المعارضة تستعد ل»عصيان دمشق» وبكين تدعو لضبط النفس أطلقت قوات الأمن السورية النار السبت على آلاف المشاركين في تشييع جنازة متظاهرين قتلوا الجمعة في دمشق، في حين دعا المعارضون السوريون سكان العاصمة إلى العصيان الأحد في ما أطلقوا عليه يوم «عصيان دمشق». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن «قوات الأمن السورية أطلقت الرصاص في حي المزّة في دمشق لتفريق آلاف المواطنين، الذين شاركوا في تشييع أربعة شهداء سقطوا الجمعة، ما أدى إلى استشهاد شخص وإصابة آخرين بجروح». ويقع حي المزة الاستراتيجي في وسط غرب العاصمة السورية. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الأنباء الفرنسية إن «التشييع تحول إلى تظاهرة في المزة، اعتبرت الأكبر حتى الآن في دمشق والأقرب جغرافيًا من المقار الأمنية وساحة الأمويين» في وسط العاصمة. وأوضح أن «ما بين 15 و20 ألف شخص شاركوا في التشييع»، رغم الثلوج التي كانت تتساقط بغزارة على العاصمة السورية. وأضاف المرصد أن حملة دهم واعتقالات جرت السبت في الحي. من جهته قال محمد شامي المتحدث باسم الناشطين في محافظة العاصمة لوكالة الأنباء الفرنسية «إنها المرة الأولى التي تجري فيها تظاهرات بهذا الحجم في وسط دمشق»، رغم تهديد أجهزة الأمن، مضيفًا أن «قوات الأسد أطلقت النار على المشاركين في التشييع، كما أطلقت باتجاههم الغاز المسيل للدموع لتفريقهم». وتابع هذا الناشط إن «النظام فوجئ على الأرجح برؤية هذا العدد من الناس في المزّة. ولم يكن الناس يجرؤون على النزول قبلاً في العاصمة، لكن الوضع تغير اليوم، وسيجرؤون أكثر لاحقًا». وأوضح أن «التلفزيون الرسمي لم يغط الوقائع، التي كانت تجري على بعد بضع خطوات» من مقره. ويضم حي المزة، المطل على القصر الرئاسي، العديد من السفارات والمباني الحكومية والأجهزة الأمنية، وكذلك بعض مقار الصحف الرسمية. وبعدما تشجّعوا بمشاركة آلاف الأشخاص في التظاهرات في العاصمة يومي الجمعة والسبت، دعا ناشطون سوريون على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على فايسبوك أهالي دمشق إلى العصيان الأحد تحت شعار «الأحد 19 فبراير عصيان دمشق، دماء الشهداء تناديكم للعصيان». تعليقًا على هذا التطور، قالت الخبيرة الفرنسية في شؤون الشرق الأوسط أنياس لوفالوا من باريس «كان يقال منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا إنه عندما ستشهد دمشق وحلب تظاهرات ضخمة، فهذا سيعني بداية نهاية النظام». واعتبرت في تصريح لفرانس برس أن «جدار الخوف سقط فعلاً، وحتى في دمشق المكان الأكثر حماية في سوريا»، مضيفة أن الهجوم العنيف على حمص والمتواصل منذ نحو أسبوعين «دفع الكثير من السوريين المترددين إلى المشاركة» في الاحتجاج على نظام الرئيس السوري. وسقط في سوريا السبت 11 قتيلاً برصاص قوات الأمن السورية. وإضافة إلى القتيل الذي سقط في دمشق، أوضح المرصد أن عشرة أشخاص آخرين قتلوا برصاص قوات الأمن السورية في مناطق سورية مختلفة. ففي مدينة حمص «استشهد أربعة مواطنين بإطلاق رصاص وقذيفة هاون في حيي كرم الزيتون وباب الدريب، بينهم فتاة وامرأة» حسب المرصد. وفي محافظة حماه قتل ثلاثة أشخاص. وقال المرصد إن «ثلاثة مواطنين استشهدوا السبت، بينهم اثنان إثر إطلاق الرصاص من قبل عناصر آلية مدرعة على سيارة كانا يستقلانها قرب جسر المزارب في مدينة حماه، في حين استشهد الثالث، وهو من بلدة طيبة الإمام في ريف حماه، يبلغ من العمر 43 عامًا إثر إطلاق الرصاص فجر السبت من قبل حاجز أمني عسكري على طريق بلدة طيبة الإمام - صوران». وأضاف المرصد إن «موطنًا استشهد في بلدة أنخل في محافظة درعا إثر إطلاق رصاص في القرى الشرقية للمحافظة من قبل القوات السورية، كما سقط شهيد آخر في بلدة أحسم في جبل الزاوية في محافظة إدلب برصاص القوات السورية خلال حملة مداهمات كانت تقوم بها، وسقط شهيد آخر برصاص القوات النظامية في مدينة معرة النعمان» في محافظة إدلب. كما أعلن المرصد أن «السلطات السورية سلمت جثامين ثلاثة مجندين إلى أهلهم في محافظتي درعا ودير الزور». وأكد ناشطون أن الوضع في مدينة حمص حساس للغاية، حيث بات السكان يعانون نقصًا في المواد الغذائية. وقال الناشط أبو بكر من حي باب عمر السبت إن «القصف يتواصل على المدينة، وبسبب النقص في الماء بتنا نستخدم مياه الأمطار للشرب». وطالب ب»إقامة ممرات إنسانية لتمكيننا من الخروج من هذا الجحيم». وفي محافظة دير الزور في أقصى شرق سوريا «نفذت قوات الأمن السورية صباح السبت حملة مداهمات واعتقالات في مدينة القورية وبلدة الطيانة، أسفرت عن اعتقال أكثر من 40 شخصًا من القورية، ونحو 16 من الطيانة». سياسيًا، دعا نائب وزير الخارجية الصيني بعد لقائه الرئيس السوري في دمشق السبت كل الأطراف في سوريا إلى «الوقف الفوري لأعمال العنف» في البلاد. وقال إن «موقف الصين هو دعوة الحكومة والمعارضة والمسلحين إلى الوقف الفوري لأعمال العنف». وأكد الموفد الصيني أنه «لا يمكن لأي دولة تحقيق التنمية والرفاهية لشعبها في ظل غياب الاستقرار»، مشددًا على ضرورة «عودة الهدوء في أسرع وقت ممكن». وعبّر تشاي عن أمله في أن «يجري الاستفتاء على مشروع الدستور والانتخابات البرلمانية بصورة سلسة، وأن تحقق سوريا الاستقرار في أسرع وقت، لأن ذلك يصبّ في مصلحة الشعب السوري كله». من جهته، قال الرئيس السوري خلال لقائه المسؤول الصيني إن الأحداث في سوريا «تهدف إلى تقسيم البلاد وضرب موقعها الجيوسياسي ودورها التاريخي في المنطقة». وأكد الأسد من جهة أخرى أن سوريا «ماضية في مسيرة الإصلاح السياسي وفق خطة واضحة وجداول زمنية محددة».