الأكيد أن الإنجاز الذي حققه المغرب الفاسي السبت الماضي بإسقاطه لنادي الترجي التونسي في معقله وأمام جمهوره، وبالرغم من أن الفوز جاء عبر الضربات الترجيحية، فإن ذلك لم يلغ كون الفريق الفاسي توج باللقب عن جدارة واستحقاق، وهو الذي كان متفوقا في النتيجة والأداء. ورغم المرور إلى ضربات «الحظ» بذاك شكل مريب، فإن عدالة الكرة أبت إلى أن تنتصر إلى الفريق المغربي الذي استحق التتويج باللقب بسبب ظهوره بمستوى جيد، ووقوفه ندا قويا للترجي بطل عصبة أبطال إفريقيا، لتحول الماص إلى «سوبر» ماص في مسابقة السوبر الإفريقي. الماص أضاف إلى خزائنه لقبا ثانيا على الصعيد الإفريقي، لكن الإنجاز الباهر لممثل العاصمة العلمية كان في تحقيق كأس هي الثالثة له في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر، وهو بالحق إنجاز فريد ونادر على الصعيد المحلي، حتى أن أندية الرجاء والوداد البيضاويين لم تتمكن من تحقيق ما أنجزه الفاسيون، وكل المغاربة تابعوا فريقا قد لا يملك لاعبين سحرة من الناحية المهارية، لكنهم يملكون قلوبا تؤمن بقدراتهم على الفوز.. يملكون روحا قتالية كانت سببا في الإطاحة بالنادي الإفريقي وحرمانه من لقب كأس (الكاف).. يملكون إدارة، مدربا، طاقما طبيا وتقنيا يعملون سوية على ارتقاء بمستوى الفريق ليصبح ضمن صفوة الأندية المغربية والعربية والإفريقية، وها هي هذه المجموعة المتكتلة والمتعاونة تحصد ثمار عملها الجدي على أرض الواقع. فوز الماص بهذه اللقب جاء على حساب ناد تونسي ومن عقر داره، وهو إنجاز لم يتمكن أي فريق مغربي من تحقيقه باستثناء نادي الرجاء البيضاوي، غير أن لقب الفاسيين هذه المرة بنكهة أخرى، لأنه رد للكرة المغربية اعتبارها بعد سقوطها في مناسبتين أمام نظيرتها التونسية، ولعل المغاربة لم يستسيغوا إلى الآن الهزيمة ضد «نسور قرطاج» في نهائيات كاس أمم إفريقيا الأخيرة، وبالتالي فالماص أدخل لنا البهجة والسرور وأنسانا المشاركة الكارثية ل»أسود الأطلس» في النهائيات الإفريقية، إلى درجة أن البعض طالب -وإن على سبيل المداعبة- أن يدخل المغرب الفاسي ممثلا للمغرب في الاستحقاقات الدولية، بدل الفريق الوطني الذي أدخل الحزن والتعاسة على قلوب الملايين من المغاربة. وهي فكرة منطقية وجديرة بالاحترام، بالنظر إلى أن الفريق الفاسي أصبح سفير الكرة المغربية بالقارة السمراء، بل إنه الوحيد الذي تعول عليه كرتنا في رفع لوائها في المنافسات القادمة. المغرب الفاسي أبدى بسالة وروح قتالية عالية يجب على العناصر المحترفة التي تجتاح تشكيلة المنتخب أن تحظى ولو بجزء منها حتى تكون جديرة بحمل زي الفريق الوطني. روح التي قادت «النمور الصفر» إلى التتويج بكأس (الكاف) على حساب النادي الإفريقي التونسي، ليعلن الماص أنه لا يخشى أي فريق تونسي، وأنه عقدة تفك عقدة الكرة المغربية من التوانسة. والحقيقة أن الفريق المغربي كان الأفضل في مواجهته للترجي، وكان جديرا بإنهاء المباراة في وقتها الأصلي ودون اللجوء إلى الضربات الترجيحية التي ظهر للعيان أن الفاسيين لا يعانون أي حساسية تجاه ضربات «الحظ»، ولولا رعونة الحكم الجنوب الإفريقي الذي أضاف شوطا إضافيا دون أن ينتبه إلى ذلك، غير أن ذلك لم يحل دون استماتة كتيبة رشيد الطاوسي للعودة باللقب من رادس، لتنصف الساحرة المستديرة رفاق بورزوق وتؤكد على أن فوزه بكأس (الكاف) لم يكن ضربة حظ، وترسل خطابات إنذارية لعمالقة الكرة بالقارة السمراء أن الماص قادم بقوة في سماء الكرة الإفريقية. إن الإنجاز الأخير للمغربي الفاسي لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة مجهود جماعي وتجانس.. ثمرة تواضع وعمل في صمت من كافة أطياف النادي الفاسي.. ثمرة استقرار وتركيز واحترافية، غير أن المهم مستقبلا أن يحافظ الماص على هذا الإيقاع ويحافظ على أسلوبه الذي أوصله إلى التوهج المحلي والإفريقي، لكن الأهم هو أن لا يحاول البعض الركوب على ظهر المغرب الفاسي، ويجعل من إنجازاته ورقة نحاول بها أن نخفي بها أن كرتنا ليست على ما يرام، بل هي صفحة سوداء من النكسات لا نجد فيها سوى نقطة بيضاء تستمد نورها من إشراقة شمس «سوبر» ماص من حين لآخر .!!!