جدلية الفن والفكر حركية المجتمعات.. حرية الثقافات تنطلق يوم غد الخميس الدورة الخامسة عشر لمهرجان كناوة موسيقى العالم، تحت شعار الوفاء لأهم الأهداف التي خطتها هذه التظاهرة الثقافية الكبرى منذ أولى دوراتها، وهو المحافظة على التراث الكناوي وإعطائه المكانة اللائقة به ضمن الموروث الثقافي الوطني بعد عقود من التهميش عاشها هذا الفن البديع ومبدعوه، ولعل مهرجان كناوة قد صار مع توالي الدورات أحد أبرز المواعيد الثقافية داخل أجندة المهرجانات الوطنية، وذلك باعتباره الحدث الذي يشتغل على أكثر من وثيرة ويستهدف أكثر من بعد في نفس الوقت، أهمها الحفاظ على جزء أساسي من ذاكرتنا الثقافية في بعدها الإفريقي المتأصل، الرقي بهذا التراث والدفع به إلى آفاق العالمية انطلاقا من إبراز خصائص وقيم المغرب المنفتح، الرقي بمدينة الصويرة باعتبارها فضاء يحتضن هذه التظاهرة وهو حق لها اكسبها إياه تاريخها الطويل، ومؤهلاتها الطبيعية والبشرية. فمنذ الدورات الأولى كان هذا المهرجان يمشي بخطو الواثق، والآن هاهو يسجل خطوته الخامسة عشر، خطوة لها أهميتها إذا ما كنا بصدد الحديث عن أحد أبرز التظاهرات الثقافية الهادفة في المغرب.ألا وهو مهرجان كناوة موسيقى العالم لمدينة الصويرة، الذي أثبت انه أحد المهرجانات الجادة والوفية لتعهداتها والتزاماتها والذي لا يشكل في برنامجها مصطلح الموسيقى سوى قمة جبل الجليد، إذا ما تمت مقارنته بما تم تحقيقه للمدينة من تطور تنموي، وما تم تحقيقه للتراث الكناوي من انتشار مع ما تحقق للفنان الكناوي من رد للاعتبار، ومن اعتراف له بصفة الفنان ومن تم دفعه إلى معانقة الكونية عبر استدعاء فنانين ومجموعات لها صيتها ومكانتها من أنحاء العالم إلى الصويرة، للتباري في البحث عن خيط الآريان بين التيارات الموسيقية ذات الأصول الإفريقية المشتركة عبر أقامات يتداخل فيها المحلي بالعالمي. فوق كل هذا وذاك فان مهرجان كناوة الصويرة صار يقدم نفسه باعتباره منتدى للنقاش ومقارعة الآراء حول مواضيع ذات الراهنية يستدعى إليها مبدعون ومفكرون من كل صوب، ما صار يحيل على كون الموسيقى ليست سوى أداة من شأنها تقريب وجهات النظر وتذويب الخلافات و أحكام القيمة التي يحملها البعض عن البعض الآخر. لماذا يعد مهرجان الصويرة من انجح المهرجانات في المغرب؟ منذ انطلاقة هذا المهرجان كانت برامجه يميزها التنوع الشديد الذي خلق أصالته وتميزه في جمعه بين ما تختزنه الذاكرة الجمعية وبين روح الابتكار والتجديد. وتنفرد هذه الدورة التي تخلد الذكرى الخامسة عشر لميلاد مهرجان كناوة موسيقى العالم، بعقد منتدى سيشكل لوحده لحظة أساسية يتم منحها لمطارحة الأفكار والتبادل وستشارك فيها أسماء وازنة في عوالم السياسة، الاقتصاد الفنون والآداب إضافة إلى ممثلين عن جمعيات المجتمع المدني. نذكر من بينها وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي (المغرب)، يوسو ندور فنان ووزير الثقافة والسياحة،(السنيغال)، محمد برادة، أحمد عصيد، إيرينا بوكوفا ، المديرة العامة لليونسكو،(بلغاريا) إدريس اليازمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رئيس جامعة الرباط الدولية، نور الدين مؤدب (المغرب)، باسكال بلانشار مؤرخ (فرنسا)، ، فريدي نياتيلا ، مناضل مناهض للميز العنصري، مدير رابطة رويديس جنوب أفريقيا، (جنوب أفريقيا)، ديك أنيكار موسيقي (هولاندا)، طارق عمارة صحافي بوكالة روتيرز تونس (تونس)، ، ياسين أحجام ، ممثل، ونائب برلماني، (المغرب)، لطيفة أحرار ، ممثلة،(المغرب)، إدريس كسيكس روائي و كاتب مسرحي، (المغرب)، زهور رحيحيل محافظة متحف التراث اليهودي المغربي، (المغرب)، ماحي بينبين فنان رسام، (المغرب)، جامع بيضا مدير أرشيف المغرب. أما بخصوص البرنامج الفني المسطر للدورة فيشهد مشاركة كبيرة للفنانين الأفارقة والأجانب إلى جانب أشقائهم المغاربة كما جرت العادة مع إحياء العديد من الإقامات وحفلات المزج ومن بين الفنانين المشاركين نذكر أومو سانكاري (مالي)، كارلو دي،السنغال، الثلاثي جواكيم كوهن، ألمانيا ، ورامون لوبيز، اسبانيا أما من المغرب سيكون الفنان مجيد بقاس من ضمن الحاضرين إلى جانب المعلم الكبير محمود غينيا، مجموعة هوبا هوبا سبيريت، فرقة مايارا باند وبوب مغرب، إضافة إلى العديد من المجموعات والأسماء الموسيقية الوازنة التي ستدلي بدلوها لكي تكون الدورة في مستوى انتظارات المهرجان وانتظاراتنا جميعا كعشاق للصويرة ولمهرجانها الكبير. بالنسبة لمعلمي كناوة المشاركون رفقة مجموعاتهم هذه السنة فهم عبارة عن نخبة منتقاة من جميع أنحاء المغرب وهم المعلم عبد النبي الكداري (الدارالبيضاء)، المعلم عبدالقادر أمليل المعلم رشيد فضلي لدهس (الرباط)، المعلم علال السوداني المعلم سعيد البورقي، المعلم مختار غينيا (الصويرة)، المعلم عبدالواحد ستيتو (طنجة)، المعلم محجوب خلموس، المعلم محمد لباط (مراكش)، المعلم سعيد التاهلاوي (آسفي). لقد كان مهرجان كناوة ومنذ نشأته حدثا فنيا راقيا ومنتدى لتبادل الأفكار والآراء، سواء من خلال اللقاءات التي تقام بدار الصويري أو الفقرة الرائعة التي تقام تحت عنوان شجرة الكلمات التي تعتبر إحدى المحطات الضرورية في المهرجان وهو منتدى للحوار و التبادل ينعقد كل يوم ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال بمركز التحالف الفرنسي-المغربي. الجديد حقا هذه السنة يتمثل في إقامة منتدى «حركية المجتمعات، حرية الثقافات» و لتعميق النقاش وإثرائه في هذا المنتدى، وجهت الدعوة للفاعلين الثقافيين والجمعويين والمفكرين المعنيين بهذا الموضوع لمناقشة دور الثقافة في المشروع المجتمعي والسياسات العامة. ما الذي يجمعنا؟ ما هو القاسم المشترك بين مناضلي الإنسانية في جميع أنحاء العالم؟ كما يهدف هذا المنتدى إلى الجمع بين الأصوات الأكثر حجية في جميع القارات و الذين يودون إثبات فكرة مفادها أن الإبداع الثقافي والتعبير الفني أفضل الوسائل لحماية القيم العالمية. تقول نائلة التازي «لم نكن نتوقع أن يأخذ الحدث (المهرجان)، كل هذا الحجم، ولكن كنا على يقين بأن للثقافة سلطة لا مثيل لها للإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأمة، وفي إشعاعها الدولي، شريطة أن نعرف كيف نحافظ على ثرواتها. وكناوة هم جزء من هذه الثروات المتعددة، ومن حقهم أن يشعروا بالفخر وهم على قائمة موسيقى العالم الأكثر إثارة للولع».وتضيف مديرة المهرجان أن هذا الحدث المغربي المحض استطاع أن يتميز بقوته وتفرده، حيث أصبح مرجعا دوليا، و»مهرجانا يختلف عن المهرجانات الأخرى كما وعدنا بذلك أول يوم». تجدر الإشارة إلى أن مهرجان كناوة حضي مؤخرا بتصنيف جيد يضعه ضمن الصفوف الأولى للمهرجانات المهمة من حيث الجوهر وجدية الاشتغال. من جهة أخرى سيتزامن افتتاح مهرجان كناوة هذه السنة مع اليوم العالمي للموسيقى. هذه التظاهرة التي يتم الاحتفال بها في 116 بلدا والتي لن تمر هذه السنة من دون الصويرة. وستشارك المدينة في الاحتفال حيث ستدرج ضمن محطات البرنامج الرسمي.