بحضور فعاليات من المجتمع المدني وعدد من الهيئات والمؤسسات المهتمة بالمجال الصحي، انطلقت أمس بالرباط فعاليات جلسات الاستماع العمومية التي تنظمها وزارة الصحة في إطار برنامجها التواصلي «انتظارات» في أفق الناظرة الوطنية حول الصحة وبلورة الميثاق الوطني للصحة. وفي كلمته خلال افتتاح هذه الجلسات العمومية، أكد الحسين الوردي وزير الصحة على أن الغاية من هذه المبادرة هي الاستماع إلى أراء واقتراحات كل القوى والطاقات والكفاءات الوطنية من أجل بلورة سياسة صحية تستجيب لانتظارات وتطلعات المواطنين والمواطنات عبر مقاربة تشاركية تستمد مشروعيتها من روح الدستور الجديد. وأوضح الوزير أن المقتضيات الجديد التي جاء بها الدستور تنص على ضرورة إحداث هيئات للتشاور في مجال إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها، كما تحمل الدولة والمؤسسات والجماعات الترابية مسؤولية تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة. وأضاف الحسين الوردي أنه انطلاقا من الأرضية الدستورية أولت الحكومة القطاعات الاجتماعية وخاصة قطاع الصحة مكانة محورية ضمن البرنامج الحكومي من خلال التأكيد على ضمان الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية وضرورة تسطير أهداف واقعية وطموحة وقابلة للتحقيق في أفق 2016 بالإضافة إلى العمل على تعزيز ثقة المواطن في منظومته الصحية في إطار تشاركي مع كافة المتدخلين. وتروم وزارة الصحة، بحسب الحسين الوردي، جعل جلسات الاستماع التي ستستمر إلى غاية 5 يوليوز القادم، العمل بطريقة تشاركية رسم سياسة صحية تستجيب لحاجيات المواطنين باعتبارهم شريكا ومستفيدا من خدمات المنظومة الصحية الوطنية مشيرا إلى أن تنفيذ سياسة صحية واقعية تتطلب بالضرورة من ناحية إشراك وتثمين الأطر الصحية بمختلف تخصصاتها باعتبارها الأقدر على تحديد الحاجيات الحقيقية للقطاع وعلى الاستجابة لانتظارات المواطنين ومن ناحية أخرى إرساء أسس الحكامة الجيدة المرتكزة على ربط المسؤولية بالمحاسبة وعقلنة تدبير الموارد والتفاعل مع المحيط الخارجي. ولضمان نجاعة جلسات الاستماع العمومية والخروج باقتراحات عملية وقابلة للتطبيق عرض الحسين الوردي على مختلف المتدخلين من خبراء وجمعيات المجتمع المدني العاملة في المجال الصحي والحقوقي مجموعة من المحاور التي تشكل بحسب نقط ارتكاز لاستشراف مستقبل المنظومة الصحية بعيدا عن كل أحكام مسبقة وبعيدا عن كل تحليل نمطي صرف قد يبعد عن ملامسة الانتظارات الحقيقية للمواطنين، ويأتي على رأس هذه المحاور المقترحة الحق في الصحة الذي يجد تأصيله في مقتضيات الدستور الجديد وضمن المقاربة الحقوقية التي باتت تعتمدها وزارة الصحة بالإضافة إلى محاور أخرى من قبيل تمويل المنظومة الصحة خاصة في ظل تعميم نظام المساعدة الصحية والحكامة وتدبير القطاعات الصحية وسياسة الأمن الصحي ومهن الصحة وإنتاج وتدبير الكفاءات وكذا الصناعات الصيدلانية والسياسة الدوائية والتكنولوجيات البيوطبية. من جانبه قال الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني إن «هذه اللقاءات والمنتديات ليست ترفا أو مضيعة للوقت، بل هي تمرين على الديمقراطية وعلى استشعار المسؤولية الجماعية وتكريس لثقافة الحوار». وأضاف الشوباني أن الحكومة الحالية ورثت إنجازات كبيرة جدا تعمل على صيانتها والزيادة فيها، كما ورثت انتظارات واسعة وإحباطات شديدة يقتضي كل منها تدبيرا وتعاملا خاصا مشيرا في هذا الصدد إلى أن المنهجية التشاركية في تدبير الشؤون العامة تعتبر مؤشرا على نهاية منطق الاستحواذ والانفراد بالقرار. ووصف الأستاذ مولاي الطاهر العلوي رئيس الهيئة الوطنية للأطباء الذي أدار الجلسة الأولى، برنامج «انظارات» وجلسات الاستماع العمومية ب «المنعرج التاريخي» في إطار دمقرطة قطاع الصحة العمومية في المغرب لطالما طالب بها مهنيو القطاع. وضاف مولاي الطاهر العلوي أن هذه الحظة التاريخية كان ينتظرها العاملون بقطاع الصحة والمواطنين على حد سواء منذ سنوات.