لم يعد ترويج السموم الصلبة الدخيلة بالسرية ولا الخافية، بل أصبح نشاطا يمارس في واضحة النهار، مع ما يصاحبها من بيع للخمور المهربة الفاسدة وحبوب الهلوسة المرتبطة بسوق الدعارة المستفحلة -بخميس اساكن- ورغم محاولات المستفيدين من ريع هذه التجارة التي باتت تخرب أوصال المجتمع (الكتامي) المحافظ بإرسال إشارات مبطنة بالوعيد والتهديد لكل من سولت له نفسه فضح وشجب هذه الممارسات المشينة، في محاولات يائسة وبئيسة، لتكميم أفواه بعض فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، إن محاولتهم تلك للتعتيم على هذه السوق التي تباع فيه النساء بالمزاد، بحيث أصبحت هذه التجارة تعد بمثابة استثمار يحقق عائدات مهمة لتجار الرقيق الأبيض والذين باتوا يراكمون ثروات لم يكونوا حتى ليحلموا بها من قبل، كما أن محترفي (الدعارة) باتوا يشكلون ميليشيات صعبة الاختراق، تجند فيها كل الوسائل المادية والبشرية واللوجيستيكية ومنها فتيات في عمر الزهور وحتى قاصرين من الجنسين إذ يلقنون تداريب لخدمة عالم كله رق وعبودية وإذلال. فالمومس في هذه الحالة لا تتمتع أبدا بحريتها لأن انتماءها إلى شبكة الدعارة والتي يدار بعضها من وراء القضبان كالماخور التابع لأملاك الجماعة (بخميس اساكن) كمن ينتمي إلى «مافيات» التهريب، بمعنى أن أية محاولة للهروب منها قد يكلفها غاليا إن لم تكن المغامرة بحياتها، لذلك فهي بين مطرقة الوسيط وسندان الزبون اللاهث وراء إشباع نزواته، فيما يتم نقلهن من مكان إلى آخر معد للدعارة. وقد تفاءل الرأي العام المحلي خيرا بإغلاق بل وتلحيم باب أقدم المواخر بجماعة اساكن والذي سيظل وصمة عار على جبين المجالس السابقة المؤسسة واللاحقة المتسترة. وأمام اندهاش الجميع، عاد وبسرعة لفتح أبوابه في وجه زبنائه وكأن للبيت رب يحميه لمزاولة نشاطاته الاعتيادية آناء الليل وأطراف النهار. ولقد أصبحت الدعارة تسير داخل نمط مبني على قواعد متحكم في تسييرها، بدءا من -القوادة- و-العاهرة- والمهرب، وهي إشارة واضحة أن الوسيط و الوسطاء محترفين ومتمكنين في فرض سلطتهم بشكل مهني واحترافي ما يستحيل معه القضاء على هذا الداء الذي أخذ يفتك بخيرة شباب المنطقة في غياب التوعية الجنسية الضرورية والمراقبة الطبية الصارمة لتحاشي وتجنب الوقوع في شباك الأمراض المنقولة جنسيا كمرض القرن -السيدا- والذي قد يحصد أرواح الكثيرين في غفلة من الجميع.