شهدت فعاليات الدورة الثالثة للملتقى الدولي لمدارس المهن السينمائية «لقاءات تحت الخيمة» التي تستضيفها مدينة ورزازات إلى غاية يومه السبت تسليط الأضواء على تجارب بعض الدول الأفريقية المشاركة في الملتقى في مجال الفن السابع على مستوى الإنتاج السينمائي والتكوين في مهن السينما. وقد تم خلال هذا الملتقى الدولي الذي يعرف مشاركة طلبة ومتدربين ومؤطرين يمثلون مجموعة من معاهد التكوين السينمائي والسمعي البصري في دول عربية وافريقية وأوربية ٬ تقديم العديد من التجارب منها على الخصوص تجربة دولة بوركينا فاسو التي ذاع صيتها على صعيد القارة السمراء بفضل «مهرجان السينما الأفريقية» الذي ينظم في العاصمة واكادوكو٬ والمعروف اختصارا باسم» فيسباكو». وتوقف طابسوبو إيزيس مدير المعهد العالي للصورة والصوت في العاصمة البوركينابية عند مسار الفن السابع في هذه الدولة الإفريقية الذي انطلق مع مطلع عقد الستينيات من القرن الماضي٬ لتعقبها بعد ذلك في سنة 1972 أول نواة للتكوين السينمائي في غرب القارة الأفريقية. وأضاف أنه بفضل الخبرة التي راكمها الفاعلون في مجال السينما في بوركينا فاسو٬ تم اللجوء إلى ربط اتصالات مع بعض الدول من ضمنها بلجيكا ليتأتى على إثر ذلك تأسيس أول معهد للتكوين في مهن السينما وذلك سنة 2002٬ ليتم بعد ذلك تطوير هذه المبادرة حيث قررت الحكومة البوركينابية تأسيس المعهد العالي للصوت والصورة سنة 2005/2006. و قال طابسوبو إن حكومة بوركينا فاسو تعمل في الظرف الراهن على تطوير وتنويع شعب ومسالك التكوين في هذا المعهد وذلك من خلال فتح تخصصات جديدة وتنظيم بعثات تكوينية لفائدة الطلبة إلى الخارج٬ فضلا عن استثمار الحضور الوازن للسينمائيين الأفارقة والأوربيين وغيرهم في مهرجان «فيسباكو» لتطوير المهارات لدى طلبة المعهد. ومن جهته سجل السينمائي الموريتاني عبد الرحمان سالم رئيس «دار السينمائيين» في موريتانيا التأخر الذي يعرفه مجال الفن السابع في موريتانيا بفعل مجموعة من العوامل من ضمنها الطابع المحافظ الذي يرخي بظلاله على المجتمع الموريتاني٬ وانعدام الإقبال على السينما٬ مشيرا في هذا الصدد إلى أنه طيلة الفترة الممتدة ما بين 1979 و 2001 لم يتم بث أي فيلم سينمائي في موريتانيا وأبرز عبد الرحمان سالم من جهة أخرى الإرادة التي أصبحت لدى الموريتانيين المشتغلين في حقل السينما من أجل النهوض بالفن السابع٬ مذكرا في هذا الصدد بإنشاء «دار السينمائيين» والمبادرات التي أقدمت عليها من قبيل تنظيم بث أفلام في الهواء الطلق بالأماكن العمومية٬ وتقديم تكوين أولي لبعض المستفيدين قصد التعرف على أبجديات العمل السينمائي٬ ليوجه نداء إلى المشاركين في الدورة الثالثة من «لقاءات تحت الخيمة» بورزازات لمد يد المساعدة من أجل دعم هذه التجربة الناشئة في موريتانيا. أما بخصوص التجربة السينمائية التونسية٬ فقد أشار وسيم قربي من معهد قابس للسينما إلى أن الفن السابع انطلق في هذا البلد مع الأخوين لومير الفرنسيين مع بداية القرن الماضي٬ مذكرا بأن أول قاعة للسينما في تونس افتتحت سنة 1908. وأوضح أن النوادي السينمائية كانت النواة الحقيقية للتأسيس للسينما التونسية٬ مبرزا الدور الذي قام به في هذا المجال السينمائي الطاهر شريعة خلال عقد الأربعينيات من القرن الماضي٬ لتنطلق في أعقاب حصول تونس على استقلالها عملية إنتاج الأفلام والتي كان من ورائها السينمائيون الهواة والمغرمون بالفن السابع. وقال وسيم قربي أن سنة 1966 شهدت إنتاج أول فيلم سينمائي تونسي يمكن تصنيفه ضمن الأفلام السينمائية الاحترافية وهو فيلم «الفجر» من توقيع عمار الخليفي لتعقبه تجارب أخرى لقيت استحسانا في داخل تونس وخارجها وكان أبرزها شريط»حلفاوين» للمخرج فريد بوغدير . وأكد أن رصيد الإبداع السينمائي في تونس منذ انطلاقته إلى حد اليوم ليس في مستوى الطموحات والقدرات التي يتوفر عليها السينمائيون التونسيون٬ مسجلا أن هذا التأخر راجع بالأساس إلى ما عانته تونس خلال عقود متتالية من تضييق على حرية التعبير والإبداع. أما بخصوص التكوين في مجال السينما بتونس٬ فقال قربي إن أولى المبادرات في هذا المجال ترجع إلى عقد التسعينيات من القرن الماضي وكانت على يد مستثمرين خواص٬ مشيرا إلى أن التحول الذي طرأ على المجتمع التونسي مؤخرا فتح آفاقا أرحب لتطوير السينما في هذا البلد.