مصر.. عودة »البلطجية« أبدت الولاياتالمتحدة الأربعاء رغبتها في قيام النظام العسكري الانتقالي في مصر بالتحقيق في شأن أعمال العنف التي أدت إلى سقوط 20 قتيلاً. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر: «لدينا قلق كبير إزاء أعمال العنف الأخيرة في مصر»، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة «تريد رؤية نهاية فورية لأعمال العنف هذه». وقتل 20 شخصًا الأربعاء في القاهرة خلال مواجهات بين متظاهرين مناوئين للحكم العسكري ومهاجمين، ما أدى إلى ارتفاع سريع في التشنج السياسي ودفع بعدد من المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية إلى تعليق حملاتهم. وأضاف تونر: «نرغب في رؤية الحكومة المصرية تتولى تحقيقًا حول هذه الأحداث ومحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف هذه. ندافع بطريقة واضحة عن حق جميع الأفراد بالتظاهر السلمي». وقالت مصادر المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر حالياً إنه لا يعتزم تأجيل الانتخابات الرئاسية، في أعقاب الاشتباكات الدامية التي وقعت في محيط وزارة الدفاع في منطقة العباسية، حيث يبحث تسليم السلطة في 24 ماي الجاري في حال فوز أحد المرشحين في الجولة الأولى. وقال النائب المستقل في مجلس الشعب محمد أبو حامد، إن الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أكد في اجتماعه بممثلي الأحزاب الأربعاء، أن المجلس يبحث تسليم السلطة في 24 ماي حال فوز أحد المرشحين للرئاسة بالجولة الأولى، حيث لن يقبل الشارع المصري تأجيل الانتخابات. وأضاف أبو حامد لCNN بالعربية، إن القوى السياسية «كانت منقسمة وضد الاعتصام في بدايته، لاسيما وأن المواطن العادي ضاق من فكرة الاعتصام من دون مبرر»، مشيرًا إلى أن نجاح الاعتصام «يعتمد على دعم الشارع المصري له». من جنبها، أكدت الناشطة السياسية أسماء محفوظ، على أهمية وقف إراقة الدماء في منطقة العباسية، لافتة إلى أنه على الرغم من وجود انقسام حول الاعتصام، فإن القوى السياسية «يجب أن تنحاز إلى المعتصمين لأنهم الطرف الأضعف، ولو كان في استطاعتهم شيء لفعلوه». وقالت محفوظ إن المعتصمين في العباسية «ليسوا فقط أنصار المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، ولكن هناك ائتلافات وحركات ثورية أخرى»، مشيرة إلى وجود مناقشات بين القوى الثورية لبحث الاعتصام في العباسية أو الذهاب بالمعتصمين إلى ميدان التحرير. وقال أيمن إلياس المتحدث باسم حملة حازم أبو إسماعيل، إن المعتصمين ليسوا أنصار أبو إسماعيل فقط، فبينهم سلفيون وبعض أنصار ائتلاف الثورة و6 إبريل، لافتًا إلى أن المرشح المستبعد لم يطلب من أنصاره الاعتصام، بل توجّه برسالتين على مدار يومين لفضّ اعتصامهم. وأضاف أن المعتصمين أكدوا أن اعتصامهم ليس لشخص، ولكن لإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري، والتي تمنع الطعن على قرارات اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، إذ إن إجراءها في ظل وجود تلك اللجنة ربما تنتج منه انتخابات مزوّرة، واصفًا ما يحدث حاليًا في العباسية بمخطط منظم، الهدف منه تأجيل الانتخابات وإطالة الفترة الانتقالية. وأوضح أن المعتصمين «ليسوا موظفين لدى أبو إسماعيل حتى تكون لديه سلطة عليهم، ولكنهم متطوعون لا يملك إلا الرجاء عليهم»، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية استكمال الاعتصام. من جانبه، كشف زعيم الغالبية في مجلس الشورى، النائب علي فتح الباب، عن احتمال إجراء تعديل للإعلان الدستوري، أطلق عليه «عملية تجميل»، ووصف المشهد السياسي الحالي بأنه «ضبابي ومتخبط»، وقال إن المسؤول عن ذلك من البداية هو الإعلان الدستوري «بمواده غير الواضحة، والتي وصفها بأنها متناقضة». وقال فتح الباب، في لقاء مع المحررين البرلمانيين الأربعاء، نقل تفاصيله التلفزيون المصري عبر وكالة أنباء الشرق الأوسط، «إن من كان يشير إلى المجلس العسكري، إما إنه كان يرغب في توريطه أو يتعمد تخبطه أو يهدف إلى إدخال البلاد في حالة من التخبط كما يحدث الآن، أو ليس فاهمًا». وانتقد فتح الباب المظاهرات الراهنة أمام وزارة الدفاع قائلاً: «إن من يطالبون حاليًا بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وهدم الانتخابات الرئاسية وإطالة أمد المرحلة الانتقالية مع التسليم الكامل بحق الشعب المصري في التعبير الحر والتظاهر السلمي». أما حزب الوفد فقد أصدر بيانًا بعد ظهر الأربعاء، أعلن فيه أن رئيسه، السيد البدوي لم يحضر اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأدان الأحداث التي شهدتها منطقة العباسية ومحيط وزارة الدفاع بين من وصفهم ب»البلطجية المأجورين من ناحية، وبين المعتصمين من ناحية أخرى». مقتل 11 في اشتباكات قرب وزارة الدفاع إلى ذلك، قالت مصادر أمنية وطبية إن 11 شخصًا لقوا حتفهم، وأصيب أكثر من 160 آخرين في اشتباكات دارت الأربعاء بين معتصمين ومسلحين بالقرب من مبنى وزارة الدفاع المصرية في منطقة العباسية شمال القاهرة. ويطالب المعتصمون، ومعظمهم مؤيد للقيادي السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي استبعد من الترشح لانتخابات الرئاسة، بإنهاء إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشؤون البلاد وحلّ لجنة الانتخابات الرئاسية. وبعد ساعات من توقف الاشتباكات، قال المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنه نشر أعدادًا إضافية من القوات في المنطقة للسيطرة على الاشتباكات. وجاء في بيان للمجلس العسكري أن 8 ناقلات جند مدرعة من المنطقة العسكرية المركزية دخلت منطقة العباسية لوقف القتال بين المعتصمين والمسلحين، لكنها لن تتدخل لفضّ الاعتصام. وقال شاهد عيان إن قوات من الجيش والشرطة طوّقت منطقة الاشتباكات باستثناء مخرج يستخدمه طلاب جامعة عين شمس، التي دارت الاشتباكات بالقرب منها. وأضاف أن القوات تمركزت فوق جسرين استخدمهما المسلحون في مهاجمة المعتصمين بالرصاص وطلقات الخرطوش بحسب ما ذكره محتجون. وبدأ أنصار أبو إسماعيل ونشطاء آخرون الاعتصام قرب وزارة الدفاع في الساعات الأولى من صباح يوم السبت بعد مسيرة انطلقت من ميدان التحرير في وسط القاهرة مساء الجمعة. وتوقع مسعف وطبيب ارتفاع عدد القتلى. وقال الطبيب أحمد حسن في العيادة الميدانية إن عدد القتلى حتى الساعة الرابعة صباحًا بلغ 14 قتيلاً، وإنه لم يتابع حتى نهاية الاشتباكات التي توقفت بعد شروق الشمس. وقال المسعف أحمد شهير، وهو طالب في كلية الصيدلة، إن كثيرًا من إصابات المعتصمين كانت في أماكن قاتلة، مثل الرأس والصدر. وتلقي أعمال العنف بظلالها على انتخابات الرئاسة، المقرر أن تجري جولتها الأولى في 23 و24 من الشهر الحالي، كما تسلط الضوء على هشاشة انتقال مصر إلى الديمقراطية، والذي شابته أعمال عنف ومشاحنات سياسية. وقال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في صفحته على تويتر اليوم الأربعاء «مجزرة في العباسية.. مجلس عسكري وحكومة عاجزون عن توفير الأمن أو متواطئون. فشلتم. إرحلوا. مصر تنهار على أيديكم». وأثار استبعاد أبو اسماعيل اتهامات للمجلس العسكري بأنه يحاول التحكم في نتائج الانتخابات. وتجمع سكان حول نقطة شرطة قريبة بعد الاشتباكات الأربعاء، وطالبوا الشرطة بتفريق المحتجين ووصفوهم بأنهم بلطجية. وتتكرر اتهامات المحتجين لأجهزة الأمن بتجنيد البلطجية أو تشجيعهم لسحق الاعتصامات السلمية. وأصدرت حركة شباب (6 إبريل) بيانًا أدانت فيه ما وصفته بالمذابح، وطالبت بمحاسبة الجيش، قائلة إنه ارتكب جرائم ضد النشطاء، الذين دعوا إلى احتجاجات، بدأت يوم 25 يناير من العام الماضي، وتحولت إلى انتفاضة أسقطت الرئيس حسني مبارك بعد 18 يومًا. مرشحان للرئاسة يعلقان حملتيهما بسبب الاشتباكات إثر ذلك، علق المرشحان الرئاسيان المصريان محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح الأربعاء حملتيهما الانتخابيتين وسط انتقادات للحكومة لعدم تصديها لهجمات يتعرّض لها معتصمون قرب مبنى وزارة الدفاع في منطقة العباسية شمال القاهرة. وغالبية المعتصمين يؤيدون القيادي السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، الذي استبعد من الترشح للانتخابات، بعدما قالت لجنة الانتخابات الرئاسية إن والدته حملت الجنسية الأميركية في السنوات الأخيرة من حياتها. وقال موقع جماعة الإخوان المسلمين على الانترنت إن حملة مرشح الجماعة محمد مرسي علقت أنشطتها لمدة يومين حدادًا على أرواح قتلى الاشتباكات. وقال الموقع إن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة قرر مقاطعة اجتماع دعا إلى عقده الأربعاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد. وأضاف أن القرار جاء احتجاجًا على أحداث منطقة العباسية حيث تدور الاشتباكات. وأوضح علي البهنساوي المستشار الإعلامي للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح أن الأخير علق حملته الانتخابية حتى إشعار آخر احتجاجًا على الأسلوب الذي تتعامل به السلطات مع الاعتصام المناهض للمجلس العسكري. وكتب أبو الفتوح في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر «واجب الدولة حماية الاعتصامات السلمية. ليس دور المواطن التصدي يوميًا لمحاولات فضّ اعتصام. على البرلمان إيقاظ وزير الداخلية ليؤدي وظيفته». ويطالب المعتصمون بإلغاء حصانة ممنوحة للجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن على قراراتها، كما يطالبون بحلّ اللجنة وتسليم السلطة إلى المدنيين. وقالت وزارة الصحة إن أكثر من 100 أصيبوا في الاشتباكات التي استخدمت فيها الهراوات والحجارة وطلقات الخرطوش والأعيرة النارية. الإخوان يحمّلون المجلس العسكري مسؤولية قتل المعتصمين من جهتها، حمّلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر المجلس العسكري المسؤولية عمّا يجري في البلاد في هذه المرحلة الحرجة، مطالبة بوقف العنف ضد المتظاهرين والمعتصمين في العباسية، الذي أسفر عن قتل عدد منهم وإصابة المئات. ودعت الجماعة في بيان لها اليوم بإيقاف القتل والعدوان على المصريين فورًا والقبض على البلطجية والمجرمين ومحاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات بحقهم. كما طالب البيان بإقالة الحكومة القائمة وتشكيل حكومة محايدة نزيهة تتولى إدارة البلاد والإشراف على انتخابات الرئاسة ورفع يد المجلس العسكري وعدم تدخله، سواء في تشكيل الجمعية التأسيسية ووضع الدستور. وأشار البيان إلى ضرورة إجراء انتخابات الرئاسة في موعدها المحدد، وبشفافية ونزاهة كاملتين، وتسليم السلطة إلى السلطة المدنية المنتخبة في 30 يونيو 2012 من دون أي تأخير. وأعلنت الجماعة عن مشاركتها جموع الشعب في مليونية يوم الجمعة المقبل في ميدان التحرير للتعبير عن رفضها لكل ممارسات المجلس العسكري، وإدانة عمليات القتل والإجرام التي ترتكب في حق المصريين الأحرار. العفو الدولية تطالب الجيش بوقف التعرّض للمتظاهرين عطفًا على الأحداث، دعت منظمة العفو الدولية الجيش المصري إلى «حماية المتظاهرين جراء تزايد العنف قبل الانتخابات الرئاسية، وسقوط عدد من القتلى في مواجهات دامية بين المتظاهرين ومهاجمين مجهولين». وأكدت المنظمة في بيان لها أن «مجموعات مسلحة اشتبكت اليوم مع متظاهرين ينفذون اعتصاماً منذ نحو خمسة أيام قرب وزارة الدفاع المصرية في القاهرة».