تظاهر آلاف الأشخاص أمس الأربعاء في باماكو تعبيرا عن دعمهم للمجموعة العسكرية التي أطاحت الرئيس المالي امادو توماني توري ويبدو أنها اقتربت من تسوية حول مرحلة انتقالي قبل تنظيم انتخابات. وكان المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي منذ الانقلاب في مارس، أعلنت أول أمس الثلاثاء عن اعتماد دستور جديد قبل 48 ساعة من زيارة عدد من رؤساء دول مجموعة غرب افريقيا التي صعدت اللجنة مؤخرا مطالبة ب»عودة سريعة إلى النظام الدستوري». وعبر المتظاهرون عن دعمهم للمجموعة العسكرية وهم يرفعون لافتات كتب عليها «ليسقط امادو توماني توري» و»تسقط الأسرة الدولية» و»تعيش المجموعة العسكرية». كما ردد المتظاهرون هتافات تأييد لرئيس المجموعة العسكرية الكابتن امادو سانوغو. وصرح احد هؤلاء المتظاهرين لفرانس برس أن «سانوغو جاء لتحرير البلاد. آمل أن يضعها في المسار الصحيح وأثق به بنسبة مئة في المئة». وقال بيان تلاه عسكري عبر التلفزيون العام مساء الثلاثاء الماضي، أن «اللجنة الوطنية من اجل النهوض بالديموقراطية وترميم الدولة» (المجلس العسكري) «أقرت النص الأساسي» وهو دستور يتضمن سبعين بندا سيطبق خلال الفترة الانتقالية. وتنص مقدمة الدستور على أن الشعب المالي «يؤكد رسميا تصميمه على ترسيخ دولة الحق والديموقراطية التعددية التي تضمن حقوق الإنسان الأساسية». ويقضي «النص الأساسي» بالا يسمح لأي من أعضاء المجلس العسكري وحكومته المقبلة بالترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعتزم السلطات العسكرية تنظيمها، بدون أن يحدد تاريخ هذه الانتخابات ولا مدة الفترة الانتقالية. وسيكون المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية «الهيئة العليا» فيما يكون قائده الكابتن امادو سانوغو «رئيس الدولة» وهو الذي سيعين حكومة. ونفذ العسكريون انقلابا في 22 مارس أطاح الرئيس امادو توماني توري قبل بضعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقررة أساسا في ابريل، ما اثأر موجة تنديد دولية بالإجماع وإدانة من الطبقة السياسية المالية بكاملها تقريبا. وتؤكد السلطات الجديدة التي تضم بشكل أساسي ضباطا أنها نفذت الانقلاب اثر فشل الرئيس في التصدي لحركة تمرد يشنها الطوارق منذ منتصف يناير في الشمال. من جهة أخرى، صرح وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي لإذاعة فرنسا الدولية (ار.اف.اي) ان المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا طرحت مسألة «انتقال السلطة» الذي سيتم بقيادة ديونكوندا تراوري رئيس الجمعية الوطنية التي حلها الانقلابيون. وأضاف «إذا كانت هذه الصيغة تسمح بالخروج من الأزمة فلم لا، اعتقد أن الرئيس ادادو توماني توري لن يجد فيها أي مشكلة، فهو الذي دعا باستمرار الى السلام والاستقرار والديموقراطية. وكانت قمة استثنائية لرؤساء دول غرب افريقيا قررت الثلاثاء الماضي، في ابيدجان إرسال وفد يضم عددا من الرؤساء خلال 48 ساعة الى مالي من اجل «السماح بعودة سريعة الى النظام الدستوري» في هذا البلد. وسيكون هذا الوفد برئاسة رئيس ساحل العاج الحسن وتارا والرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (سيدياو 15 دولة) وسيضم رؤساء بوركينا فاسو بليز كومباوري وبنين بوني يايي وليبيرياغ ايلين جونسون سيرليف والنيجر محمدو يوسفو ونيجيريا غودلاك جوناثان. وقد وصل وفد يضم رؤساء اركان دول غرب افريقيا الى باماكو للإعداد لزيارة رؤساء الدول. وقال مصدر ملاحي أن «الوفد وصل في رحلة خاصة الى مطار باماكو الدولي»، موضحا أن الوفد «يضم ثمانية رؤساء أركان أو مندوبيهم». وعين رئيس بوركينا فاسو وسيطا في الأزمة المالية وكلف «مهمة التواصل مع جميع الإطراف لإقامة حوار مثمر من اجل إعادة السلام الى البلاد». وحذر رؤساء دول غرب افريقيا من انه «في حال عدم التزام الحركات بهذا القرار، فان المؤتمر سيتخذ جميع الإجراءات من اجل وضع حد للتمرد وسيحرص على الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي مالي بما في ذلك باستخدام القوة». وكان وزير التعاون الفرنسي هنري دي رانكور تحدث الأحد عن نقل السلطة، مؤكدا أن الدستور المالي ينص على تولي رئيس الجمعية الوطنية رئاسة البلاد إذا لم يتمكن الرئيس من ممارسة مهامه. وفي مواجهة عزلته المتزايدة، يراهن المجلس العسكري على تطبيع الوضع في البلاد. وبعد إعادة فتح الإدارات والمتاجر الثلاثاء تأكيدا على عودة النشاط بشكل شبه طبيعي في باماكو،أعلن المجلس في المساء ذاته عن الرفع الفوري لحظر التجول الليلي وإعادة فتح الحدود اعتبارا من صباح الأربعاء. وأفرج المجلس العسكري مساء الثلاثاء، عن مرشحين للانتخابات الرئاسية هما رئيس الوزراء السابق موديبو سيديبي ورجل الأعمال جميل بيطار بعدما اعتقلهما منذ الانقلاب مع 12 شخصية أخرى بينهم وزراء في النظام السابق. ودعا رئيس المجلس العسكري الثلاثاء المتمردين الطوارق الذين يسيطرون على القسم الأكبر من شمال شرق مالي وباتوا يهددون حامية كيدال إحدى أهم مدن المنطقة، إلى «وقف الأعمال العدوانية» والتفاوض. كما توجه الى السياسيين الذين حضهم على «الانضمام بدون إبطاء» إلى المجلس العسكري من اجل «العودة إلى نظام دستوري». من جهتها أعلنت الجبهة المناهضة للمجلس العسكري التي تشكلت الأحد وتضم العديد من الأحزاب والجمعيات أنها تعتزم «إقامة حوار بدون إبطاء» مع الانقلابيين لحملهم على العودة إلى الثكنات «وإفشال الانقلاب». ومنع عسكريون الثلاثاء نوابا ماليين من الدخول الى مقر الجمعية الوطنية التي أعلن رسميا حلها مع المؤسسات الأخرى في الدولة. وأخيرا أعلن الحسن وتارا أن رئيس مالي الذي كان مصيره لا يزال مجهولا منذ خمسة أيام هو «على قيد الحياة وبصحة جيدة»، مؤكدا معلومات أعلنتها الحكومة الفرنسية في اليوم نفسه، وأكد انه «كلمه» الثلاثاء.