نحو فضاء عيش كريم للمواطن في إطار تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة أجمع المشاركون في الملتقى الوطني للحوار حول سياسة المدينة، الذي نظمته وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة على ضرورة مراجعة وإعادة توجيه المنظومة المؤطرة لقطاع التعمير والسياسة السكنية المتبعة٬ ووضع مقاربات جريئة للمسألة العقارية وتمويل التعمير ووضع نظام جبائي ملائم ومحفز ومنظومة تكوين فعالة. وأكد محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة في ختام هذا الملتقى الوطني، أول أمس الأربعاء، على أن نجاح سياسة المدينة يقتضي إعادة النظر في المنظومة القانونية للتعمير بهدف التحكم في التنمية الحضرية ومد القطاع بالآليات الضرورية للتنفيذ. وأضاف الوزير، أن إصلاح المنظومة القانونية للتعمير يقتضي كذلك إصلاح نظام تدبير العقار العمومي ووضع آليات لتجديده في إطار استراتيجي قانوني وعملي يتلاءم مع حاجيات المدن الجديدة والأنسجة الحضرية العتيقة، بالإضافة إلى إحداث مرصد وطني لسياسة المدينة يرتكز على مؤشرات للتتبع والتقييم، وكذا تقوية مجالات التكوين في هذا المجال. من جانب أخر، أكد نبيل بنعبد الله على أن نجاح سياسة المدينة يقتضي انخراط العديد من الشركاء وفي مقدمتهم وزارة الداخلية، مشيرا إلى أن وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة لها دور رئيسي في أجرأة هذه السياسة، خاصة على مستوى التنسيق بين مختلف برامج القطاعات الحكومية ذات الصلة بهذا المجال، لكن انخراط وزارة الداخلية في هذه العملية عبر جميع الوسائل التي تتوفر عليها، هو أمر ضروري من أجل تنفيذ مشاريع البرامج المدرجة في إطار سياسة المدينة، على اعتبار أن وزارة الداخلية لديها شبكة من رجال السلطة كالولاة والعمال ومختلف أطر الوزارة الموزعين على مجموع التراب الوطني الذين يعتبرهم نبيل بنعبد الله، من الكفاءات الأكثر خبرة والقادرة على مواكبة جميع المشاريع التي تطرحها الحكومة بالإضافة إلى أهمية الشراكة مع المجتمع المدني والمجالس المنتخبة على المستويين المحلي والإقليمي في أفق إطلاق ورش الجهوية المتقدمة التي نص عليها الدستور الجديد. وفي ذات السياق أكد نبيل بنعبد على أن قطاع السكنى والتعمير وسياسة المدينة يضع الخبرة والكفاءات التي يتوفر عليها رهن إشارة المدن التي تقترح مشاريع في إطار سياسة المدينة من أجل مصاحبتها في مسلسل تنفيذ هذه المشاريع. ومن جانبه، أكد عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، على أن الحكومة المركزية لا يمكن أن تنجح في عملها دون انخراط المجالس المنتخبة بشكل ديمقراطي، وبالتالي يضيف الرباح، فإن نجاح سياسة المدينة يقتضي الانخراط الضروري لكل الشركاء المحليين وفي مقدتهم المجالس المنتخبة. وأعتبر عبد العزيز الرباح أن سلطة الوصاية التي تضطلع بها وزارة الداخلية على المجالس المنتخبة تعرقل عمل المنتخبين وتساهم في تضييع فرص التنمية على الجماعات المحلية، كما تحرم المنتخبين من إنجاز وتنفيذ مشاريعهم. وأوصى وزير التجهيز والنقل بالمناسبة، بإعادة توجيه المشاريع الكبرى المرتبطة بالموانئ والمطارات والطرق السيارة والسكك الحديدية، وجعلها منفتحة على محيطها المباشر لتصبح بمثابة رافعة حقيقية لسياسة المدينة. ونفس الشيء ذهب إليه الحسين الوردي، وزير الصحة، الذي أكد على أن المشاريع التي يتم إنجازها في مجال الصحة سواء من طرف القطاع العام أو من طرف القطاع الخاص يتعين أن تندرج في هذا السياق من أجل تحسين ولوج المواطنين للعلاج، وجعل المرفق الصحي في صلب سياسة المدينة. كما أوضح الحسين الوردي أن مواكبة سياسة المدينة يقتضي تأطيرا قانونيا ومؤسساتيا متطورا يمكنها من الآليات الكفيلة بتوفير فضاء عيش كريم للمواطن في إطار تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة. وخلص الملتقى إلى مجموعة من التوصيات الرامية إلى تعزيز استدامة المدن عبر إحداث فضاءات عيش لائقة تأخذ بعين الاعتبار محدودية الموارد، وضرورة الحفاظ على محيط العيش، وتطوير بيئة حضرية سليمة، والعمل على وضع الشروط الملائمة للنهوض بالمدينة على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بالإضافة إلى وضع مخطط وطني للمدن يهدف إلى تنمية المدن الكبرى وتعزيز المدن المتوسطة والصغرى وإنعاش المراكز الصاعدة وتأطير إحداث الأقطاب الحضرية الجديدة، وتأهيل الأنسجة العتيقة ووضع إطار مؤسساتي وقانوني وتمويلي ينظم التدخل في الأنسجة العتيقة والدور الآيلة للسقوط والتجديد الحضري. كما أوصى هذا الملتقى بتفعيل التعاقد كآلية ضرورية في إطار الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الالتقائية بين مختلف المتدخلين، ووضع إطار بين- وزاري تحت إشراف رئيس الحكومة، وإشراك المجتمع المدني في إطار التجاوب الفعلي مع انتظارات المواطنين، ورد الاعتبار لقيم الانتماء والهوية المحلية. كما أن الوثيقة المرجعية لسياسة المدينة التي أقرها الملتقى الوطني، شددت على ضرورة الانخراط الكلي للحكومة من خلال تعبئة مواردها البشرية والمادية، ووضعها في خدمة هذا المشروع المجتمعي الذي يجب أن تنخرط فيه منظمات المجتمع المدني العاملة في مجالات الشباب والطفولة والصحة والثقافة والمسرح والموسيقى والمرأة والبيئة، وكل المجالات التي تشتغل عليها منظمات المجتمع المدني، بهدف وضع تصور مندمج لمشاريع التنمية الحضرية، ووضع مقاربة شاملة للتدخل في الشبكة الحضرية تختلف حسب حجم المدن والأولويات الترابية.