أبرز قضاة وخبراء خلال ندوة نظمت، أول أمس الثلاثاء بالرباط، الدور المتميز والريادي الذي يضطلع به القضاء في التنزيل السليم لمقتضيات مدونة السير وبالتالي الحد من ظاهرة حوادث السير وتحقيق السلامة الطرقية. وأوضح المشاركون، خلال هذه الندوة التي نظمتها محكمة الاستئناف بالرباط بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية تحت شعار «دور القضاء في تحقيق السلامة الطرقية»، أن الدور الوقائي الذي تقوم به العديد من القطاعات ذات الاهتمام بمجال محاربة حوادث السير من خلال مختلف الأنشطة والمبادرات التحسيسية لا ينفي دور القضاء المتميز والريادي في التصدي لتنامي ظاهرة حوادث السير. وأكدوا أن هذا الدور يتجسد أساسا في التنزيل السليم لمقتضيات مدونة السير سواء تعلق الأمر بالجانب العقابي من خلال تفريد عقوبات مناسبة أو بالجانب الوقائي لاسيما من خلال تجميد مفعول رخصة السياقة عبر سحبها أو الحرمان من استعمالها إما لمدة محدودة أو بصفة نهائية، وهو ما يستخلص معه قيام تكامل بين دور القضاء ودور باقي الجهات الفاعلة في هذا المجال. وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط ادريس بلمحجوب أن تنظيم هذه الندوة يهدف بالأساس إلى تكريس مبدأ التواصل البناء بين قضاء الموضوع بمرجعيه وقضاء النقض الموحد للعمل القضائي من جهة، وبين مجموعة من الفعاليات المهنية والمؤسسات المعنية ذات الصلة بمجال السلامة الطرقية من جهة أخرى، وذلك لإبراز دورها الهام ومكانة مساهمتها الفعالة في الاستراتيجيات المعتمدة، «إيمانا بأن مضامين النصوص القانونية لوحدها غير كافية مهما بلغت من الكمال مالم يصاحبها تطبيق عملي وسليم يزرع فيها روح العدل والنجاعة». وأضاف أن هذا اللقاء يشكل مناسبة للتقييم والتفكير حول أنجع السبل لحصر أسباب ارتفاع حوادث السير بالمملكة وتحليل الإحصائيات ودراسة الموضوع من جوانبه المتعددة ذات الارتباط بالعامل البشري والشبكة الطرقية وحظيرة السيارات المتوفرة، إضافة إلى حصر الاستراتيجيات المعتمدة في الوقاية للحد من الخسائر والتكاليف الاقتصادية المرتفعة، فضلا عن دراسة متأنية لسبل توحيد العمل ومنهجية تطبيق النصوص القانونية بالصرامة الموضوعية والمرونة المناسبة. وأكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف على ضرورة إيجاد حلول يكون متوافقا عليها وتراعي التوازن بين ماهو اجتماعي وأمني واقتصادي ومصالح التنمية المستدامة للحد من حوادث السير، من أجل الخروج برؤية واضحة لكل الإشكالات الموجودة والممارسات العملية طيلة سنة ونصف من تطبيق المدونة، وكذا تحيين بعض المقتضيات القانونية بشكل أسلم لتحقيق العدل والمساواة والمصداقية. من جهته، شدد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط مولاي الحسن الداكي أن النقاش يجب أن ينصب على تعبئة كافة القطاعات المعنية بالنقل الطرقي والوقوف على مكامن الخلل والقوة في الاستراتيجية الوطنية المعتمدة في هذا الإطار، وفتح نقاش قانوني حول مدونة السير، إضافة إلى ملامسة بعض الإشكالات التي يفرزها التطبيق الفعلي للعديد من مقتضيات هذه المدونة. وأبرز الداكي أن «القضاء يضطلع بدور متميز وريادي في التصدي لتنامي ظاهرة حوادث السير من خلال التنزيل السليم لمقتضيات المدونة سواء تعلق الأمر بالجانب الوقائي أو الزجري»، مضيفا أن مواجهة ظاهرة ارتفاع حوادث السير بالمغرب يقتضي تضافر جهود كافة مكونات المجتمع من قطاعات حكومية معنية، ومؤسسات تعليمية وأسرة ومجتمع مدني، إضافة إلى إبراز الدور الذي يجب أن تضطلع به وسائل الإعلام في هذا المجال لما له من دور أساسي وهادف في التحسيس. وتضمن برنامج هذه الندوة، التي شارك فيها بالخصوص مسؤولون قضائيون ومستشارون وأعضاء من هيئة كتابة الضبط، مناقشة مواضيع تتعلق أساسا ب»السلامة الطرقية وفق مدونة السير الجديدة» و»العمل القضائي ومدونة السير».