بفضاء الرابطة الفرنسية المغربية بالصويرة٬ انطلقت الفنانة أمل عيوش٬ السبت الماضي نحو اكتشاف عالم انتسجت خيوطه من خلال عرض مسرحي مقتبس عن رواية إدريس الشرايبي «الحضارة أمي». ينطلق زمن العرض المسرحي من اليوم الثالث بعد وفاة الجدة٬ لتسترسل حفيدتها٬ التي تتقمص شخصيتها أمل عيوش٬ في سرد قصة امرأة عاشت تغيرات اجتماعية وسياسية متواترة٬ دون أن تكون مسلحة بما يعينها على فك رموز كل التحولات التي شهدها المجتمع٬ فكانت أميتها سلاحا تشهره في وجه كل ما يجد في حياتها٬ حتى لحظة دخول المذياع إلى المنزل٬ الذي اعتبرته شيطانا. في انتظار قدوم الوالد والعم٬ تقوم الحفيدة بسرد قصة جدتها للضيوف الذين أتوا لتقديم العزاء٬ فتنقلهم٬ نحو عالم الجدة التي عاشت حياة بسيطة لم تغادر خلالها البيت إلا بعد أن بلغت سن الخامسة والثلاثين٬ بعد أن أرغمها أبناؤها على ذلك٬ لتكتشف العالم الخارجي بعيدا عن أسوار منزل الوالدين ثم بيت الزوجية٬ فتكتشف ببراءة ممزوجة بالسذاجة٬ الأفق الرحب الذي ظلت حبيسة دونه طوال حياتها. تارة بصوت جهير وتارة أخرى بهمس خفيف٬ تعبر الفنانة أمل عيوش عن الأحاسيس التي خالجت الجدة إزاء فترات عديدة من حياتها٬ حيث تثور ثائرتها حين يحل المذياع بالمنزل٬ فتعمل على إخفاء خوفها من القادم الجديد بالغضب والرفض٬ كما تنبهر من قدوم الكهرباء٬ فتنطلق كطفلة صغيرة في أرجاء المنزل باحثة عن لحظة قصيرة من «السحر»٬ حين تقبض على المقبس فينبعث النور من المصباح ومعه ابتسامة عريضة٬ غير أنها ما تلبث تختفي عن المحيا حين ينطفئ الضوء مع كبسة المقبس٬ لتواصل الجدة البحث عن الساحر الذي يستقدم النور ويخفيه في برهة. وتقدم رواية «الحضارة أمي» لإدريس الشرايبي٬ التي صدرت في العام 1972٬ تحليلا عميقا لتغيرات المجتمع المغربي في فترة قبيل وما بعد الاستقلال٬ وترمز الجدة التي تشكل محور الرواية إلى المرأة المغربية بالمعنى الضيق٬ كما أنها تحيل وبشكل أوسع٬ على الحضارة في مختلف تجلياتها.