ندوة موضوعاتية تثير أسئلة التنزيل الدستوري في المجال الحقوقي أكدت أمينة بوعياش أن الحركة الحقوقية المغربية تواجه تحديات رئيسية ترتبط بتنزيل المقتضيات الجديدة التي تضمنتها الوثيقة الدستورية المصادق عليها في يوليوز 2011، وتحديد المعايير لإحداث الآليات الاستشارية التي نصت عليها هذه الوثيقة، والانكباب على تحيين الميثاق الوطني لحقوق الإنسان الذي شكل بداية سنوات التسعينات إطارا مهما ساهم بشكل كبير في تحريك دينامية العمل الحقوقي. وأبرزت أمينة بوعياش خلال الندوة الموضوعاتية التي افتتحت بها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مؤتمرها الثامن صباح يوم الجمعة الماضي بالرباط، أن تحيين هذا الميثاق باتت تفرضه اعتبارات التحولات الجارية، ولما تحمله أيضا الوثيقة الدستورية الجديدة في انفتاح على كل مكونات الحركة الحقوقية التي تشتغل على قضايا حقوق الإنسان في شموليتها، أو التي تشتغل على قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في جانبها الفئوي. وأوضحت بوعياش التي كانت إلى حدود ذلك اليوم تشغل منصب رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن هذا الميثاق يمكن أن يبلور أرضية مخطط تكون بموجبه الحركة والمنظمات غير الحكومية فاعلا دائما لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، مشيرة أن الحركة الحقوقية في المغرب لديها هذه الآلية التي تجمع مختلف مكوناتها لكن يجب على السلطات العمومية أن ترفع حالة الالتباس والتعثر الذي يطبع موقفها على مستوى إعمال الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، بل وكل الآليات الموجودة بزخمها بما فيها القوانين، والعمل من أجل الدفع في اتجاه رفع إشكالية التدخل الفوري والتدبير الجديد لحماية حقوق الإنسان. وقالت المتحدثة، «إن الدستور الجديد نص على إحداث 13 من الآليات الاستشارية، والحركة الحقوقية فاعل في هذه الآليات، وعلى السلطات العمومية أن تكون واضحة بهذا الخصوص وتمكن الجمعيات غير الحكومية لتكون عنصرا أساسيا يساهم في بلورة المقترحات ومشاريع القوانين التنظيمية المزمع صياغتها»، مشددة بأن الحركة الحقوقية فاعل في التغيير الذي لازالت تتطلع إليه على مستوى تدبير حماية حقوق الإنسان، خاصة وأن الدستور الجديد وفي ظل التحولات التي يشهدها المغرب والمنطقة برمتها يقر بدور الحركة ويقر لها بهذه الإمكانية. وبخصوص الندوة، اعتبرت بوعياش أن الندوة الموضوعاتية التي قاربت موضوع «الحركة الحقوقية وتحديات المرحلة الراهنة»، ليست ترفا فكريا، بل تعد منهجا استراتيجيا تعتمده المنظمة في بلورة عملها لمدة ثلاث سنوات أي المدة الفاصلة بين المؤتمرين، في انفتاح على الآراء المختلفة والمتعددة، بل هي مصدر من مصادر عمل المنظمة وبلورة موقفها في علاقتها بالوطن وفي علاقتها أيضا مع المحيطين الإقليمي والدولي. وأبرزت من جانب آخر، أن طبيعة الحراك الذي تعرفه المنطقة المغاربية والشرق الأوسط باتت تطرح تحديات ترتبط بسؤال تدبير الحركات الحقوقية للمستجدات الحقوقية ولمتابعتها لموضوع دعم ضحايا حقوق الإنسان، والأخذ بعين الاعتبار أيضا القوة المعنوية والرمزية للحركة الحقوقية في الدفع بإعمال حقوق الإنسان والنهوض بها. وأشارت إلى أن التحديات ترتبط أيضا بالتساؤل أيضا حول الآليات الدولية ودروها في حماية ضحايا حقوق الإنسان و المعيقات التي تعترض حركة حقوق الإنسان على المستوى الدولي في ارتباط بالعناصر السياسية والجيوستراتيجية في حماية ضحايا حقوق الإنسان في المنطقة، بل ويمتد التساؤل بشكل كبير إلى الإشكاليات التي تطرحها الآليات الإقليمية العربية، لإفريقية، والأوربية في تدخلها لحماية حقوق الإنسان وخاصة الضحايا وتوفير الحماية الفورية لهم، وكذا الآليات والأساليب الجديدة لحشد التضامن مع ضحايا حقوق الإنسان. هذا وأكد المشاركون في هذه الندوة التي توزعت على ثلاث جلسات قاربت الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، والآليات الإقليمية، ثم الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، على عقد مؤتمر دولي للحركة الحقوقية الدولية من أجل إعادة النظر في العديد من الآليات الدولية والإقليمية الخاصة بحماية والنهوض بحقوق الإنسان، خاصة في ظل المستجدات التي حملها الربيع العربي والتي فرضت تحديات جديدة على الحركة الحقوقية. واعتمد أصحاب هذا الرأي على مبرر مفاده ابتعاد متخذي القرار على مستوى الآليات الدولية والإقليمية عن حقوق الإنسان كقيم والاحتكام إلى عنصري السياسية والمصالح في إصدار قراراتها، مشيرين في هذا الصدد إلى حالة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واختلاف المقاربة بين الملف الليبي والملف السوري، مبرزين أن الأزمة التي باتت تحيط بحقوق الإنسان تقتضي من الحركة الحقوقية العالمية عقد اجتماع، خاصة وأن آخر مؤتمر لها عقد في فيينا قد مرت على تنظيمه حوالي 19 سنة. كما تمت الدعوة إلى عقد مؤتمر على مستوى العالم العربي لطرح مصير حركة حقوق الإنسان العربية التي أصبحت حاليا مهددة ليس من قبل الحكام فحسب بل من لدن تأويلات بعض الأطياف السياسية التي برزت بشكل واضح في الساحة، مؤكدين على ضرورة إعادة النظر في الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وخلق آليات جديدة يمكن اعتمادها في إطار الالتزام بالمباديء الأساسية للمدافعين عن حقوق الإنسان والمتمثلة في الحياد والاستقلالية والمساءلة.