الخميس الماضي كان يوما إستثنائيا ، لأنه جاء متزامنا مع عيد الصحافة ، كما تعانقت فيه الريشة و القلم. من خلال توقيع كتاب الزميل عميد الصحافيين المغاربة مولاي مصطفى العلوي. بالصالون الثقافي لامينوديير بالرباط. المناسبة ذاتها جعلت من اللون و الشكل يحتفلان بالصحافة بتعبيرات فنية عميقة موغلة في الأصالة. إنه معرض الفنان التشكيلي المغربي عمر البلغيثي، الذي أصر أن يشارك الصحافيين عيدهم ، و أن يبصم اللحظة بألوانه المغربية الحارة و أشكاله المتعددة الأفق. هذا الجانب في شخصية عمر البلغيثي يستدعي الإنتباه، فالرجل دائما يهب الإبداع لأجل أن تكون اللحظة حاسمة و تاريخية و إنسانية جدا فهو دائما يؤكد على قناعته الراسخة بأن الإبداع للإبداع فقط و عليه فإن العطاء يجب أن يكون غير محدود و يجب أن يكون الهاجس الإنساني هو شرطه للعيش بنقاء ، لذلك فإن مشاركته في هذا الحدث بمعرض ضم كل لوحاته بكل مراحلها هو رغبة في أن يحول المعرض من ملامح موجهة إلى ملامح مجردة تحتفي بالفكرة اولا و قبل كل شيء. فهذا المعرض الذي يضمه رواق لامينوديير جزء كبير من ريعه سيحول لأعمال إجتماعية بالأساس. بكل بساطة عمر البلغيثي يشكل ذلك الكائن الإبداعي الذي يسكننا و لا يظهر إلا بين الفينة و الاخرى. لذلك فالمراحل بالنسبة إليه تحرق نفسها و ترغب في أن تكون في حالة تواصل عميق و بليغ مع ما يفكر به البلغيثي.فإذا كانت أعماله اليوم تطغى عليها اللمسة التجريدية الموغلة في الحرارة ، فإن أعماله بالامس كانت أشكالا موغلة في ذاكرتنا و في لحظتنا اليومية الهاربة منا . فالفنان يعتمد ألوانا ساخنة مرتكزا على اللونين الأحمر و الاخضر رمزا لمغربيته و مغربية أعماله. كما لو كانت بصمة خاصة يريد لها البلغيثي أن تكون إستثنائية و مميزة ضمن مساره التشكيلي. الأكيد انني من خلال تأمل أعماله و قراءتها أجد أن لوحات عمر البلغيثي تجسد الرغبة في فتح الأفق و التحليق في فضاء غير محدود السقف و غير محدد الملامح ، إنه الحلم الذي يصنع الواقع.أو العكس يعني الواقع الذي يصنع الحلم ، المهم أن هذه المزاوجة العميقة جعلت من اللوحات عبارة عن تكريس للحظة التأمل من جهة و من جهة اخرى إنفتاح على اللحظات و الأشكال الحالمة.