يستعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان لبلورة رأي حول المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إذ قدم لأعضائه خلال أشغال دورته العادية، المنعقدة أول أمس السبت، مشروع مذكرة تتضمن رؤيته لإصلاح السلطة القضائية بما يستوجبه ذلك من مراجعة لمختلف التشريعات القائمة لضمان استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة وتقوية النظام الأساسي للقضاة وضمان حماية قضائية حقيقية للحقوق والحريات الأساسية. مضامين هذه المذكرة آثر المجلس أن تبقى طي الكتمان إلى حين أن يتدارسها أعضاء المجلس ويتم التصويت عليها، إذ لم يتطرق إليها إدريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الكلمة التي افتتح بها أشغال هذه الدورة الثالثة، وتمت الإشارة إليها فقط في بلاغ الإعلان عن عقد الدورة. وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوصها أنه انطلاقا من قناعته بأن ضمان استقلالية القضاء، كما نص عليه دستور فاتح يوليوز 2011، يستوجب مرافقة هذا التعديل الدستوري بمراجعة عميقة للتشريعات القائمة لضمان استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة وتقوية النظام الأساسي للقضاة وضمان حماية قضائية حقيقية للحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك على مستوى المحكمة الدستورية واسترجاع ثقة المواطنين في النظام القضائي. كما تم خلال هذه الدورة تقديم مذكرة المجلس التي أعدها بشأن إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز للمصادقة عليها، علما أن المجلس سبق وأن أعد دراسة مقارنة بشراكة مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة، قارب فيها عددا من التجارب الدولية في مجال مأسسة مكافحة التمييز، وذلك كمساهمة منه في توفير أرضية لإطلاق حوار وطني من أجل إعمال مقتضيات الدستور في مجال مكافحة التمييز لاسيما إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز. هذا وفي كلمته شدد إدريس اليازمي على أهمية التفاعل مع الحكومة والمؤسسة التشريعية فيما يتعلق بإبداء الرأي حول مشاريع القوانين المقترحة أو بعض مشاريع المراسيم، قائلا «إنه ضروري ومثمر»، مؤكدا على استعداد المجلس لتعميق هذا النوع من العلاقات التي كان لها وقع إيجابي على سبيل المثال على مستوى مشروع القانون المتعلق بالضمانات الممنوحة للعسكريين، ومشروع منشور رئيس الحكومة بشأن تمويل الجمعيات. وحرص رئيس المجلس في هذا الصدد على التأكيد على تقوية العلاقات مع عدد من الشركاء المؤسساتيين بما فيهم المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، معلنا بخصوص هذه الأخيرة على الإعداد المستعجل لحصيلة العلاقات المؤسساتية بين الطرفين على المستوى الوطني والجهوي بغرض تأمين فعالية وتكاملية تدخلاتهما وسرعة أدائهما اتجاه المواطنات والمواطنين . ولم يفت اليازمي أن يلفت الانتباه إلى حرص المجلس على تنفيذ التوصيات التي يقدمها في مختلف تقاريره ومذكراته معلنا في هذا الإطار على الحرص على متابعة إعمال التوصيات بل والإلحاح على إعمالها، لأنه، يقول المتحدث، «من غير المجدي إعداد التقارير وعشرات التوصيات لنقف بعد بضع سنوات على أنها لم تنفذ»، مشددا على أن «المواطنين يطالبون عن حق بالتمتع الفعلي بالحقوق وليس فقط تضمينها في النصوص والإعلانات». هذا وبدا رئيس المجلس منشرحا للتصريح - التقييم الذي أدلى به المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب في ختام نهاية مهمته بالمغرب، اتجاه العمل الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية تساهم في تطوير ثقافة حقوق الإنسان، بل وتشكل تجسيدا حيا للإرادة السياسة التي تروم إرساء هذه الثقافة. وأبرز إدريس اليازمي على أن هذا «التقييم الصادر عن إحدى آليات النظام العالمي لحماية حقوق الإنسان ومن شخصية مشهود لها بكفاءتها العالية وبنزاهتها ومصداقيتها وبمهنيتها، يعد مصدر فخر وترسيخ للمجهود اليومي للمجلس، مما يلزم هذا الأخير بمعية لجانه الجهوية بذل المزيد من الجهد والعطاء لحماية وتعزيز حقوق الإنسان لكافة المواطنين والمواطنات وخصوصا المجموعات الهشة منه».