بعد السلام والتحية لي الشرف أن أقول كلمة أو شهادة في حق الصديق العزيز زكي الهواري. صديقي العزيز؛ من دواعي سروري أن أراك تتكرم في هذا الحفل البهيج وأمام هذا الجمهور الكريم. كيف تعرفت على هذا الفنان؟ شاهدته أول مرة في مسرحية «مونسيرا أو ثمن الحرية». عرضت هاته المسرحية بمدينة مراكش بسينما بلاص سنة 1956. وكانت هاته المسرحية تضم ممثلين كبارا في ذلك العصر (وحتى هذا العصر): الأستاذ احمد الطيب لعلج، المرحوم العربي الدغمي، المرحوم محمد عفيفي، الفنان حمادي التونسي، الفنانة فاطمة الركراكي، الفنانة خديجة جمال، الفنان أحمد العلوي، الفنان محمد الريفي، المرحوم مصطفى أمال وغيرهم، ورغم هاته الأسماء كان زكي الهواري بارزا بينهم بجودة أدائه. ولما انتهت المسرحية قمت بمجهود كبير لأقترب من زكي الهواري لأطلب منه أن يوقع لي على صورته التي كانت موجودة في كتيب برنامج الفرقة، شي طبيعي... في تلك الفترة كنت أنا في البداية وهو كان ممثلا محترفا معروفا. ولكن بعد مرور الأيام وبعد أن فتحت مدرسة التمثيل أبوابها وتأسست فرقة المعمورة، جمعتنا أعمال كثيرة، تداريب، مسرحيات، جولات... وهكذا وجدنا أنفسنا مرتبطين مع بعض، وتوطدت صداقتنا وتعرفنا على بعضنا معرفة حقيقية. وشهادتي في حق الصديق زكي الهواري حسب معرفتي له، هو أنه كان فنانا كبيرا وليس بالصدفة، بل هو فنان أصيل له طموحات كثيرة، والذي لا يعلمه الكثير هو أن زكي الهواري في كبره درس اللغة الإنجليزية واللغة الإيطالية وبفضلهما شارك في السينما الإنجليزية والسينما الإيطالية. وهكذا أصبح يتوفر على لغتين أجنبيتين بالإضافة إلى الفرنسية. أما اللغة العربية فحدث ولا حرج. اللغة العربية كان متحكما في أدواتها وكان متعصبا لها، لا يسمح لأي كان أن يتجنى عليها أو يخطئ أو يلحن فيها. في الفترة الطويلة التي قضاها في الإذاعة (بالدارجة) «كان مشربهم لمراير، يزغبها له شي واحد يخطأ أو يلحن في اللغة قدامو». ...(بلهجة زكي) احبسوا مولاي هذاك راه مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. «أسير أملاي تعلم العربية إيلا بغيتي توقف حدايا. واش كاع اللي قطر به السقف يجي يتكرفس على اللغة...» كان دائما يحب الإخلاص في المضمون والصدق في الأداء( الدارجة) و»حتى فالنكات وفالطرائف والمثول. كنكونوا فشي كلسة وكنبغي نمزح كنبشو كنقول: كيقولو (وريه وريه خاتم امولاي) كينوض لي (بلهجة زكي)...» أمولاي أنت بعدا، أش بينك وبين المثول. خللي لمثول لماليهم وسير تقضي حاجة لراسك راكيقولو وريه وريه واللى عمى سير وخليه. واش خاصك العريان خاتم أمولاي»... وبالإضافة إلى هذا كان أنيقا وكان دائما يعتني بمظهره لأنه كان حريصا على صورة لائقة بالفنان. وكان في معاملته رجلا وفي صداقته مخلصا وفي فنه متفانيا. أطال الله عمرك ومتعك بالصحة والعافية. لقد أعطيت الكثير ولازال الجمهور يطلب منك المزيد وأنا واحد منهم... والسلام عليكم ورحمة الله