عرفت مؤخرا منطقة جبل العلم، نواحي العرائش، فعاليات الذكرى الروحية السنوية للصوفي الجليل مولاي عبد السلام بن مشيش المنعقدة بمبادرة من نقابة الشرفاء العلميين تحت شعار: «المدرسة المشيشية الشاذلية رابطا وامتدادا». وذلك بحضور صفوة من المفكرين وأعلام التصوف، أمثال عبد السلام شقور، وأحمد العبادي، وعبد الله الترغي، وعبد اللطيف شهبون، ومحمد الشنتوف، وادريس بنضوية، وعبد الرحيم العلمي، وحفيظة الوزاني التهامي، وفاطمة الباتول الوهابي، إضافة إلى عدد وازن من أنصار الحوار الحضاري، قاسمهم المشترك هو الالتزام بقيم الحوار والتسامح والاختلاف. وقد تميزت هذه الأيام الصوفية الثقافية بحضور مكثف لمختلف ممثلي الأقاليم الجنوبية الذين أكدوا تشبثهم المطلق واللامشروط بميثاق الوحدة الترابية ومغربية الصحراء، معتزين بنسبهم العائلي والروحي للقطب الصوفي مولاي عبد السلام بن مشيش. في هذا السياق العام، يقول عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين: «إن الحضور المكثف لأبناء عمومتنا من مختلف الأقاليم الجنوبية، يعتبر أعمق رسالة موجهة إلى خصوم وحدتنا الترابية، حيث يؤكد هذا الحضور التلقائي مدى تمسكهم بالجذور التاريخية والروحية التي تجمعهم بإخوانهم المغاربة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. كما أن حضور مجموعة من أنصار التسامح الديني دليل قاطع على القيمة الحضارية التي تحظى بها المدرسة المشيشية الشاذلية داخل الأوساط الصوفية المعتدلة.». من جهته، أشار الدكتور عبد الرحيم العلمي، عضو اللجنة العلمية للمنتدى العالمي للمشيشية الشاذلية، بأن هذه الذكرى الروحية تنطلق من كون الممارسة الصوفية باختلاف آلياتها وتجلياتها ممارسة مفتوحة تفسح أمام البشرية إمكانيات وآفاقا وجودية وتأويلية لا تستنفدها الحداثة، لأنها صالحة لكل زمان ومكان، دون حساب مذهبي أو مزايدات طرقية ودون مصادرة الأحلام التي قال في شأنها الدكتور محمد المصباحي: الأحلام التي تقفز بنا إلى الأمام قفزة أنطولوجية، لا الأحلام التي تعود بنا إلى الوراء، إلى الأساطير التي استنفد تأويلها.صرح في هذا الباب سانتياغو أغريلو، رئيس أساقفة طنجة: «إن هذا المقام الصوفي مهدى إلى الإنسانية جمعاء، لأنه يلقننا دروس تعلم الاختلاف والاحتكام إلى قيمة التعدد والتنوع، بوصفها أساس كل مواطنة كونية.».