الالتزام السياسي ليس بالضرورة نقيضا لمطلب المهنية في العمل الصحافي نوه مشاركون في حفل تأبيني، نظم مؤخرا بالرباط، بمناسبة أربعينية الأديب والصحفي الراحل عبد الجبار السحيمي، بالتجربة النموذجية لفقيد أعطى المثال على أن الالتزام السياسي والانتماء الحزبي ليس بالضرورة نقيضا لمطلب المهنية في العمل الصحافي. وعكست مداخلات المشاركين في الحفل الذي نظمته صحيفة "العلم" وحزب الاستقلال ، الإجماع الحاصل حول إرث الراحل بين مختلف الأصوات والتيارات الفكرية والسياسية والنقابية والإعلامية، والذي زكاه ما عرف عن السحيمي من موضوعية في الكتابة وعمق في التحليل وثبات في المواقف والتزام بالقضايا الوطنية، إضافة إلى تواضعه وابتعاده عن الأضواء. وأوضحت الشهادات المقدمة حرص الأديب الراحل على الاستعمال السليم للغة العربية وبساطة الأسلوب دون الوقوع في الابتذال سعيا منه إلى الوصول لمختلف فئات القراء محققا بذلك "السهل الممتنع". وحملت بعض الشهادات مقترحات بتخليد تراث الفقيد عبر إطلاق اسمه على أحد شوارع العاصمة الإدارية للمملكة أو إحدى المؤسسات الثقافية والجامعية بالمغرب. واقترح آخرون، في الحفل ، الذي نظم تحت عنوان "عبد الجبار السحيمي، المثقف الإنسان والإعلامي المتميز"، تخصيص جائزة سنوية وطنية في مجال الصحافة تحمل اسم الفقيد اعترافا بريادته ورصيده الغني في مجال الصحافة والإعلام. واستعاد المشاركون خصال الفقيد وميزاته الشخصية والمهنية والأثر الكبير لمنجزه الأدبي ومقالاته في الذاكرة الوطنية، الصحفية والأدبية، مشيرين في هذا الصدد إلى المجهود الذي بذله من أجل صنع تجربة رائدة بالملحق الثقافي الأسبوعي لجريدة "العلم". واعتبر المتدخلون أن عبد الجبار السحيمي حري بأن يكون نموذجا متميزا للجيل الجديد من السياسيين والإعلاميين المغاربة، مشيرين إلى تمكن الراحل من المزاوجة بين الأدب والسياسة والعمل الإعلامي بشكل متوازن ورصين. وتجدر الإشارة إلى أن عبد الجبار السحيمي خلف إنتاجا أدبيا وفكريا ونقديا غزيرا ومتنوعا، من بعض أمثلته قصص "مولاي" و"بخط اليد" و"الممكن والمستحيل" وكتاب "معركتنا الفكرية ضد الاستعمار والصهيونية" الذي أصدره رفقة محمد العربي المساري وعبد الكريم غلاب وكتب أخرى زيادة على سجل حافل من الكتابات الصحفية. ويذكر أن الفقيد الذي توفي عن سن 74 سنة ، تابع دراسته في صغره بمدارس محمد الخامس، ثم التحق بالعمل الصحفي منذ أواخر الخمسينيات، وأصدر رفقة محمد العربي المساري مجلة "القصة والمسرح" سنة 1964 كما كان يرأس تحرير جريدة "العلم" إلى ما قبل وفاته. وتميز حفل التأبين بحضور عدد من رجالات الفكر والسياسة والإعلام ووزراء في الحكومة.