«الأنيميشن».. ثورة بعيدة عن البنادق تعددت أشكال التعبير عن الثورة في سوريا منذ انطلاقها في 15 مارس 2011 وحتى اللحظة من مسيرات ومظاهرات على الأرض لغاية أن وصلت صناعة أفلام رسوم متحركة «أنيميشن» في العالم الافتراضي على صفحات الإنترنت. فقد ظهرت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي تدعو لمظاهرة افتراضية باسم «تظاهرة أفلام الأنيميشن لدعم الثورة السورية والشعوب التي تناضل من أجل الحرية». وجاءت هذه التظاهرة ضمن فعاليات مهرجان «سوريا الحرّة السينمائي الأول» على الفيسبوك. وقال المخرج السوري مهند صلاحات في مقابلة مع صحفية: «لدينا مشكلة حقيقية في مجال الصورة في سوريا تحديدا لم نرها في تونس أو اليمن أو مصر وهي أزمة عدم السماح لوكالات الأنباء العالمية والعربية من الدخول إلى سوريا، وأزمة الرقابة الأمنية المفروضة على طبيعة الصور الملتقطة وفي استخدام الكاميرات بشكل عام.» ويعتبر صلاحات أن هذه العوامل مجتمعة خلقت ما يعرف بالبدائل الذكية المتمثلة في «الجرافيكس» و»الأنيميشن» لتسد الفجوة الحاصلة في تغطية أحداث سوريا من صور. ويضيف «بات العالم يتجه إلى هذا اللون من الفن لأنه يؤثر على عاطفة الإنسان ويوجهه بالاتجاه الذي يريد، خاصة وأن الإنسان كتلة من المشاعر التي تجذبه أي حالة تعبّر عن الثورة.» ويرى في الوقت ذاته أن أفلام «الأنيميشن» لا تحدث صدمات نفسية كما تحدثها الصورة المباشرة من الحدث بما فيها من مشاهد قتل ودماء تؤثر على الناس بشكل عام والأطفال بشكل خاص. وحول ما يميز أفلام «الأنيميشن» عن غيرها من وسائل التعبير، يقول صلاحات: «إن الأنيميشن يعمل على توظيف الشعار السياسي وبالتالي فهو يختزل المشهد، ويستعرض الأسباب التي أدّت إلى تفجير الثورة.» ويضيف «أن هذا النوع من الأفلام يؤثر في المجتمع الخارجي أكثر من المجتمع الداخلي، لأن الصورة التي تصل إلى الخارج تكون مربكة وناقصة وقاسية عادة.. لذلك فالأنيميشن تخفف من قسوة ما تحمله الصورة الحقيقية.» أما الفنانين الأخوين ملص فقالا إن «لكل فرد في سوريا مهمة عليه إتمامها وإنجازها، فهناك من يتظاهر في شوارع سوريا ويجوب محافظاتها وهناك من يصنع أفلام الأنيميشن.» وما يميز هذه الأفلام عن غيرها بحسب الأخوين أنها «لا تخضع للرقابة ويقوم بصناعتها شباب سوري يريد إيصال رسالته ويخدم شعبه برفع معنوياته للاستمرار، كما أنها تعتبر مصدر إزعاج للنظام.» وحول فيما إذا كانت أفلام «الأنيميشن» تعتبر المحرك للثورة يقول الأخوان ملص: «نحن ضد تسمية محرّك للثورة، لأن الثورة بحد ذاتها توحي بالجماعة وليست فرد، فالشارع هو المحرّك الأساسي للثورة وما أفلام الأنيميشن سوى داعم لها». وتؤكد الصحفية والمنسقة الإعلامية لمهرجان «سوريا الحرة السينمائي الأول» نضال أيوب على أهمية هذا الفن قائلة: «هذا النوع من الفن مهم جدا ونحن لا نسلّط عليه الضوء، لذلك علينا استخدامه كما نستخدم غيره من الأعمال السينمائية لقدرته على المساهمة في التوعية ونقل الواقع من وجهة نظر فنية لتصل إلى أكبر من الناس». وتوضح أن مجموعة من هذه الأفلام قد تم عرضها ضمن مهرجان «سوريا الحرّة السينمائي الأول» على الفيسبوك الذي يهدف إلى وضع أسس سينمائية جديدة بعيدا عن رقابة الأمن ورغبة السلطة الدائمة بتسطيح هذا الفن. وقد تضمن المهرجان الافتراضي كلا من فيلم «رصاصة» لخالد عبد الواحد و»حبة حرية» من إنتاج شخابيط ثورية و»أخرج» من إنتاج المدرسة العليا لصناعة الفنون في فرنسا، و»انتباه» لأكرم آغا و»قصة سورية قصيرة» لمحمد عمران وداني أبو لوح، وغيرها.