آلة الإيقاع تسكنني بشكل كبير برز الممثل كمال كظيمي في السلسلة الدرامية «احديدان» التي جسد فيها دور هذه الشخصية التراثية، غير أنه كان حاضرا حضورا قويا قبل ذلك، في العديد من الأعمال الفنية، سواء في إطار فرقة النورس للموسيقى والفنون، حيث كان عازفا ماهرا على آلة الإيقاع، فضلا عن أدائه الصوتي القوي، أو في إطار فرقة اللواء المسرحي التي جسد فيها العديد من الأدوار المركبة ونال جوائز هامة، من قبيل الجائزة التي تمنح ضمن مسابقة المهرجان الوطني للمسرح. وفي هذه السلسلة من الذكريات التي خص بها بيان اليوم، يستحضر كظيمي شغب الطفولة، الحي الشعبي السباتة، أسرته الصغيرة، نضال والده بالخصوص، الولع بآلة الإيقاع، عشق المسرح، فرقة النورس، شخصية احديدان، النجاح والإخفاق، علاقته بالمخرجين المسرحيين، علما بأنه اشتغل في العديد من الفرق المسرحية، وكان يوثر ذلك، أسفاره داخل الوطن وخارجه، مغامراته ومجازفاته، جنونه، مشاريعه المؤجلة.. - 2 - رغم صغر سني، كانت لدي بوادر نقدية، فكنت أقيم ما يعرض أمامي من أعمال فنية، وفعلا كنت صائبا في إشاراتي. ذهبت إلى المعهد البلدي، حيث درست على يد المرحوم محمد سعيد عفيفي والأستاذ الطالعي، وبالموازاة كان لدي إحساس بأن ما هو نظري غير كاف، فحرصت على أن أطبق ما أتلقنه من دروس في فن المسرح، فتوجهت نحو فرقة الفنان المسرحي محمد التسولي، واندمجت فيها، حيث شاركت في مجموعة من عروضها، من قبيل مسرحية عطيل والخيل والبارود للكاتب المسرحي عبدالكريم برشيد، و»العربة»، «وروموليوس العظيم»، وقد حظيت هذه المسرحية بأول دعم للإنتاج، من طرف وزارة الثقافة. بعد ذلك اتجهت إلى فرقة مسرحية أخرى، لأنني كنت أرى أن المسرح الكلاسيكي، قد استنفدته، وعلي أن أخوض تجارب أخرى، فانتقلت إلى فرقة اللواء المسرحي، والتي ما زلت معها إلى يومنا هذا، وأنا حاليا هو رئيس الفرقة ورغم ذلك لم أكن أميل إلى أن أظل غارقا في فرقة بعينها، فهذه المسألة في اعتقادي ليست صحية، فرغم أنني كنت في فرقة اللواء ومازلت، كنت دائما أبحث عن تجارب أخرى، اشتغلت في فرقة شفيق السحيمي، حيث قمنا بتشخيص العديد من أعمالها المسرحية، من قبيل: «عم ببحرك»، و»المنزه»، التي صورناها للتلفزة المغربية، وشاركت في مسلسله الدرامي «العين والمطفية»، الذي شخصت فيه دور الهبيل، ثم انتقلت إلى فرقة الطيب الصديقي، إيمانا مني العميق بضرورة أن أنوع تجاربي، وبالخصوص مع رجال المسرح الذين طالما سمعت عنهم، فكلما سمعت عن أحد هؤلاء، كيفما ما يكون سلوكه، أجدني منجذبا نحوه، وأحرص على الالتقاء به والعمل إلى جانبه، وفعلا فمعظم رجال المسرح تقريبا، قصدتهم واشتغلت إلى جانبهم، كما هو الحال بالنسبة إلى الطيب الصديقي، وشفيق السحيمي، ومسعود بوحسين، وعبدالعاطي مباركي، وآخرين كثر، وعندما أقوم بجرد في الوقت الحالي لهذه المسيرة، أستنتج أن المسرح هو الأقرب إلى قلبي، رغم أن المسرح المغربي يمر اليوم بظروف صعبة، وأتمنى أن يتجاوز هذه السكتة القلبية، أما مشاركتي في الدراما التلفزية فهي مكملة فقط، في حين أن السينما لي موقف منها. انجذابي نحو آلة الإيقاع وممارستي العزف عليها، كان سابقا لولوجي للمعهد، فهذه المؤسسة ليست هي التي علمتني العزف على آلة الإيقاع، هذه الآلة وجدتها منغرسة في ذاتي، كنت منذ الصغر أبحث عن أي شيء ينطوي على إيقاع، لكي أعزف عليه، ومن بين النوادر التي وقعت لي خلال الدراسة، هو أنني عندما أذهب لشراء المحفظة، فعوض أن أفحص حمولتها ومدى متانتها كما يفعل باقي أقراني، كنت أبحث عن المحفظة التي بها رنة، لأنني دائما، عندما أكون متوجها نحو المدرسة، أضرب على المحفظة وأغني، كذلك الأمر داخل الفصل الدراسي، كان دائما هناك شنآن بيني وبين أساتذتي بسبب ذلك، فوجدت أن آلة الإيقاع سكنتني بشكل كبير، ومن تلقاء نفسي، اشتريت طربوكة وبنديرا، ووجدت نفسي أنني بالفعل أعرف العزف على آلة الإيقاع، بدون أن يعلمني أحد ذلك، لكنني بالرغم من كل شيء رأيت ضرورة أن أدرس الإيقاع.