حرصت المصورة الإسبانية غابرييلا غريش على أن «تحكي» من خلال معرضها في معهد «ثيربانتيس» بالرباط فوتوغرافيا عن مدينة «ولعت بها وعاشت فيها طفولتها ومراحل صبا استثنائية»، كما تقول. المعرض بعنوان «العرائش بين الذاكرة والحاضر»، وهو يعبر عن ماضي وحاضر مدينة العرائش المغربية. سعت الفنانة الإسبانية من خلال «الصورة» إلى إبراز جوانب التعدد الثقافي والديني في المدينة، وكأنها تريد لفت الانتباه إلى ضرورة المحافظة على تراث ثقافي غير ملموس. تقول غريش «أود أن أرد الاعتبار لهذه المدينة عندما لاحظت أن الناس لم تعد تتذكرها، كما لم يعد يهتمون بمعمارها وبجوانب حضارتها». ركزت غابرييلا في معرضها على مجموعة من البروفايلات لأشخاص مختلفين. وهي تقول في شرح هذا التوجه «هم الناس الذين كبرت وتربيت معهم». واشتغلت غريش على مجموعة من الصور لبعض الفتيات اللاتي يشتغلن في حقول التوت وفي نسج الصوف. ويشتمل المعرض على مجموعة من الصور لمقابر مختلفة الديانات وقامت بتركيبها في لوحة واحدة وعبرت عن ذلك بقولها «بالنسبة لنا في الثقافة المغربية والأندلسية، اعتدنا أن نخلط بين مجموعة من العناصر التي تضم الكتابة بمختلف اللغات». تقول غريش حول أسلوبها «ركبت الصور عوض الحديث عن الذاكرة، حيث حرصت على أن أبرز من خلال هذه الصور كل ما هو استثمار في ميدان البناء والمعمار، والبنايات العالية سواء في العرائش أو مدن منطقة الأندلس لها الخصائص المعمارية نفسها». مدينة العرائش لها الكثير في ذاكرة الإسبان، خاصة الأجيال التي عاشت فيها. وهي مدينة عريقة عاشت فيها عدة شعوب نظرا لموقعها الاستراتيجي على المحيط الأطلسي، والدور الكبير الذي لعبه ميناؤها، حيث تقع في الشمال الغربي من المغرب على الضفة اليسرى من مصب نهر «اللوكوس» في المحيط الأطلسي وتبعد عن طنجة بنحو 90 كيلومترا جنوبا. غابرييلا غريش تقول إنها من العرائش، وهي فخورة بانتمائها للمدينة، حيث استنشقت رياح الأطلسي مند نعومة أظافرها، منذ ذلك الحين بدأت علاقة عشقها مع المدينة التي ستسكن وجدانها وذاكرتها إلى الأبد. نجحت غريش من خلال معرض الصور الفوتوغرافية في تحديد هوية المشهد الحضاري للمدينة مع التركيز على المنطقة التي شيدت في عهد الحماية الإسبانية والمتميزة بطابعها الأندلسي، وهي تنطلق من العلاقة بين الماضي والحاضر من خلال صور متطابقة تفصل بين عقود من الزمن للعرائش الجديدةوالعرائش القديمة التي لم يعد لها وجود إلا في ذكريات الفنانة التي تدعونا إلى التذكر عبر الصور. بدأت علاقة المصورة غابرييلا غريش مع فن التصوير عام 1993، حيث نظمت مجموعة معارض في إسبانيا والمغرب.