عندما يتحول نزاع حول السكن إلى جريمة قتل في حق أحد الأصول بالرغم من أواصر الأبوة والإعاقة، التي ألزمت الأب على مواصلة حياته مستعينا بكرسي متحرك ... كل ذلك لم يثن ابنه في ارتكاب جريمته في حق والده الذي وهب زهرة شبابه لإسعاده رفقة إخوته وتوفير كل متطلباتهم حسب الإمكان، حيث استغل الابن ضعف والده وإعاقته ليسدد له طعنات غادرة في مختلف أنحاء جسمه الواهن محولا إياه إلى جثة هامدة لم تسعفه معها تدخلات المستعجلات الطبية سواء بآزمور أو الجديدة، جريمة بطلها ابن عاق في عقده الثالث والضحية أب متقاعد ومعاق في نفس الوقت والسبب خلاف حول مسكن بجماعة هشتوكة بدائرة آزمور. الهدوء الذي تتبعه العاصفة امتهن الأب أشرف، مهنة لقصد تلقين مبادئ الأخلاق والتربية الحسنة والبر بالوالدين للجيل الصاعد، فكانت فرحة أمه به كبيرة وستكون أكبر لو حقق لها رغبتها الأخيرة، ألا وهي رؤية أبناءه في حياتها، لم يتوان في طلبها ورضاها وقبل الزواج ممن اختارت له، أهدته منزلا اشترته له بغية الإقامة فيه، كما صرحت بذلك لدى الضابطة القضائية، لينعم رفقة زوجته بحياة سعيدة، خالية من المشاكل، وتغيرت حياتهما فجأة، عندما رزقا بمولود، لكن هذه الفرحة لم تكتمل مع مرور الأيام والسنوات، عندما حل به مرض ألزمه السرير و بالتالي الكرسي المتحرك، حيث أصبح معاقا، إعاقة فرضت عليه التقاعد قبل الأوان، ليتحول إلى جسد بدون روح يسأل اللطف فيما تبقى له في مسار حياته. البيت الشؤم لم يكن يظن أن البيت الذي جمع فيه أسرته طيلة الثلاثين سنة سيتحول يوما ما إلى نذر شؤم و سبب نزاع بين أفراد الأسرة، بعدما علموا حسب تصريح الزوجة أنه قبل شهور قليلة على وقوع الجريمة أنه تنازل لأمه القاطنة بالدار البيضاء عن المنزل، وهو الأمر الذي حول حياتهم إلى كابوس، حيث أضحى الحديث الشاغل يوميا سيما من قبل الابن البكر الذي بنى عليه مستقبله في حاضرة كهشتوكة التي عرف بها العقار ارتفاعا كبيرا وأصبح التوفر عليه من المستحيلات السبع، أمر أجج مشاعره وحولها إلى شيطان في ثوب بني آدم، تناسى معها رضى الوالدين و ما تعلمه في حقهما من احترام و بر بهما. غضب يتحول لجريمة قتل اصبح الأب الضحية يعيش مرارة قوية في ظل غضب الابن البكر وهو العاجز عن التحرك أو الوقوف إلى غاية ذلك اليوم المشؤوم عندما تحول الغضب إلى درجة الانتقام، عندما تجرع هذا الابن كميات كبيرة من الخمر التي لعبت برأسه ولم بعد يرى أمامه سوى والده و قصة المنزل المفوت، لم يعد يرى سوى نهاية والده على يده، فدخل عليه في حالة هستيرية مستلا سكينا بيده ثم صوبه نحو أبيه بعد أن أمسك به من قفاه وطوع به من فوق كرسيه المتحرك ثم شرع في توجيه الضربة تلو الثانية على مستوى كل أطرافه وجسده، و رغم محاولات الأم لثنيه عن فعلته هذه وجه لها لكمة أبعدها بها موجها لها وعيدا ثم أخرجها رفقة إخوته ليختلي بوالده موجها له عدة طعنات جعلته ينزف دما ولاذ بالفرار صوب السطح مهددا كل من يعترض طريقه أو الاقتراب منه، في الوقت الذي حلت فيه دورية دركية تابعة لدرك آزمور بعد إخطارها من قبل قيادة هشتوكة إثر بلاغ من والدة الجاني. اعتقال ونهاية حياة أب رغم محاولة هروب الجاني من الجهة الخلفية للبيت بعد تخلصه من أداة الجريمة، تمكنت مصالح الدرك الملكي من اعتقاله بعد تطويق المكان، فيما تم نقل الأب عبر سيارة إسعاف صوب مستعجلات المستشفى المحلي بآزمور ومنها إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بالضربات الموجه له، وفي حلقه غصة سخط وعدم رضى على ابنه الجاني. اعتراف فعشرينية أمام اعتراف الجاني بما نسب إليه في حق الأصول والسبب الداعي وراء ارتكاب جريمته هذه ،والمتمثلة في عدم رضاه على تنازل والده للبيت لجدته، وأمام عدم مطالبة دفاعه البراءة له لاعترافه الصريح بجريمته، قام بتقديم ملتمس من المحكمة بإعادة تكييف التهمة من القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد حسب الفصل 392 إلى تهمة الضرب والجرح بواسطة السلاح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه حسب الفصل 403 من القانون الجنائي المغربي،حيث أدانته غرفة الجنايات الإبتدائية لدى محكمة الاستئناف بالجديدة الأسبوع الماضي بعشرين سنة سجنا نافذا من أجل القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.