يمثل الثامن من مارس كل عام محطة أساسية لتقييم ما تراكم خلال سنة على صعيد المكتسبات في مجال حقوق النساء وترسيخ ثقافة المساواة، وأيضا لاستعراض ما لم يتحقق من مطالب، وتجديد الاستعداد والتعبئة لمواصلة النضال على مختلف الواجهات لفرض احترام حقوق المرأة، وتقوية تجليات المساواة، وذلك بتثمين المكتسبات لتقويتها وتعزيزها، وإبراز الخصاص لاتخاذ الإجراءات السياسية والمؤسّساتية والمالية لتجاوزها. بلا شك، يحل عيد المرأة العالمي هذه السنة في المغرب متميزا بالطابع السياسي الواضح، خصوصا أنه يأتي بعد إقرار دستور جديد، وبعد إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبعد تشكيل الحكومة الحالية التي لم تضم سوى وزيرة واحدة في تشكيلتها، ومن ثم فإن السياق يحتم اليوم مواصلة الاجتهاد والحرص لتدارك هذا النقص التمثيلي في الحكومة في أقرب الآجال، ببلورة وتفعيل الآليات الكفيلة بتعزيز ذلك. وفي الإطار نفسه، يجب الارتكاز إلى المكاسب التي جاء بها الدستور الجديد، والسعي لتنزيلها تنزيلا ديمقراطيا، خصوصا أنه أسّس لأول مرّة لمبدأي المساواة وحظر التّمييز كمبادئ مهيكلة لمضامين الدستور ديباجة ومقتضيات، وذلك بالتنصيص صراحة على المساواة بين المواطنات والمواطنين في التمتّع بالحرّيات والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا الإقرار بإجراءات الميز الإيجابي كآليات لتدارك الخصاص في مجال ولوج النساء لمراكز القرار في الشأن العام. ومن جهة ثانية، فإن سؤال تقوية التمثيلية السياسية للمرأة مطروح أيضا على حقلنا الحزبي برمته، ما يتطلب اليوم نقاشا عميقا وهادئا يتوخى إيجاد الأجوبة، وأيضا المداخل والميكانيزمات العملية لتحقيق هذا الهدف. وعلى الصعيد نفسه، فإن النساء المغربيات يعانين من مشاكل ومعضلات أخرى ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وثقافية، هي الأخرى مطروحة اليوم بإلحاح على الدولة وعلى الطبقة السياسية، وهي قضايا من بين أخرى كانت الأجندة الحكومية للمساواة 2011-2015 (كخطة وطنية وإطار لالتقائية السياسات القطاعية) قد حرصت على الإجابة عليها ضمن 100 إجراء في اتجاه احترام الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات، ومن المفروض اليوم مواصلة سعي الحكومة لإعمال مقتضياتها وبرامجها وتنزيلها على أرض الواقع. وبالنسبة للأحزاب الديمقراطية والجمعيات النسائية والحقوقية، فهي كلها مطالبة بمواصلة اليقظة والتعبئة والالتزام بالعمل على تفعيل مضامين الدستور والحرص كذلك على تنفيذ الالتزام الحكومي بتفعيل الأجندة وإحداث الهيئة العليا للمناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز. إن قضية المرأة وترسيخ ثقافة المساواة في المجتمع، هي المدخل الجوهري لتأكيد الأفق الحداثي والديمقراطي للبلاد، ومن ثم فهي معركة تتطلب استمرار النضال داخل المؤسسات وفي الميدان، ولا تحتمل المزايدات وتبادل الاتهامات بمعجم سطحي وتبسيطي لا جدية فيه. الثامن من مارس، هو عيد أممي للنساء وللرجال معا، والاحتفاء به هو احتفاء بقيم حقوقية إنسانية سامية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته