ندوة تكريمية للباحث والحقوقي الراحل محمد البردوزي استعاد المشاركون في ندوة تكريمية للباحث والحقوقي الراحل، محمد البردوزي، إسهام شخصية نضالية وعلمية بارزة تركت بصمات واضحة على السياسات العمومية والحقل البحثي بالمغرب. وقدم مثقفون وحقوقيون، خلال الجلسة التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان مساء الأحد الماضي في إطار فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، الراحل كنموذج للمناضل والباحث الذي جمع بين المقاربة المرنة والمنفتحة للواقع المغربي والصرامة العلمية والنظرية في تناول القضايا التي اشتغل عليها. وعرض وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، جوانب من الإسهام البحثي للراحل محمد البردوزي، لاسيما من خلال تجديده المنهجي البارز في سياق نقده للكتابات السوسيولوجية والأنثربولوجية، الفرنسية والأنغلوسكسونية، التي اتخذت المجتمع المغربي موضوعا لها. وتناول الخلفي السجايا العلمية للراحل، في عزله للحدود الفاصلة بين الإديولوجيا والمنهج العلمي وكشفه لثغرات الأطروحات الكولونيالية وتجديده في نقد الاستشراق، في مرحلة نضج فكري متقدم حمله إلى الاغتراف من آخر ما وصلت إليه الدوائر البحثية في العلوم الانسانية عبر العالم. وتحدث عن بصمات خلفها الراحل من خلال استثمار عدته المنهجية في الدفع بالسياسات العمومية المختلفة الى الأمام، سواء في إطار الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو هيئة الانصاف والمصالحة أو صياغة الوثيقة الدستورية الجديدة. واستعرض المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري لحقوق الانسان، العطاءات النضالية للراحل على عدة محاور حقوقية، بدءا بكونية حقوق الانسان وصولا الى إشكالية العلاقة بين الصحافة والسلطة مرورا بالنقاش الوطني حول عقوبة الاعدام وغيرها من الملفات الحقوقية. وقال الهيبة إن محمد البردوزي كان منشغلا بمسألة التربية على المواطنة والتسامح ومقاومة ثقافة الكراهية، كما ناضل باستماتة من أجل المزاوجة بين الحقوق السياسية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى. وخلص المندوب الوزاري الى أن البردوزي أنتج تراثا فكريا يستدعي إعمال التحليل الأكاديمي والاستضاءة بمقاربته الشمولية لإشكالية حقوق الانسان، والتي لا تقبل تجزيئها الى ملفات قطاعية. لقد ربط البردوزي دائما - يقول الكاتب والناشر عبد الجليل ناظم- بين النظرية والممارسة، ضدا على العفوية والتجريبية التي تؤدي الى انفصال الأهداف عن الوسائل، كما أبرز أولوية توظيف المعرفة للفعل في الواقع. وأوضح عبد الجليل ناظم في شهادته أن الراحل تجاوز التحليلات الجزئية والثنائيات الميتافيزيقية متبنيا رؤية نسقية للقضايا العلمية والمجتمعية المطروحة، ومؤمنا بأن الثقافة معرفة ضد الجهل. وشكل اللقاء مناسبة قدمت خلالها زوجة الفقيد، بديعة ملوك، جملة الأهداف التي سطرتها مؤسسة محمد البردوزي من أجل حفظ التراث الفكري للراحل وتوظيفه لإثراء الحقل البحثي في المغرب.