لم يتردد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة، في تصريحات صحفية على هامش زيارته الحالية للمغرب، في التأكيد على تميز التجربة السياسية لحزب التقدم والاشتراكية، ووصف تجربته اليوم من خلال المشاركة في الحكومة الحالية بكونها «ظاهرة تستحق الدراسة»، وبأنها بمثابة مختبر مخالف لما يجري في بقية العالم العربي، لافتا إلى أن هذه التجربة ستحكم عليها النتائج التي ستحققها بعد فترة من الممارسة، كما دعا إلى مواكبة التجربة، واستخلاص الدروس والعبر التي ستتمخض عنها. الزعيم الشيوعي اللبناني، الذي يستند إلى تجربة حزبية متفردة في بلاده، لم ينح منحى توزيع الأحكام المسبقة، ولم يعتمد اللغة السهلة والكلام الجاهز، إنما دعا إلى إعمال التفكير والتأمل في مسار تجربة سياسية محكومة بسياق وطني يختلف عما يعيشه اليوم المحيط العربي والمغاربي، وتمنى على الحزب المعني بها إنجاز دراسات حول مسار المرحلة الحالية في المغرب من أجل الاستفادة منها. أهمية ما ورد أعلاه تبرز في إبعاد «الأحكام المسبقة»، والاحتكام بدل ذلك إلى منهجية التحليل الملموس للواقع الملموس، وعدم التردد في خلخلة المنظومات الفكرية الجاهزة والنمطية، والارتباط أكثر بالواقع في مختلف دينامياته وتحولاته، ولعل هذه «الثورة الثقافية» هي المطلوبة اليوم وسط كثير من ثوريينا الجدد، وذلك حتى نجعل الحوار السياسي والإيديولوجي يقوم على الأفكار والاجتهادات، وليس على الاتهامات، وعلى المواقف المسبقة التي لا تقبل أن تفتح لنفسها ولو نافذة صغيرة تطل منها عما حصل ويحصل في العالم. من دون شك، لا زالت هناك تباينات في الرأي والتقدير بشأن عديد قضايا فكرية وسياسية بين حزب التقدم والاشتراكية المغربي ورفاقه في الحركة اليسارية والشيوعية والعمالية العربية، وذلك بسبب اختلاف السياقات والمسارات وخصوصيات نضالات الشعوب وقواها التقدمية، لكن حرص الشيوعيين اللبنانيين اليوم، وقبلهم قوى تقدمية وديمقراطية من فلسطين والعراق والكويت وتونس وغيرها، على زيارة المغرب، والتعرف على تطور تجربته السياسية المتفردة، يبين أن كثير مياه تتحرك، وأن مرجعيات ومقاييس الحكم والتحليل التي سادت في العقود السابقة لم تعد تسعف في فهم ديناميات الشعوب، ومن ثم تبرز الحاجة إلى إحداث رجة فكرية وثقافية وسط العقلية اليسارية العربية، وضمنها المغربية، لإنجاح قراءتها لواقع بلدانها، ومن أجل استعادة ارتباطها بالناس... المبادرات التي يقودها اليوم الحزب الشيوعي اللبناني عبر زيارة أمينه العام إلى البلدان المغاربية، والتفاعل مع قواها التقدمية واليسارية، وتبادل الخبرات والأفكار والتجارب معها، ثم استعداده لاستضافة اجتماع الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في بيروت قريبا، وقيادته لمشروع إنشاء قناة تلفزيونية، هي «اليسارية» التي شرعت في بثها التجريبي منذ مدة، بالإمكان أن تؤسس لأفق جديد في العلاقات، لكن لابد أن تتم مواكبتها بعمل فكري ونظري يروم تأطير المسار في شموليته، وجعله منفتحا على التحولات الجارية، وعلى المستقبل، بلا تكلس أو جمود أو... أحكام مسبقة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته