المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تقترح «كتاب أبيض» لإلغاء عقوبة الإعدام اقترحت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، فكرة «كتاب أبيض» على صيغة سؤال جواب، يجمع ما بين قناعات المناصرين لإلغاء عقوبة الإعدام، والمدافعين عن العقوبة. وكشفت آمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في ندوة نظمها الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام تحت عنوان»الدستور والحق في الحياة»، أن الطريق أمام المدافعين عن الإلغاء لازال طويلا من أجل تكوين رأي عام قوي بشأن هذا المطلب سواء داخل المجتمع أو بعض النخب. وأبرزت في عرضها الذي حمل عنوان «منطلقات لتفعيل المادة 20 من الدستور»، أن المادة 20 بالصيغة التي جاءت بها تمت صياغتها بشكل يحقق التوافق بين الرأي الداعي إلى إلغاء الإعدام والمدافعين على الإبقاء على هذه العقوبة. وقالت بوعياش إن النقاش داخل اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور كان يرنو إلى أن نخطو بالمجتمع المغربي خطوة كبرى نحو الإلغاء، إذ أن الكل كان يصبو نحو توسيع الحرية والحق في الحياة». وأوضحت بشكل ضمني رجاحة الرأي الذي سارت فيه اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، حيث أشارت إلى أنه «بقدر ما تتوسع الحريات والحقوق بقدر ما نتقدم نحو إلغاء الإعدام»، مبرزة أن عملية الإلغاء ترتبط بالنهوض بحقوق الإنسان، وهذه الأخيرة تعد أحد أعقد العمليات لأنها لا تتطلب تدخلا سريعا أو قانونيا بل تتطلب تغيير العقليات وتغيير أسس نظام عام. ودعت في هذا الصدد إلى استغلال الإمكانيات التي بات يطرحها الدستور كتعاقد سياسي جديد صادق عليه المجتمع المغربي بقوة، والعمل على دفع القضاء لينخرط في هذه الصيرورة والاحتكام إلى الوثيقة الدستورية كأسمى قانون وتغيير الخيار السياسي بخصوص ردع الجريمة والمطالبة بخيار إنساني يكون محوره الأساسي، والعمل مع المؤسسة التشريعية لوضع قوانين ذات مضمون واضح بشأن إلغاء الإعدام. وأكد المشاركون في الندوة أن إقرار الدستور الجديد في المادة 20 على الحق في الحياة يعد أحد المداخل الأساسية للإسراع بالإلغاء التام لعقوبة الإعدام وحذفها من مدونة القانون الجنائي وقانون العدل العسكري، بل ويستدعي من الحكومة العمل على انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأوضح النقيب عبد الرحيم الجامعي منسق الائتلاف، أن الصيغة التي جاء بها هذا المقتضى الدستوري والذي نص بشكل صريح على الحق في الحياة بات يستوجب تنزيله الفعلي وتطبيقه على المستوى التشريعي، هذا بالرغم من انتقاده للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور لكونها لم تمتلك رؤية واضحة بشأن الإلغاء بتركها باب التأويل مفتوحا بخصوص المادة20. وفي سياق ذلك، دعا منسق الائتلاف البرلمان بإعمال اختصاصاته التشريعية وترجمة ذلك عبر مقترحات قوانين تنسجم مع فلسفة الإقرار بالحق في الحياة الذي جاء به الدستور والنص بشكل صريح على الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام نصا وممارسة في كل القوانين. وشدد من جانب آخر على أهمية العمل على مستوى القضاء باعتباره هيئة في مقدروها أن تشكل قطبا داعما للتصور الحداثي الأخلاقي والاستناد على المرجعية الكونية الذين حملهما الدستور وذلك من خلال توقفه عن إصدار أحكام بالإعدام، ورفضه أن يكون القانون أداة للقتل والتصفية ومواجهة جريمة بشعة بعقوبة أبشع. والتي كانت عضوة باللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، والتي قاربت في عرضها خلال هذه الندوة موضوع «منطلقات لتفعيل الفصل 20 من الدستور». وباسم الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكد عبد القادر أزريع في تدخله على مساندة المجلس لمطلب الإلغاء، مبرزا أنه كهيئة تضطلع بالنهوض والارتقاء بحقوق الإنسان وإعمال التوصيات التي حملتها هيئة الإنصاف والمصالحة على فتح نقاش وطني من موضوع إلغاء الإعدام، والارتقاء بالقوانين وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، واستكمال الانضمام إلى مختلف الاتفاقات والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. فيما دعا عبد اللطيف أعمو مختلف مكونات الحركة الحقوقية التي ترفع مطلب إلغاء الإعدام إلى وضع خطة تحسيسية اتجاه البرلمانيين باعتبارهم الممر الذي تجتازه النصوص التشريعية لترى النور، ويضطلعون بناء لذلك بدور أساسي في ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية وعبره يتم إعادة النظر في عدد من القوانين التي ترتبط بالسياسة الجنائية. وأوضح في هذا الصدد أنه يجب التحسيس بشأن الإعدام أن الأمر لايتعلق بصراع سياسي، والعمل على صنع تشريع بشكل تشاركي بين المؤسسة التشريعية والمجتمع المدني، والعمل من أجل تحويل التصويت الذي يمتلكه البرلماني إلى تصويت ضمير وليس تصويت سياسي، مؤكدا من جانب آخر على ضرورة فتح ورش يهم تحسيس القضاة من أجل استيعات روح الدستور وتطبيقه. وشهدت الندوة تقديم عروض تناولت فلسفة الحق في الحياة وإلغاء الإعدام، والتطور الذي عرفه كسب التأييد عالميا لإلغاء عقوبة الإعدام، إذ أبرز إيريك برنار عضو الجمعية الفرنسية جميعا من أجل الإلغاء تطور عدد البلدان التي ألغت هذه العقوبة التي توصف بالوحشية والبدائية ،،إذ أن أكثر من ثلثي الدول والأقاليم قد ألغت الإعدام إما في القانون أو في الواقع، معبرا عن الأمل في أن يلتحق المغرب الذي لازال القضاء به يصدر أحكاما بالإعدام بالرغم من تجميد تنفيذها، (أن يلتحق) بهذه المجموعة عبر مصادقته على التوصية الأممية لوقف العقوبة وإلغائها من قوانينها.