أجزم أن مصالح شعبنا تقتضي التمسك بموقف عدم الذهاب إلى مفاوضات مباشرة في ظل المعطيات الموجودة أكد مفوض الإعلام والثقافة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» محمد دحلان، أن الجانب الفلسطيني يمتلك خيارات عديدة للتعامل مع النهج الإسرائيلي، مشددا على ضرورة عدم الانتقال للمفاوضات المباشرة في ظل عدم إحراز أي تقدم. منوها إلى أن الذهاب للمفاوضات المباشرة التي يطالب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دون إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة التي حدد لها جدول زمني وموضوعات للبحث هي الحدود والأمن، نكسة وتراجع سياسي، وانهيار في الموقف الفلسطيني أمام التعنت الإسرائيلي. وقال دحلان في لقاء مع وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» نشر أمس الأربعاء «سنقاتل من أجل عدم الذهاب إلى المفاوضات المباشرة، لأننا لم نحصل على أي شيء لغاية الآن من مفاوضات التقريب-غير المباشرة». وبين أن نتنياهو نكل في مفاوضات التقريب منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها، عبر رفعه شعار ضرورة الذهاب إلى المفاوضات المباشرة، وإصراره على إفشال هذه المفاوضات والوصول إلى اللحظة التي يملي علينا أجندته في المفاوضات المباشرة. ولفت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إلى استجابة الجانب الفلسطيني منذ البداية للمطالب الأميركية، وإلى أن فكرة وقف الاستيطان كانت نتاج اجتهاد ثمناه من الرئيس اوباما لكنه تراجع عنه، مبينا أن الإدارة الأميركية هي التي اقترحت مفاوضات التقريب، وتم التوصل بعد جدل داخلي فلسطيني طويل وبالتنسيق مع لجنة المتابعة العربية إلى الذهاب لهذه المفاوضات، وإعطائها مهلة أربعة أشهر، وإذا فشلت يتم الذهاب إلى مجلس الأمن وليس إلى مفاوضات مباشرة كما يريد نتنياهو. وشدد على أن ذهابنا إلى المفاوضات المباشرة لن يكون له أي معنى سوى إعطاء مصداقية لأقوال نتنياهو وهي أن الطرف الفلسطيني لا يأتي إلا بالقوة والضغط. واعتقد مفوض الإعلام والثقافة في فتح، أن المفاوضات المباشرة لم يعد لها لزوم، ولم تعد ذات قيمة، لكنه نوه إلى أننا لا نرفض الذهاب إلى هذه المفاوضات، وسنتوجه إلى لجنة المتابعة العربية التي أخذت قرارا في شهر مارس الماضي، بإعطاء مهلة أربعة أشهر على أن نتوجه بعدها لمجلس الأمن. وأضاف أن ما يجري الآن لم يفاجئنا، وكان لدينا في الفترة السابقة تقدير مؤداه أن نتنياهو لا يريد أن يسير في اتجاه المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، لكنه يريد أن يكسب الوقت، ويكسب رضى المستوطنين ويحافظ على ائتلافه الحكومي، وهو لا يؤمن بالسلام ولا بحل الدولتين، والدليل ما يجري في القدس من تدمير ومصادرة. وعبر عن اعتقاده بضرورة عقد اجتماع للقيادة الفلسطينية قبل اجتماع اللجنة العربية، من أجل بلورة توجه واضح بهذا المجال، لافتا إلى أن هذا التوجه سيكون على الأغلب بعدم قبول شروط نتنياهو والذهاب إلى مفاوضات مباشرة ما دام الواقع لم يتغير وما دامت ملاحظاتنا التي عرضناها على ميتشيل لم تؤخذ بعين الاعتبار. وحول التنسيق مع الأشقاء العرب، أكد دحلان ضرورة استمراره لتصحيح الأخطاء السابقة التي ارتكبت في المفاوضات السابقة، مشددا على أننا لا نبحث عبر تنسيقنا هذا عن غطاء، بل نحن نبحث عن تعزيز لموقفنا. وقال «ربما يتوهم نتنياهو أنه ليس لدينا خيارات، وأن الرئيس محمود عباس يمتثل لأوامره ولأوامر الأمريكان حول الذهاب للمفاوضات المباشرة، لكني أجزم أنهم مخطئون، ويجب أن يأخذوا العبر مما حدث في (كامب ديفد) في عهد باراك، حين اعتقدوا أن أبو عمار والوفد الفلسطيني لا يمكنهم رفض الاتفاق الذي كان معدا سابقا، وتم رفضه بالفعل، ويجب أن يفهموا أن هناك فرقا بين القضايا التكتيكية الإجرائية والقضايا الجوهرية ذات البعد الاستراتجي، فقضايا مفاوضات الحل النهائي لها عمق وبعد استراتجي وليست خاضعة للمناكفات الفصائلية، أو للمزاج الشخصي، لذلك من يريد أن يذهب إلى مفاوضات حل نهائي مع نتنياهو مباشرة دون احترام المواقف الفلسطينية ودون التأكيد على حقوقنا الوطنية سيذهب وحيدا دون أي دعم أو غطاء». وأكد دحلان أنه ليس مطلوبا من الشعب الفلسطيني أن يطرح بدائل، بل نحن نطرح خيارات، لافتا إلى أنه كما نحن الآن في مأزق، إسرائيل وأميركا والعرب في مأزق كذلك، وبالتالي على الجميع أن يبحث عن المخارج، ونحن لدينا الوسائل والخيارات، وأهمها أن نحافظ على ما هو موجود في هذه السلطة ونحافظ على علاقاتنا العربية والدولية، وأن نعزز صمود شعبنا في القدس والضفة الغربية، ونقدم كل المساعدة الممكنة لأبنائنا في قطاع غزة، رغم الظلم والقهر الذي يعيشونه، وكذلك علينا التوجه إلى مجلس الأمن وكل المنظمات الدولية التي تساندنا لإحقاق الحق الفلسطيني. وشدد على ضرورة الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي حتى لو اتخذت أميركا قرارا بالفيتو، داعيا أميركا بأن تتحمل مسؤوليتها، فهي ليست مشاهد أومراقب في هذه العملية، وهي التي اقتنعت بضرورة وقف الاستيطان وتم إعلان ذلك من قبل الرئيس اوباما، وبعد ذلك تراجع عن ذلك، لكننا لسنا ملزمين بالتراجع، ولا نريده، لأن هذه قضية إستراتيجية تمس حاضرنا ومستقبلنا، ولذلك لا اعتقد أن هناك قائدا فلسطينيا سيذهب إلى هذه المفاوضات فقط لأن نتنياهو وأميركا يريدون ذلك. وتساءل: كيف سيتفاوض المفاوض الفلسطيني وهو ذاهب راكعا لشروط نتنياهو في عدم وقف الاستيطان؟ مؤكدا أن الجانب الفلسطيني جاهز للذهاب إلى مفاوضات مباشرة شرط وقف واضح وكامل وعلني للاستيطان حسب خريطة الطريق، وحسب تقرير ميتشل، وحسب كل الاتفاقيات التي وقعناها والتفاهمات التي تمت، وسنستمر في مفاوضات التقريب، إذا كانت القدس والحدود على سلم أولويات هذه المفاوضات، وعلى نتنياهو أن يقر بحل الدوليتين وفقا لحدود 1967. ونوه إلى أن الإدارة الأميركية استجابت لكل مطالب نتنياهو، وهذا شأنها، ولكن هذا لا يعطيها الحق بإلزامنا بالذهاب إلى مفاوضات فارغة مليئة بالأكاذيب، نحن نعرف أن هناك اتفاقيات سرية بين نتنياهو وائتلافه الحاكم، وهي قائمة على استمرار الوضع الراهن كما هو عليه، بل وتعزيز الاستيطان، فهو يريد أن يرضي أحزاب المعارضة ويركع القيادة الفلسطينية وهذا ما لن يحدث أبدا. وأكد أن مصالحنا الوطنية أهم من أي شيء آخر، وكل من يعتقد أننا لا نستطيع أن نقول «لا»، يخدع نفسه وشعبه، فنحن نستطيع أن نقول «لا» بأقوى الكلمات، والرئيس عرفات قال «لا» والرئيس عباس كذلك ولم يحدث شيء. وأضاف أن القيادة الفلسطينية تتحمل المسؤولية إذا ترتب مكروه على رفضها لأي شيء يتعارض مع ثوابت شعبنا، وهي جاهزة لدفع الثمن. وأكد أن تمسكنا بقضايا الحل النهائي، سيعطينا وزنا سياسيا في المجتمع الدولي، والمجتمع الإسرائيلي. وأشار إلى أن السيناتور ميتشل سيأتي السبت المقبل إلى المنطقة، وكنا قد سلمناه رؤيتنا حول الأمن والحدود والمياه والقدس واللاجئين بشكل مكتوب، وهذا موقفنا الذي لن نحيد عنه قيد أنمله، ولا ننتظر أن نسمع نصائح جديدة منه، بل نريد مواقف وردا إسرائيليا على مواقفنا التي طرحناها في مفاوضات التقريب، وقال «أنا أجزم أن مصالح شعبنا تقتضي التمسك بموقف عدم الذهاب إلى مفاوضات مباشرة في ظل المعطيات الموجودة». وشدد على ضرورة أن يلازم موقف القيادة هذا تعبئة شعبية، وتواصلا مع القوى الحية في المجتمع العربي والدولي. وحول فعاليات النضال الشعبي الذي انتهجته حركة «فتح» في مؤتمرها السادس قبل نحو عام، نوه دحلان إلى أنها ليست بالمستوى المطلوب، لكنها أفضل مما كانت عليه في السابق، فما يجري من متابعة للأحداث في القدس وفي القرى المتضررة من جدار الفصل العنصري من قبل السلطة الوطنية وقيادة حركة «فتح» يعتبر أمرا جيدا، لكن شعبنا بحاجة لأن يتعود على مثل هذا النضال. وأضاف أن النضال الشعبي والعمل الجماهيري مهم لتعزيز الروح الوطنية. وعبر عن أمله أن ينفض المجلس الثوري في اجتماعه القادم الغبار عنه بعد عام من انتخابه، وأن يضع آليات مختلفة عما كانت عليه خلال العام الماضي. وقال دحلان «لا أعتقد أن أداء اللجنة المركزية لحركة «فتح» كمؤسسة، يتلاءم مع حجم طموحات أبناء الحركة ولا حجم طموحات اللجنة المركزية نفسها، فهناك تقصير وهناك تعثر في العمل لكن يمكننا القول أنها كمؤسسة هي الآن أفضل مما كانت عليه من قبل، خاصة من حيث التناغم في المواقف السياسية والموقف الحركي الداخلي، وأعتقد أن الجمهور الفتحاوي محبط من الأداء الرسمي للحركة، وكعضو لجنة مركزية أوجه اللوم لنفسي أولا قبل الآخرين. وبالنسبة لموقف الحركة من الحكومة، قال دحلان، «إن د. سلام فياض يؤدي واجباته بطريقة إيجابية ومقدرة، لكن هناك بعض الأخطاء والتقصير، ويمكن القول إن التقصير الأوضح تجاه قطاع غزة، وهذا ليس من قبل الحكومة فقط بل من قبل القيادة الفلسطينية ككل، وغزة تستحق منا أكثر من ذلك، ويكفي ظلم الاحتلال وحماس للغزيين». وحول المصالحة الوطنية الفلسطينية، أوضح عضو مركزية فتح، أن من أقدم على الانقلاب لا يريد المصالحة، وشعبنا اكتشف ماهية وخطورة حماس على المجتمع الفلسطيني، ونحن نثمن مبادرة الشخصيات المستقلة نحو المصالحة، لكني أؤكد أنه ليس لدى حماس أي مصلحة في المصالحة، ومصلحتها فقط في عدم إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، وتوقف إسرائيل عن اغتيال أعضائها، والاستفادة من عمليات التهريب للعيش على دماء الشعب الفلسطيني.