يزور الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي بلادنا في إطار «زيارة أخوة وعمل»، وضمن جولة مغاربية، يهدف من خلالها إلى جعل سنة 2012 سنة «إعادة اللحمة بين تونس وبين أشقائنا في الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا» بحسب تعبيره، متمنيا أن تكون هذه السنة سنة الاتحاد المغاربي. إن استقبال المرزوقي في المغرب يعج بالدلالات، حيث أنه استقبال لرئيس تونسالجديدة، أي تونس التي أنجحت ثورتها، وهي اليوم بصدد تكريس انطلاقة جديدة للبلاد، ومن ثم، فالمناسبة تعتبر تحية لشعب تونس ولشبابها. وإن استقبال المرزوقي أيضا يأتي في غمرة مسلسل إصلاحي متميز يخوضه المغرب، وتوج بدستور جديد، وانتخابات تشريعية أفرزت حكومة تسعى اليوم ضمن تطلع وطني عام إلى إنجاح النموذج المغربي في التغيير، وبالتالي، فإن اللقاء المغربي التونسي اليوم هو لقاء داخل أفق مشترك يقوم على الديمقراطية والحرية والإصلاح، وعلى الوعي بأهمية التعاون الثنائي والإقليمي لكسب رهانات التنمية وتحقيق طموحات ومطالب الشعوب المغاربية. من المؤكد أن مباحثات الرئيس التونسي مع جلالة الملك ومع المسؤولين المغاربة ستشمل التعاون الثنائي بين البلدين، وأيضا الاتحاد المغاربي وعديد مواضيع أخرى تحظى بالاهتمام المشترك، ولكن الأساسي أن القيادة التونسيةالجديدة تمتلك اليوم رؤية واضحة، ورغبة أكيدة في إنجاح الرهان المغاربي، وقد عبر المرزوقي نفسه عن ذلك في مؤتمر الاتحاد الإفريقي الأخير، ومن خلال كل التصريحات التي أدلى بها لوسائل الإعلام، وأيضا من خلال تشديده على ضرورة تمتيع الشعوب المغاربية بما يسميه الحريات الخمس، أي حرية التنقل، حرية الاستقرار، حرية العمل، حرية الاستثمار والتملك، وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية. إن الرغبة إذن في تحقيق الاندماج المغاربي، وفي تقوية العلاقات مع الجيران، والتطلع إلى جعل الوحدة المغاربية في خدمة الشعوب، هو ما يجعل تونس اليوم مؤهلة لتلعب دورا أساسيا في المنطقة، علاوة على أن التحولات الإقليمية والدولية الجارية اليوم، تجعل النفس الديمقراطي المتصاعد في المنطقة محفزا لتغيير العقليات والرؤى والمواقع. من جهة أخرى، تعتبر زيارة المرزوقي إلى المغرب بمثابة تجديد اللقاء مع تربة يعرفها، ومع أمكنة يحبها وله فيها ذكريات وأصدقاء، وهي حميمية لم يخفها الرئيس التونسي، وحرص على إبرازها، وهي تعبر كذلك عن الإرادة في تقوية العلاقات بين البلدين، وتجعل الزيارة استقبالا لواحد من كبار أصدقاء المغرب، ولواحد من المناضلين الذين ارتبطوا بعلاقات نضالية وإنسانية مع كثير من الحقوقيين والسياسيين الديمقراطيين المغاربة طيلة سنوات. صورة الفقيه التونسي الحاج محمد البدوي المرزوقي والد الرئيس التونسي مع المغفور له محمد الخامس، تقترن اليوم مع صورة حفيد محمد الخامس جلالة الملك وهو يستقبل نجل الفقيه، أي منصف الرئيس، والصورتان تعبران أيضا عن عمق الأخوة بين الشعبين المغربي والتونسي، وعن تطلعاتهما المشتركة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته