من دعم الإنتاج والترويج إلى دعم الإبداع الصبيحي يصلح ما أفسده حميش توصل المسرحيون المغاربة ووزارة الثقافة، في لقاء جمعهم يوم الجمعة الماضي (6 يوليوز الجاري) بوزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، إلى اتفاق يتعلق بمشروع القرار المشترك للدعم المسرحي، والذي تمت دراسته خلال اللقاء وقدم فيه المسرحيون مجموعة من الملاحظات والأفكار، ضمنت في الصيغة النهائية للمشروع، ليتم عرضها على وزير الاقتصاد والمالية للمصادقة، قبل أن تصبح الإطار القانوني الجديد لتأطير دعم الإبداع المسرحي خلال الموسم المسرحي الجديد. ومعلوم أن المسرحيين المغاربة قاطعوا برنامج الدعم المسرحي للموسم الماضي بسبب الإجراءات الانفرادية التي اتخذتها وزارة الثقافة على عهد الوزير السابق بنسالم حميش من دون الاستشارة مع مهنيي القطاع المسرحي، الذين اعتبروها ءانذاك قرارات بيروقراطية تنطوي على كثير من التراجعات عن المكاسب التي حققها المسرحيون بفضل علاقة الشراكة التي كانت تربط نقابتهم الأم بوزارة الثقافة منذ مجيء حكومة التناوب. وأسفر قرار الدعم المسرحي، الذي قام حميش بتعديله بشكل مشوه ضدا على مصالح القطاع، عن توتر سياسي ومجتمعي ساد بين المبدعين المغاربة ووزارة الثقافة ترتبت عنه مقاطعة المهرجان الوطني للمسرح في دورته 13 للسنة الماضية، وانسداد آفاق الحوار بين مهنيي المسرح والسلطة الحكومية الوصية على القطاع. ومنذ أن تحمل محمد الأمين الصبيحي حقيبة وزارة الثقافة، وضع ضمن أولوياته عقد مصالحة مع المشهد الثقافي الوطني ووزارة الثقافة، ورأب الصدع الذي سبب في القطيعة، وبالتالي العمل على إرجاع الأمور إلى نصابها.. ذلك ما تبين بالملموس أثناء تنظيم الدورة السابقة للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وتواصل بعقد لقاءات تشاورية مع سائر المنظمات والهيئات التي تمثل المثقفين والمبدعين والفنانين المغاربة. وبخصوص قطاع المسرح الاحترافي، أسفرت المشاورات واللقاءات التي عقدها الوزير مع سائر التعبيرات التنظيمية التي تمثل المسرحيين المحترفين على مجموعة من النتائج الهامة على ضوء تشخيص موضوعي لواقع الممارسة المسرحية ببلادنا.. وقد جاء في البلاغ المشترك الذي صدر عن اللقاء الأولي المنعقد بين وزارة الثقافة والنقابة المغربية لمحترفي المسرح في شهر فبراير الماضي أنه «تم التطرق (في هذا اللقاء) إلى واقع المسرح المغربي إنتاجا وترويجا، وإبداعا وتنظيما. ووقف الجانبان على أهم المميزات التي تسم المشهد المسرحي الوطني، مستحضرين المكتسبات التي تراكمت في هذا الصدد، وكذا الإخفاقات والصعوبات التي يعرفها قطاع المسرح الاحترافي... كما تم التعرض في هذا اللقاء لعدد من القضايا الملحة والأساسية التي يطرحها واقع الممارسة المسرحية ببلادنا سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى دعم الدولة أو على المستوى التنظيمي والمهني، أو على صعيد البنيات التحتية...» ويأتي لقاء الجمعة الماضي (6 يوليوز الجاري) ليتوج مسلسل النقاش والتبادل الذي أطلقه أمين الصبيحي حول عدد من القضايا العالقة والتي يشكو منها الجسد المسرحي الوطني، ولا سيما مسألة تنظيم وعقلنة دعم الدولة للإنتاج والترويج المسرحيين.. بما يعني ذلك حسب ذات البلاغ السابق «تطوير الدعم المسرحي بما يستجيب لطبيعة المرحلة وللمتطلبات المهنية، تحسين المهرجان الوطني للمسرح الاحترافي وإحداث مهرجان مسرحي دولي وتعزيز دعم الوزارة للمهرجانات القائمة.. إحياء الفرق المسرحية الجهوية بتصور جديد، العناية بالوضعية الاعتبارية والمادية للممثل المغربي على وجه الخصوص والفنان المسرحي على وجه العموم، العناية بالتكوين والتكوين المستمر... تفعيل قانون الفنان والإسراع بإصدار القوانين التنظيمية التي ينص عليها، تحيين نظام بطاقة الفنان في أفق تحويلها إلى بطاقة مهنية باعتماد معايير جديدة ودقيقة لطالبيها، واعتماد منهجية الفصل بين المهن الفنية، واتخاذ تدابير من أجل أن تحمل البطاقة آثارا للاعتراف بتخويل حامليها بعض الحقوق كالأسبقية في مجال التشغيل في المسرح والسينما والتلفزيون، وبعض التسهيلات في مجالات النقل والإقامة والولوجية لبعض الخدمات الضرورية...» هذا وخلال لقاء الجمعة الماضي، عرض وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي على الهيئات المهنية العاملة في المسرح الصيغة النهائية لمشروع القرار المشترك بين وزارة الثقافة ووزارة الاقتصاد والمالية الخاص بالدعم المسرحي. وقدم الوزير عرضا عن أهم التعديلات التي أدخلت على القرار المشترك الخاص بالدعم والتي تنبني على تصور جدبد يعتمد أساسا على المشاهدة المباشرة للعمل المسرحي بدل الحكم عليه من خلال الملفات الإدارية والفنية فقط. ولعل أهم التعديلات التي أتى بها المشروع الجديد لأمين الصبيحي، تتمثل في عدم الفصل المنهجي بين دعم الإنتاج والترويج المسرحيين، بحيث صار دعم ترويج الأعمال المسرحية الوطنية مقرونا أوتوماتيكيا بدعم إنتاجها بمجرد موافقة لجنة الدعم على ذلك بعد مشاهدة العرض الأول، وبذلك تنتفي صيغة دعم الإنتاج والترويج القديمة لتحل محلها صيغة جديدة تحت اسم دعم الإبداع. وشكل الاجتماع أيضا فرصة لتقييم الدورة 14 للمهرجان الوطني لمسرح بمكناس٬ حيث ركز المتدخلون على أهمية إحداث إدارة قارة لهذه التظاهرة تشتغل طيلة السنة إلى جانب لجنة لانتقاء الأعمال تعاين العروض منذ انطلاق الموسم. كما تم التأكيد على ضرورة إعادة النظر في الشراكة بين الوزارة والجماعة الحضرية لمكناس وإشراك متدخلين آخرين لتحسين الخدمات اللوجيستية المرتبطة بالمهرجان. وأشاد المشاركون في اللقاء بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح٬ وحثوا الوزارة على تطويره ليشمل مجالات أخرى إلى جانب الندوة العلمية للمهرجان التي ينبغي أن تضم كل الأسماء والرموز والتجارب المعنية بالمجال المسرحي بالمغرب. ويشار إلى أن الوفد المسرحي الذي التقى بوزير الثقافة الجمعة الماضي كان مكونا من مختلف ألوان الطيف المسرحي ببلادنا٬ وخاصة ممثلي الهيئات المهنية العاملة في مجال المسرح٬ من النقابة المغربية لمحترفي المسرح٬ وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي٬ والفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة٬ ونقابة المسرحيين المغاربة٬ فضلا عن مشاركة لجنة التحكيم التي أشرفت على مسابقة الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح الذي انعقد بمكناس مؤخرا.