نشرة انذارية: حرارة ورياح وغبار بعدد من مناطق المملكة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    التعادل يحسم ديربي الدار البيضاء بين الرجاء والوداد    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة        بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    الرئيس الصيني يغادر المغرب في ختام زيارة قصيرة للمملكة    يوم دراسي حول تدبير مياه السقي وأفاق تطوير الإنتاج الحيواني    MP INDUSTRY تدشن مصنعا بطنجة    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    تعيينات جديدة في المناصب الأمنية بعدد من المدن المغربية منها سلا وسيدي يحيى الغرب    حكيمي في باريس سان جيرمان حتى 2029    بينهم من ينشطون بتطوان والفنيدق.. تفكيك خلية إرهابية بالساحل في عملية أمنية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    جمهورية بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية الصحراوية' الوهمية    أمريكا تجدد الدعم للحكم الذاتي بالصحراء    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريم محمد قاوتي في طنجة المشهدية
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 06 - 2012


احتفاء بطعم المحبة وبرونق البهاء
في جو حميمي ملفوف برداء المحبة، التأمت ثلة من المبدعين المسرحيين والباحثين ليلتفوا حول الكاتب المسرحي والدراماتورج المغربي محمد قاوتي في أمسية تكريمية ضمن برنامج الدورة الثامنة للتظاهرة الفنية والعلمية «طنجة
المشهدية»، التي نظمها المركز الدولي لدراسات الفرجة في الفترة ما بين 1 و4 يونيو الجاري بمدينتي طنجة وتطوان.
كان الثالث من يونيو يوم أحد، وكان يوما مشمسا رائعا يغري بالخروج لشاطئ البحر بحثا عن الرطوبة المفتقدة، إلا أن الحاضرين آثروا دفء الجلوس إلى قاوتي على الاستمتاع بانتعاشة السباحة. ومع ذلك لم يحرموا أنفسهم من متعة السباحة في مسارات محمد قاوتي المسرحية. كان الحضور قويا ونوعيا في ذات الوقت، يتقدم الحاضرين والمشاركين شيخ الباحثين والنقاد المسرحيين المغاربة الدكتور حسن المنيعي بمعية نخبة من دارسي الظاهرة المسرحية في المغرب وفي العالم.. وعلى رأسهم المفكرة الألمانية البروفيسورة إيريكا فيشر مديرة معهد المسرح بالجامعة الحرة ببرلين، والبروفيسور كريستوفر بالمه رئيس الفدرالية الدولية للبحث المسرحي، والأستاذ مارفن كارلسون، متخصص في دراسات المسرح والأدب المقارن والدراسات الشرق أوسطية بمركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك، والباحث الدكتور خالد أمين رئيس المركز الدولي لدراسات الفرجة بالمغرب، والناقد الهندي المتميز رستم باهاروتشا، والناقد المصري الشهير الدكتور هناء عبد الفتاح، ومجموعة من الباحثين والكتاب والمخرجين المغاربة كعز الدين بونيت، ومحمد أمنصور، وحسن اليوسفي، والحسين الشعبي، وسالم كويندي، وابراهيم نشيخ، والحسن أيت التاجر، وجمال الدين العبراق، ورشيد دواني وآخرين كثر... من دون أن ننسى الحضور المتميز لزوجة المكرم الفنانة النحاتة إكرام القباج، وابنهما الشاب المتألق ياسين.
ما ميز هذه اللحظة التكريمية الراقية ذلك الحضور القوي والرمزي لوزير الثقافة محمد أمين الصبيحي الذي أصر على أن يتتبع كل مجريات برنامج ذلك اليوم المكشمس والغني بمواده العلمية والفنية من ندوات وتكريم وجلسات وعروض وزيارات... وكانت كلمته بمناسبة تكريم محمد قاوتي بمثابة شهادة في حق المكرم أبى إلا أن يساهم بها إلى جانب عدد من المتدخلين. وكشف أمين الصبيحي في شهادته أنه تعرف على محمد قاوتي «من خلال إبداعاته وحضوره في المشهد الثقافي الوطني قبل أن يلتقي به في صفوف حزب التقدم والاشتراكية.» منوها بمسعاه الثقافي والتربوي نحو «الانتصار للغة الدارجة المغربية وتثمينها والرقي بها إلى مراتب السمو»، واعتبره رجل حكاية بامتياز، وشاعر زجل لامع، وصوتا مسرحيا ذا صيت واسع، ومنتجا تلفزيونيا محترفا.. إلى أن قال: إن محمد قاوتي «حَكَّاءٌ بالزجل، وزَجَّالٌ بالحكاية».
محمد أمنصور الذي أدار هذه الأمسية التكريمية بلباقته المعهودة، ارتأى أن يُسمع الحاضرين شهادة رائعة وردت ضمن كتاب جماعي أصدره المركز الدولي بالمناسبة تحت عنوان «سلسبيل تامغربيت»، وهي شهادة موسومة ب «مدائن قاوتي وأبوابها السبعة». تحدث فيها محمد أمنصور عن مسار محمد قاوتي من خلال سبع مدن، لكل مدينة باب، ولكل باب حكاية: مدينة المعرفة وبابها فقه الألسن. المدينة الحمراء وبابها فقه الرفاق. مدينة الصنائع وبابها فقه التدبير. مدينة المسرح وبابها الكتابة. مدينة الهواة وبابها عشق أبي الفنون. مدينة الاستنبات وبابها الجدة. والمدينة السابعة هي مدينة الإنسان وبابها الصداقة.
الباحث عز الدين بونيت قدم بدوره شهادة عن المكرم ركز فيها على مفهوم الكتابة الدرامية عند محمد قاوتي انطلاقا من تقنية الاستنبات التي لم يُنَظِّرْ لها صاحبها في الوقت الذي كانت فيه الساحة المسرحية المغربية تزخر بالبيانات التنظيرية والبيانات المضادة. وعرج بونيت نحو قراءة سريعة لنصوص قاوتي المسرحية مسجلا في هذا السياق أن النصوص التي عرفت طريقها للنشر في المدة الأخيرة أخضعها صاحبها لمراجعة دراماتورجية مست الحوارات والإرشادات الركحية، بل ذهب به الأمر إلى إضافة فصل ثالث لمسرحية «سيدنا قدر» التي استنبتها قاوتي عن مسرحية «في انتظار غودو» لصامويل بيكيت، وأنتجتها فرقة السلام البرنوصي سنة 1986 ونشرها المركز الدولي لدراسات الفرجة في طبعتها الأولى سنة 2011. أي أن المسافة العابرة بين كتابتها ونشرها (15 سنة) أعطت نصا آخر بفصل مضاف. ولعل هذه الملاحظة التي أثارها عز الدين بونيت جديرة بالاهتمام النقدي.
أما الدكتور خالد أمين فاعتبر محمد قاوتي «أحد أبرز صانعي أمجاد مسرح الهواة بالأمس القريب، وفارسا من فرسان الكتابة الدرامية الجادة بالمغرب، بما أضاف إلى الخزانة المغربية من إسهامات بوَّأته مكانة مرموقة على امتداد أكثر من أربعة عقود من الندى المستمر»، وأضاف خالد أمين في شهادته أن محمد قاوتي «خَطَّ لنفسه مسارا مسرحيا متميزا ظل يتجدد ويغتني برؤية تاريخانية نفاذة، ومنهج حداثي لافت.». ووقف المتحدث عند أهم الإبداعات التي ميزت المسار المسرحي لقاوتي بما هي «علامات مضيئة في الذاكرة المسرحية المغربية، وشهادة على الموهبة المسرحية المثقفة التي يتمتع بها الكاتب المسرحي الرصين محمد قاوتي»، يقول المتدخل. مضيفا أن «اقتباساته أو بالأحرى استنباتاته لنصوص مسرحية عالمية وازنة (برتولد بريشت وصامويل بيكيت) خلخلت المفهوم التقليدي للاقتباس من حيث هو طموح لنقل (أمين) للنص المقتبس..»
خلال هذه الأمسية الجميلة، كان محمد قاوتي محاطا بأصدقائه ومحبيه من المثقفين والمبدعين والباحثين الذين انهالوا عليه بوابل من القبلات وحاصروه بسياج من العناق والمودة، وكانت عدسات المصورين لا تهدأ خصوصا حينما يهم الرجل بتوقيع إصداره الجديد بهذه المناسبة، وهو كتاب ضخم يضم بين طياته النص المسرحي الرائع «بوغابة» في حلة أنيقة تتصدر غلافها لقطة من المسرحية تظهر فيها الفنانة ثريا جبران والفنان الراحل مصطفي سلمات. وكانت المسرحية استنباتا عن نص «السيد بونتيلا وخادمه ماتي» لبرتولد بريشت أنتجتها فرقة مسرح اليوم سنة 1989 بإخراج للفنان عبد الواحد عوزري.
في نهاية هذه الجلسة التكريمية فاه محمد قاوتي بكلمة مقتضبة شكر فيها الأحبة وعبر فيه عن سعادته التي لا يسعها مكان ولا زمان، منوها بأصدقائه المسرحيين الذين أتحفوه بالمحبة، شاكرا للمركز الدولي لدراسات الفرجة و»عزوته» خالد أمين على كل العناية التي يوليها له ولمسرحه بالمتابعة والنقد والبحث والنشر...
يشار إلى أن الدورة الثامنة لطنجة المشهدية عرفت أيضا تكريم الباحثة الألمانية البروفيسورة إيريكا فيشر التي صدرت لها بالمناسبة الترجمة العربية لكتابها الهام «جماليات الأداء: نظرية في علم العرض»، ترجمته إلى العربية المترجمة المصرية الدكتورة مروة مهدي عبيدو.
كما تميزت الدورة بندوتين علميتين هامتين حول موضوعي «تحولات الفرجة» و»فرجة التحولات» بمشاركة نقاد وباحثين مختصين من عشرين دولة. ناهيك عن عروض وفرجات فنية في المسرح والموسيقى والسينما والرقص احتضنتها فضاءات أثرية بطنجة وتطوان.
وتميزت الدورة أيضا بتقديم وعرض الإصدارات الجديدة للمركز الدولي لدراسات الفرجة، ومنها:
«محمد قاوتي.. سلسبيل تامغربيت» وهو مصنف جماعي يضم شهادات ودراسات عن محمد قاوتي وأعماله الدرامية، ساهم فيه كل من ثريا جبران، حسن المنيعي، محمد أمنصور، لحسن لعسيبي، محمد أقضاض، محمد بوجبيري، الحسين الشعبي، محمد مفتكر، نوفل براوي، محمد بهجاجي، يونس لوليدي، حسن يوسفي، عز الدين بونيت، سالم اكويندي، عبد اللطيف شوطا، خالد أمين، عبد الرحمان الخياط، محمد سكري، رشيد دواني، رضوان طويل.
«مسرح ما بعد الدراما» مصنف جماعي لكل من كريستل فايلر، حسن المنيعي، محمد سيف، وخالد أمين.
«المسرح ورهاناته» إعداد وترجمة حسن المنيعي وخالد أمين.
«بوغابة» استنبات مسرحي لمحمد قاوتي.
«جماليات الأداء: نظرية في علم العرض»، لإيريكا فيشر، دراسة مترجمة إلى العربية من قبل مروة مهدي عبيدو.
«نومانس لاند» نص مسرحي لمحمد قاوتي مترجم إلى الإنجليزية من قبل خالد أمين.
كلمة محمد قاوتي في حفل تكريمه
أُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ
اسمحوا لي أن أبتهج وأجهر بسعادتي.. فسعادتي، أيتها العزيزات، أيها الأعزاء، لا يحويها مكان، ولا يسعها زمان. سعادة لا ضفاف لها، فأُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ.
إن سعادتي، أيتها العزيزات، أيها الأعزاء، لا يعادلها إلا اعتزازي بإخوان الصفا وخلان الوفاء الذين وُفِّقْتُ، على مدار أربعين سنة، من أن أَكْنُزَهُم، قيراطا قيراطا، كما يكنز البعض الذهب والفضة، فأُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ.
إن سعادتي، أيتها العزيزات، أيها الأعزاء، لا يعادلها إلا توجيه السلف الصالح وهو يوصي العاقل بألا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس إلا ذا فضل في العلم والأخلاق فيأخذ عنه، أو موافقا على إصلاح ذلك فيؤيد ما عنده، وإن لم يكن عليه فضل. فإن الخصال الصالحة من البِرِّ لا تحيا ولا تنمو إلا بالموافقين المؤيدين. وليس لذي الفضل قريب ولا حميم أقرب إليه ممن وافقه على صالح الخصال فزاده وثَبَّته، فأُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ.
إن سعادتي، أيتها العزيزات، أيها الأعزاء، لا يعادلها إلا ما آنَسْتُ به ذوي الألباب بنفسي حتى صاروا حرسا على سمعي وبصري ورأيي، فارتاح لهم قلبي، واستكان ضميري وأنا أعلم أنهم لا يغفلون عني إذا ما غفلت عن نفسي، فأُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ.
إن سعادتي، أيتها العزيزات، أيها الأعزاء، لا يعادلها إلا محاولتي للأمور ومعالجتي لها، على مدى أربعين سنة، ولَمُّ شتات حاجياتي الستة المتمثلة في العلم، والتوفيق، والفرصة، والأعوان، والأدب، والاجتهاد... وهن أزواج: فالرأي والأدب زوج، لا يكمل الرأي بغير الأدب، ولا يكمل الأدب إلا بالرأي. والأعوان والفرصة زوج، لا ينفع الأعوان إلا عند الفرصة، ولا تتم الفرصة إلا بحضور الأعوان. والتوفيق والاجتهاد زوج، فالاجتهاد سبب التوفيق، وبالتوفيق ينجح الاجتهاد. فأُتْحِفْتُ بالمحبة، ومما أُتْحِفْتُ به أنا خجولُ.
في طنجة بتاريخ 3 يونيو 2012
كلمة أمين الصبيحي وزير الثقافة في تكريم محمد قاوتي
حَكَّاءٌ بالزجل.. وزَجَّالٌ بالحكاية..
يطيب لي في البداية أن أحييكم معشر المبدعين والباحثين المشاركين في هذه التظاهرة الفنية والعلمية المتميزة، التي دأب على تنظيمها المركز الدولي لدراسات الفرجة بطنجة. كما يسعدني أن أتوجه بعميق الشكر لأعضاء هذا المركز وعلى رأسهم الدكتور خالد أمين على تفضلهم بدعوتي للمشاركة معكم في هذه الأمسية التكريمية.
وستكون مشاركتي عبارة عن شهادة مقتضبة في حق سي محمد قاوتي الذي يستحق بحق هذه الالتفاتة التكريمية.
تعرفت على سي قاوتي من خلال إبداعاته وحضوره في المشهد الثقافي الوطني قبل أن ألتقي به في صفوف حزب التقدم والاشتراكية..
فهو اسم مسرحي لامع وذو صيت واسع.
وهو منتج تلفزيوني محترف.
وهو صاحب حكايات «ألف لام» و»مواقف 2010» و»طباع»...
وفي كل هذا، يتميز سي محمد قاوتي بخاصيتين أساسيتين أود أن أقف عليهما بسرعة:
الخاصية الأولى تتعلق باللغة: حيث نجده ينتصر للغة العامية/ الدارجة المغربية، ويثمنها ويرتقي بها إلى مراتب السمو، على عكس ما نجده اليوم من فوضى لغوية في بعض الكتابات الموجهة للدراما التلفزيونية.
فالسي محمد قاوتي ينبش في ذاكرة اللغة ويستنطقها ويعطيها معناها ومبناها.. فهو يطرزها وينسجها بالمفردة والسياق والسجع والقافية..
إنه حَكَّاء بالزجل/ وزجال بالحكاية..
من ثمة تكتسي لغته الدارجة أهمية بيداغوجية بالغة.. خصوصا في جمالية التلقي التي تواكبها، وبالأخص حينما تكون الفئات المستهدفة هي عامة الناس.. أي الجمهور الواسع..
الخاصية الثانية التي أريد الوقوف عليها تتعلق بطبيعة الاختيارات المضمونية في كتابات سي محمد قاوتي.. فإذا كانت مضامين كتاباته المسرحية والحكائية تكتسي طابعا إنسانيا عميقا، فإنها قبل كل شيء تنطوي على قيم ورسائل ودلالات..
هكذا نجده مثلا- في حكايات «طباع» و»ألف لام» الموجهة لجمهور التلفزيون، يحرص أشد ما يكون الحرص على استثمار المتن الحكائي الشعبي لتمرير قيمة أو رسالة تعكس نوعية الثقافة والمبادئ التي يدافع عنها: (الديمقراطية والعدالة، حرية المرأة والمساواة، حقوق الطفولة، قيمة العمل والجد...)
وهذه القيم المثلى هي التي جعلتنا نلتقي في درب النضال، وهي التي جعلتنا نتقاسم نفس الآفاق الفكرية والسياسية الرحبة التي تؤطر نضالنا من أجل الحق والخير والجمال، من أجل الناس والوطن.
فهنيئا لكم بهذا التكريم الأنيق لرجل أنيق، وما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه الالتفاتات الرمزية لتكريم نساء ورجال الفكر والعلم والفن... لأن في تكريمهم اعترافا لهم لما فعلوه وقاموا به في خدمة الإنسانية... وفيه أيضا تحفيز لهم على مواصلة العطاء والإبداع والحضور.
فشكرا لكم جميعا.
وتحية وتقدير إلى الأستاذ محمد قاوتي الذي منحنا هذه اللحظة الجميلة والراقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.