كشفت دراسة صدرت حديثا، أن المغاربة يدفعون أزيد من 1200 درهم كرشوة للحصول على رخصة الثقة (permis de confiance)، الخاصة بسيارات الأجرة. وأفادت الدراسة، التي أعدتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن المغاربة يدفعون أكثر من 500 درهم كرشوة في حال وقوع حادثة سير، في حين يدفعون حوالي 155 درهما للحصول على رخصة السياقة والبطاقة الرمادية. وأظهرت الدراسة التي عرضت أمس الأربعاء خلال ندوة صحفية، أن نسبة 75 في المائة من المواطنين يعتبرون وجود ظاهرة الرشوة على مستوى تعشير السيارات بأنه مسألة جد خطيرة، وكذا الأمر بالنسبة للفحص التقني إذ حظي بأكثر من 72 في المائة من نسبة الإدانة، تليها ظاهرة ممارسة الرشوة على مستوى منح البطاقة الرمادية بنسبة 65 في المائة، ونسبة 48 في المائة بالنسبة للحصول على رخصة السياقة، و55 في المائة فيما يخص المراقبة الطرقية. وأوضحت الدراسة، أن أكثر من 86 في المائة من المجالات التي تمسها الرشوة التي تمت ملامستها و رصدها من قبل المواطنين والمهنيين المعنيين في قطاع النقل الطرقي، تهم المراقبة الطرقية ورخص الثقة. وأبانت الدراسة أن حوالي 56,7 في المائة من حالات الرشوة التي تمت معايشتها والإفصاح عنها من طرف المواطنين همت مجال المراقبة الطرقية، فيما 29,5 في المائة تخص رخصة الثقة. وأظهرت الدراسة التي تم تقديمها بحضور الوزير عزيز الرباح، ورئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبو درا، وعدد من مسؤولي الوزارة والهيئة المركزية، أن الرشوة في قطاع النقل ظاهرة تبرز عبر عدد من المستويات وتختلف حسب المجال والمواضيع والإجراءات والأطراف المتدخلة وطبيعة الخدمة المقدمة والفئة الاجتماعية المهنية للفاعلين المعنيين. وعزت الدراسة التي تم اعتمد في إعدادها على المقاربة التشاركية إذ ساهم فيها مختلف الفاعلين المعنيين بما فيها وزارة التجهيز والنقل، وإدارة الجمارك والدرك ،والإدارة العامة للأمن الوطني، ومهنيو النقل بمختلف مجالات نشاطهم فضلا عن المواطنين، والتي همت مدن الدارالبيضاء، طنجة، فاسأكادير، وجدة، (عزت) ارتفاع نسبة الرشوة المسجلة على مستوى المراقبة الطرقية إلى السلطة الممنوحة للأشخاص المكلفين بالمراقبة، مشيرة أن مجال منح رخص الثقة يبقى أقل مساسا بممارسة الرشوة. وسجلت الدراسة التي همت خمس مجالات تتمثل في رخص الثقة، والمراقبة الطرقية ورخص مزاولة النشاط المهني والتأمين والخبرة أن أشكال الرشوة تتعدد ويختلف حجم مبالغها التي تتراوح بين 1236 درهما بالنسبة للحصول على رخص الثقة، وأكثر من 500 درهم في حالة حوادث السير والحصول على التأمين،ليصل المبلغ إلى حوالي 155 درهما من أجل الحصول على رخصة السياقة ،وما يعادل ذات المبلغ بالنسبة للبطاقة الرمادية، وأداء مبلغ 55 درهما أثناء المراقبة الطرقية. واعتبرت الدراسة أنه على مستوى منح رخص الثقة تبقى تصورات المواطنين لظاهرة الرشوة على هذا المستوى مبالغ فيها وتتجاوز ما هو مسجل في الواقع، إذ لاحظت أن حجم الإدانة التي يعبر عنها المواطنون ومهنيو النقل اتجاه ممارسات الرشوة في هذا الجانب لاتتجاوز نسبة 5,7 في المائة، فيما يرتفع حجم الإدانة في مستويات أخرى إلى أكثر من 27 في المائة ومن جانب آخر سجلت الدراسة أن استمرار وجود ظاهرة الرشوة يعود في جانب منه إلى ضعف معرفة العموم بإجراءات محاربة الرشوة التي تم إقرارها،مبرزة في هذا الإطار النسبة الضعيفة للأشخاص المبلغين عن ممارسات الرشوة ،فإذا كان هذه الدراسة قد شملت أكثر من 3300 شخص ،فإن نسبة المبلغين لم يتعد رقم 1,7 في المائة ،في 98 في المائة لم يبلغوا معتبرين أن الأمر لن يكون له جدوى، أو أن المسؤولين عن الظاهرة لن تتم متابعتهم أو دراء للمشاكل التي قد تحدث لهم نتيجة التبليغ . هذا واعتبرت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أن استمرار وجود الظاهرة في القطاع يرتبط بستة عناصر يجب أخذها بعين الاعتبار حين إقرار استراتيجية الوقاية ومكافحة الرشوة، وهي تتمحور حول ظروف العمل غير الملائمة ،وضعف آليات التتبع ،وكذا ضعف آليات إدانة ممارسات الرشوة،هذا فضلا عن بروز ثقافة التخفيف من هول وحجم الظاهرة واعتبارها بأنها ظاهرة اجتماعية تمس جميع القطاعات.. وحذرت الهيئة من أن استمرار وجود الرشوة بالقطاع يفرز انعكاسات خطيرة ستين منها تهم مستعملي الطرق، وخمسين منها تخص مهنيي القطاع، ودعت في هذا الصدد إلى اعتماد استرتيجية تكون بمثابة خارطة طريق ينخرط فيها جميع الأطراف المعنية ،وهي تشمل التحسيس، وإعادة الثقة لدى المواطنين في المؤسسات من خلال تحسين ظروف الاستقبال وإتاحة المجال لتقديم الشكاوي والإدانة ،وتسيير الحصول على الرخص بما فيها رخص الثقة ورخص السياقة، ورخص مزاولة النشاط المهني، والحد من سلطة الجزائية للمراقبين ،وتوسيع العمل بالمراقبة الآلية بالنسبة للطرق، ...وذلك من أجل الوقاية ومكافحة مختلف المظاهر التي تؤدي إلى تفشي الرشوة. هذا وقد تم خلال هذا اللقاء التوقيع على اتفاقيتين للتعاون والشراكة بين وزارة التجهيز والنقل و الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة،الاتفاقية الأولى تروم إلى وضع إطار للتعاون والعمل لتحديد استراتيجية لأجل تعزيز مبادئ النزاهة والتخليق وتدعيم التدابير الرامية إلى الوقاية من الرشوة ومكافحتها داخل قطاع التجهيز والنقل، وإرساء قنوات التواصل والتحسيس وتبادل المعلومات والخبراء في مجال مكافحة الرشوة. فيما تهدف الاتفاقية الثانية إلى وضع إطار للتعاون من أجل تفعيل نتائج الدراسة التي أعدتها الهيئة بخصوص تقييم وتشخيص تفاعلات الروشة بقطاع النقل الطرقي والسلامة الطرقية والجهود المبذولة لمكافحتها. هذا و سيتم بموجب هاتين الاتفاقيتين إحداث لجنة تقنية مشتركة تتولى وضع البرامج المشتركة وتتبع تنفيذها وتقييم حصيلتها بشكل مستمر.