دعا المشاركون في ندوة عقدت يوم الجمعة الماضي٬ بالعاصمة التونسية حول فرص الاندماج المغاربي٬ إلى جعل القمة المغاربية المرتقبة في أكتوبر القادم بتونس٬ "فرصة حقيقية لإقرار إجراءات تؤثر بصورة فعلية على حياة المواطنين في البلدان المغاربية ". وأكد المشاركون في هذه الندوة٬ التي نظمتها رئاسة الجمهورية التونسية وتخللتها عروض لدبلوماسيين وباحثين وخبراء من تونس وبعض البلدان المغاربية والمنظمات الإقليمية٬ على ضرورة "تفعيل وإصلاح مؤسسات الاتحاد المغاربي من أجل إعطائها دورا أكبر"٬ مشددين على أهمية تعميق التعاون الثنائي ومتعدد الاطراف داخل المجال المغاربى٬ مع منح المواطنين المغاربيين أينما وجدوا في الفضاء المغاربي ٬حريات التنقل والإقامة والعمل والاستثمار والمشاركة في المجالس البلدية . وجاء في وثيقة ختامية للندوة التي حضر جانبا منها وزير الشؤون الخارجية والتعاون٬ سعد الدين العثماني ٬ "إن الشعوب المغاربية تريد أن ترى وحدة مغاربية على أرض الواقع وليس فقط في الخطابات٬ وحدة في حياتها اليومية وليس في النوايا ". كما أكدوا على أهمية تفعيل اتفاقيات التعاون الموقعة في إطار الاتحاد المغاربي ٬سواء الثنائية منها أو متعددة الأطراف٬ معتبرين أن الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت تجعل من الاستثمارات المغاربية المشتركة "ضرورة قصوى لتعميق مسار النمو في المنطقة". وشددوا أيضا على أهمية العمل على تعميق الاندماج المغاربي على مستوى الشعوب والتدرج في تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية ٬ وكذا دعم "التعاون الأمنى والاستشراف الاستراتيجي لمواجهة التحديات الأمنية والتحولات الإستراتيجية التي يشهدها العالم اليوم وفى الفترة القادمة". وكان سفير المغرب بتونس ٬ نجيب زروالي وارثي قد ركز في تدخله أمام المشاركين على موضوع التكامل الاقتصادي المغاربي٬ حيث دعا إلى إحداث "علامة مميزة للمنتوج المغاربي" وإيجاد "سلة مرجعية مشتركة" من العملات لتسهيل الأداء في المعاملات التجارية بين البلدن المغاربية. كما شدد على أهمية تفعيل الاتفاقية المغاربية المتعلقة بإنشاء منطقة للتبادل الحر وتعميم شبكة النقل البري والسككي والبحري والجوي بين كافة الدول المغاربية الخمس٬ مشيرا أيضا على إلى أهمية تركيز التعاون في عدد من القطاعات الحيوية كالفلاحة والصناعة والماء والطاقات المتجددة ٬ إضافة إلى خلق شراكة بين الاتحاد المغاربي للمقاولات واتحاد الأبناك المغاربية. وأكد من جهة أخرى على ضرورة فتح المجال أمام المجتمع المدني المغاربي ليضطلع بدور أساسي في مسلسل البناء المغاربي٬ مشيرا في هذا السياق إلى أهمية إطلاق حريات التنقل والإقامة والعمل والاستثمار أمام مواطني البلدان المغاربية. من جهته٬ تحدث الخبير الاقتصادي التونسي ٬ بوجمعة الرميلي عن موضوع الاندماج الاقتصادي فأوضح أن المنطقة المغاربية تعد من بين أكثر المناطق المؤهلة لتحقيق الاندماج اقتصاديا٬ مستعرضا في هذا الصدد العديد من المزايا التي تزخر بها كالطاقة واليد العاملة المدربة٬ فضلا عن قدرتها الاستهلاكية الهائلة والتي قال إنها ستبلغ سنة 2020 أكثر من 102 مليون مستهلك. وقال إنه بإمكان المنطقة المغاربية أن تضاعف حجم مبادلاتها الاقتصادية 5 مرات من خلال إرساء وحدة نقدية بين دولها٬ معتبرا أن الخطوات الضرورية للاندماج تبدأ بتنمية التجارة البينية وتبادل السلع والخدمات وتطوير المشاريع المشتركة في مجال الانتاج وتنسيق السياسات الاقتصادية البينية. أما الخبيرة الاقتصادية بالبنك الإفريقي للتنمية٬ كاترين بومو كايتا٬ فقد لاحظت لدى تناولها لآفاق الاندماج المغاربي٬ أن المنطقة المغاربية تعد"الأقل اندماجا ضمن التكتلات المجودة في العالم رغم المؤهلات الكثيرة التي تتوفر عليها لتحقيق ذلك" . وقالت إن كلفة غياب الاندماج الاقتصادي بين البلدان المغاربية يكلفها سنويا خسائر تتراوح بين 2 و3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.