيمي الخاص بلجن تقصي الحقائق إلى حيز الوجود. ودعا روكبان كذلك إلى ضرورة إحياء وتطوير مجموعات الصداقة البرلمانية، في إطار الدبلوماسية البرلمانية الموكولة إلى المؤسسة التشريعية. وهناك واجهات أخرى لتطوير العمل البرلماني، وبالخصوص تقوية دور المعارضة، والتفكير في منحها مزيدا من الاختصاصات والصلاحيات، وتقوية حضور النساء والشباب، وفتح المجال أمام الطاقات التي يتوفرون عليها لزرع المزيد من الدينامية في العمل البرلماني. ومن جانبه أكد نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، أن الدورة الخريفية للبرلمان ستكون محطة متميزة، من خلال برنامج العمل الذي ينتظر المجلس، والمتمثل بالخصوص في تنزيل النصوص التنظيمية الواردة في الدستور، وأيضا بالنظر إلى الرغبة الأكيدة في الرفع من وتيرة أداء البرلمان، وخصوصا مجلس النواب، باعتباره التحدي الكبير، بهدف إعطاء صورة مخالفة للتجارب السابقة، في ظل دستور جديد منح اختصاصات واسعة للمجلس، وترجمة ذلك عبر المساهمة الفعالة في التشريع، وتقديم مقترحات قوانين والمساهمة في مشاريع القوانين. وأعرب رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية عن أسفه لما يعتري العمل التشريعي مما أسماه «البطء» المسجل على مستوى إعداد وإحالة النصوص التنظيمية، وقال في تصريح لبيان اليوم، «كنا نأمل أن تسرع الحكومة في إخراج هذه القوانين التنظيمية إلى حيز الوجود»، وأشار إلى أن جميع مكونات المجلس، أغلبية ومعارضة، تتوفر على إرادة مشتركة من أجل الرقي بالعمل البرلماني، وتحسن جودته، ولها رغبة للعمل على الاستجابة لانتظارات المواطنين فيما يتعلق بحياتهم اليومية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. ويتضمن المخطط التشريعي للحكومة خلال الولاية التشريعية الحالية أربعة عشر قانونا تنظيميا، منها القوانين التي سيتم إعدادها قبل متم السنة الحالية، وقد يحال بعضها على الدورة الخريفية الحالية، وعلى رأسها القانون التنظيمي للجهوية، الممهد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي يتوقع تنظيمها صيف السنة المقبلة، والقانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لها، والذي تسير كل المؤشرات إلى قرب الانتهاء من إعداده، وسيكون جاهزا قبل متم السنة الحالية، نفس الشيء ينطبق على القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، الذي سينتهي إعداده قبل دجنبر المقبل. المخطط التشريعي للحكومة يتضمن أيضا مشاريع القوانين التنظيمية التي لن ينتهي إعدادها إلا في غضون السنة المقبلة، وتهم هذه القوانين القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والقانون المتعلق بتحديد انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، ثم القانون التنظيمي للمالية. وحسب الجدولة الزمنية المقترحة لإعداد القوانين التنظيمية، باعتبارها قطب الرحى في تنزيل مضامين دستور فاتح يوليوز 2011، فإن فترة الانتهاء من إعداد العديد من هذه القوانين تبقى غير محددة، ولكن المؤشرات تسير إلى أن أغلبية النصوص التنظيمية سيتم إعدادها قبل نهاية الولاية التشريعية الحالية، وخصوصا القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية، والقانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وبالموازاة مع النصوص القانونية التنظيمية، فإنه ينتظر أن تنكب الدورة الحالية على مناقشة العديد من مشاريع القوانين العالقة، وبالتالي الرفع من مردودية المؤسسة التشريعية، أمام الانتقادات التي وجهت لها خلال الدورتين السابقتين، واللتين تميزتا بشح في القوانين التي تمت المصادقة عليها.