ناشطون سوريون للمعارضين المسلحين: أعيدوا لنا ثورتنا! غادر الناشط السوري محمد علوش بلده إلى لبنان ليس هربا من ملاحقات الأجهزة الأمنية لنظام الرئيس بشار الأسد، بل إن عناصر الجيش السوري الحر هم الذين أجبروه على الرحيل من مدينته حمص. وقال علوش في حديث لصحيفة كريستيان سانيس مونتر في بيروت، أن النظام اعتقله مرة أخرى في (سبتمبر) الماضي لتنظيمه احتجاجات وبعد الإفراج عنه، التقى مجموعة يعرف أن أفرادها من عناصر الجيش السوري الحر. وأضاف «توجهتُ إليهم وصرخت «أنتم سرقتم ثورتنا! أنتم لا تقلون سوءا عن الشبيحة». بعد ذلك اعتقل عناصر الجيش السوري علوش وابقوه معهم أربعة أيام ثم قالوا له ألا يُري وجهه مرة أخرى في حمص. وينتمي علوش الآن إلى حركة من الثوار الشباب الذين بدأوا الاحتجاجات ضد نظام الأسد في آذار(مارس). ويشعر ناشطو الحركة بالتهميش بعد المنحى العسكري الذي اتخذته الانتفاضة منذ تشكيل الجيش السوري الحر في صيف العام الماضي. ويتألف الجيش السوري الحر في الغالب من منشقين عن جيش النظام ولكن تقارير تحدثت عن تعاونه مع جهاديين من خارج سوريا، وان العديد من وحداته تستخدم لغة طائفية بصورة متزايدة، كما أفادت صحيفة كريستيان ساينس مونتر ناقلة عن مغنية تستخدم اسم صافيناز لأنها ما زالت في سوريا «أن ثورتنا سرقها منا أشخاص لديهم أجندتهم الخاصة. فنحن لا نؤمن بالعنف بل نريد العودة إلى الانتفاضة الحقيقية التي كانت نظيفة حين بدأت لكنها أصبحت شيئا آخر الآن». وأضافت «أنا ضد النظام ولكني ضد المعارضين المسلحين». واجتمع أكثر من 200 ناشط سوري في القاهرة لتوحيد الثوار حول هدف مشترك هو العودة إلى الاحتجاجات السلمية. وفي حين أن الناشطين يعترفون بأن الجيش السوري الحر اكتسب زخما كبيرا بدعوة العربية السعودية وقطر المجتمع الدولي إلى تسليح الثوار، فأنهم يرون فرصة في عودة هذا الزخم لصالح الناشطين السلميين إذا صمد وقف إطلاق النار الذي تنص عليه خطة المبعوث الدولي كوفي انان. وقال هيثم خوري عضو المنبر الديمقراطي السوري الذي شارك في مؤتمر القاهرة «أن خطة انان هي أملنا الرئيسي ونعمل على التزام الجميع بها». وأضاف أن اتصالات تجري مع فصائل معارضة أخرى «محاولين أن نمنح الشعب أملا من خلال الإعلام لينقل إليه، أن هذه خطوة جيدة جدا نحو إنقاذ الأرواح والعودة إلى ثورة سلمية تماما». في دمشق قال ناشط تحدث لصحيفة كريستيان ساينس مونتر عن طريق سكايب «نحن بصراحة يأسنا من المجتمع الدولي». وأضاف الناشط الذي قدم نفسه باسم مار «أن الجيش السوري الحر هو أملنا الوحيد بالخلاص الآن». ويقول النظام السوري إن الانتفاضة من تدبير عصابات مسلحة ومجموعات إرهابية. ويرى مراقبون إن نشاط الجيش السوري الحر الذي اتُهم بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، تسبب في تعقيد ما بدأ ثورة جماهيرية سلمية، لكنها قوية العزيمة في مطالبتها بالإصلاح السياسي على غرار ما حققه المصريون في ميدان التحرير. ويؤكد ناشطون، أن نظام الأسد ينظر إلى التغيير السياسي على أنه الخطر الأكبر وليس العمل المسلح ضده. وقالت يارا نصير التي أُجبرت على مغادرة سوريا الصيف الماضي بعد اعتقالها لمدة 18 يوما لتوزيعها منشورات «أن النظام يخاف المحتجين السلميين أكثر مما يخاف الإسلاميين المسلحين.... وانه أرادها أن تصبح انتفاضة مسلحة لأن ذلك يتيح له أن يقول للعالم انه يقاتل إرهابيين». وكان وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو حين سُئل خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي إن كان النظام السوري يخاف أن يتكرر في دمشق ما حدث في ميدان التحرير في القاهرة، قدم إجابة ذات مغزى حين قال «إن هذا ما كنا نعتقده منذ اليوم الأول». وكان علوش الذي غادر حمص هربا من الجيش السوري الحر من أوائل الناشطين الذين نظموا احتجاجات مناوئة للنظام في حمص حين بدأت الانتفاضة في (مارس) 2011. وقال علوش إن النظام كان وقتذاك سيعمل على دس عناصر مسلحة بين المحتجين يتذرع بهم لإطلاق النار على المتظاهرين «ولكنه الآن لا يحتاج إلى القيام بذلك لأن الجيش السوري الحر قدم له ذريعة مثلى لقتل الناس». في (فبراير) عاد علوش سرا إلى حمص وطاف على المساجد لإقناع الخطباء بالدعوة إلى الابتعاد عن العنف. وحين عرف به الجيش السوري الحر هرب عائدا من جديد إلى لبنان. وآثار ناشط آخر يستخدم اسم يوسف الشامي غضب الجيش السوري عليه. إذ كان الشامي في طرابلس شمالي لبنان في (مارس) ليطلب مساعدة الجيش السوري الحر في إرسال شحنة أدوية إلى المدن السورية المحاصرة، عندما نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان تقريرها عن انتهاكات عناصره ضد حقوق الإنسان، بما في ذلك الضلوع في أعمال خطف وتعذيب وإعدامات. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتر عن الشامي «قلتُ لهم بوجهم إنكم مجرمون إذا فعلتم هذه الأشياء وإنهم لا يعرفون معنى كلمة الحرية». وقيل للشامي ألا يُري وجهه ثانية في طرابلس إذا أراد أن يبقى على قيد الحياة. واتهم الشامي الجيش السوري الحر بأنهم «خربوا كل شيء. في البداية كنا كلنا سوريين ولكن عندما كنتُ في حمص (أواخر العام الماضي) وجدت الناس لا يعرفون حتى بما يجري في أنحاء البلاد الأخرى. فهم ينظرون إلى الأمر على انه حركة مسلحة يقوم بها السنة واتهموني بأنني جاسوس بسبب أصولي الدرزية». سبب انحسار الانتفاضة بادر ناشطون في الآونة الأخيرة إلى تشكيل تنظيم جديد للعودة إلى التظاهرات السلمية في أيام الثورة الأولى. وقالت ناشطة تحدثت لصحيفة كريستيان ساينس مونتر عن طريق سكايب باسم سيلين «نحن الذين نريد ثورة سلمية ما زلنا كثيرين ولكن منذ أصبحت نزاعا مسلحا انسحب العديد ممن كانوا متعاطفين مع قضيتنا». وأصبح تنظيم احتجاجات أخطر بكثير الآن وقالت سيلين «أننا هذه الأيام لا نفاتح إلا من نعرفهم معرفة جيدة». ونتيجة لذلك أصبحت الاحتجاجات اصغر بكثير، وتحدثت سيلين عن فعالية أخيرة قائلة «اتفقنا على التحشد عند مفترق استراتيجي وسط دمشق وأحرق بعضنا إطارات فيما ردد البعض الآخر هتافات. ولم تستمر العملية كلها أكثر من 5 دقائق وكان المارة يريدون الانضمام إلينا لكننا اختفينا قبل أن يحدث ذلك». وشددت سيلين على «أن من المهم إسماع أصواتنا، ونحن نحرص على تصوير احتجاجاتنا وإرسالها إلى وسائل الإعلام». الحاجة إلى قيادة في هذه المرحلة الحساسة شُكل المجلس الوطني السوري بوصفه إطارا تنظيميا للعمل من اجل التغيير السياسي. ولكن حتى يارا نصير المتحدثة باسم المجلس في لبنان ترى إن المجلس الوطني السوري متحالف تحالفا وثيقا مع الجيش السوري الحر بحيث انه لا يمثل بديلا حقيقيا عن العمل المسلح. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن نصير «أن المجلس الوطني السوري يدعي انه ممثل الشعب السوري. وهذا ليس صحيحا. فهم لا يتحدثون إلا عن تسليح الثوار ولا يتحدثون أبدا عن المقاومة اللاعنفية، وهم قطعا لا يتحدثون عن «الرماديين»، أي الأغلبية الصامتة من الذين لا يؤيدون النظام ولا الثوار المسلحين». وأشارت نصير إلى أنها فكرت في الاستقالة من المجلس الوطني السوري كما فعل آخرون «ولكني أُقنعتُ بالبقاء ومحاولة التغيير من الداخل». وعبرت نصير عن آمالها في مؤتمر القاهرة حيث دعت إلى الاتفاق على «رسالة يمكن أن يقف وراءها كل من يعارض الاستمرار في عسكرة هذا النزاع». وقال الناشط علي الذي شارك في مؤتمر القاهرة حيث يقيم الآن بعدما قام بدور نشيط في تخطيط الانتفاضة إن على المعارضة نفسها أن تحل هذه المشكلة. وأضاف أن الذين يتظاهرون في الشوارع يحتاجون إلى وقف إراقة الدماء «ويحتاجون إلى معارضة حقيقية لقيادة هذه الفترة الحساسة». وقالت الناشطة أروى الأحمد التي تقيم في دبي إن مؤتمر القاهرة «حلبة لالتقاء جميع الأفكار والرؤى السياسية وإن الغالبية هم مع المبادرة السلمية ولكن تحقيق ذلك يتطلب مشاركة قيادات ورؤى سياسية». ويدرك الناشطون الذين اجتمعوا في القاهرة أنهم لا يستطيعون أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الصيف الماضي، قبل تحول الانتفاضة إلى العنف. ولكنهم مصممون على العمل من أجل حلول سلمية. وقال علوش «أن الجيش السوري الحر حقيقة قائمة وعلينا أن نقبل به ولكن هذا لا يعني قبولنا بهم قيادة لهذا الثورة. فأنا أعرف هؤلاء الناس وأعرف أن العديد منهم يريدون تحويل سوريا إلى جمهورية إسلامية إذا أُتيحت لهم الفرصة»، على حد تعبيره. ودعت المعارضة إلى تظاهرات جماهيرية لاختبار خطة انان التي تنص في أحد بنودها على حرية التجمع. وقالت الناشطة صافيناز «إن لدينا نافذة صغيرة ولكن الوقت ضدنا. فنحن الآن نقاتل نظامين وجيشين». عن إيلاف