إجماع على ضرورة تخليق الحياة الرياضية ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة وزير الشبيبة والرياضة: نتائج الافتحاص تؤكد أن كل الجامعات تعرف غياب الحكامة الجيدة وضعف التكوين والتدبير المالي خيم موضوع الفريق الوطني لكرة القدم، والعقد الذي يربط الجامعة بالمدرب البلجيكي ايريك غريتس، على أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته فرق الأغلبية بمجلس النواب، أمس الأربعاء، وبالرغم من أن الموضوع العام لهذا اليوم الدراسي اختير له عنوان «الرياضة المغربية واقع وآفاق»، فإن أغلب التدخلات انصبت على المشاركة بكاس أمم إفريقيا وما عرفته من نتائج مخيبة للآمال، أدت إلى خروج مبكر للفريق الوطني. حضور رياضي غير عاد عرفته القاعة المغربية بمقر البرلمان، تقدمه وزير الشبيبة والرياضة محمد أوزين، برفقة الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني؛ رئيس جامعة كرة القدم، علي الفاسي الفهري؛ الكاتب العام للجنة الأولمبية الوطنية، نور الدين بنعبد النبي، بالإضافة إلى رؤساء بعض الجامعات وممثلي أندية صغيرة، في غياب ممثلي الأندية المعروفة الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور لأشغال هذا اليوم الدراسي. رئيس الفريق الحركي محمد مبدع كان أول من تناول الكلمة، وهو الذي ترأس هذا اليوم الدراسي، وتضمنت كلمته إشادة كاملة بجامعة كرة القدم، كما تضمنت تبريرات للهزيمة، حيث ربط نتائج منتخب كرة القدم بسوء الحظ، دون أن ينسى الإشارة إلى التذمر الذي خلفه الإقصاء بكأس الأمم الإفريقية داخل جل أوساط الشعب المغربي، مبرزا في ذات الوقت الإنجازات التي تحققت في عهد المكتب الجامعي الحالي، ومطالبا في الأخير بتحويل الهزيمة إلى عوامل للوصول إلى تحقيق الانتصارات التي ينشدها الجميع... عكس هذا التدخل الأول، جاءت باقي تدخلات رؤساء فرق الأغلبية قوية وساخنة، متضمنة لعبارات قوية تصل إلى مستوى التذمر الذي شعر به الجمهور الرياضي المغربي. عبد العزيز العماري، رئيس فريق العدالة والتنمية كان ثاني متدخل، وركز بالأساس على ثلاث محاور، الأول يتعلق بالحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية في التدبير، خصوصا على المستوى المالي، وصولا إلى دمقرطة المشهد الرياضي ككل، الذي يعاني في نظره من مجموعة من الاختلالات، المحور الثاني تحدث فيه العماري عن جانب التشريع وإصدار المراسيم التطبيقية، أما المحور الثالث فخصصه للسياسة الرياضية العامة، على أساس برامج واضحة وهادفة تشمل مختلف المناطق، دون التركيز فقط على المدن الكبرى، مع مراعاة خصوصيات رياضة النخبة والرياضة الشعبية. نور الدين مدان ثالث متدخل، وهو رئيس فريق الوحدة والتعادلية، وأقر في البداية أن ضغط الشارع هو الذي فرض عقد هذا اليوم الدراسي، معترفا بإيجابية الأشياء لتي تحققت من بينها تشييد الملاعب الكبرى، بالإضافة إلى النتائج التي حققتها بعض الأندية، لكنه تساءل بإلحاح عن الأسباب التي قادت في السابق إلى تحقيق مجموعة من الإنجازات الكبيرة في ألعاب القوى وكرة القدم على سبيل المثال، هل هي من قبيل الصدفة أم نتيجة سياسة رياضية واضحة؟ وأبرز رئيس الفريق الاستقلالي عدم التكافؤ الذي تعرفه أغلب الأنواع الرياضية فيما يخص الاعتمادات المالية، في وقت أصبحت فيه الرياضة صناعة قائمة الذات، ليختم تدخله بالحديث عن وضعية المدرب ايريك غيريتس الذي يتقاضى أجرا يوازي في نظره مجموع أجر كل وزراء الحكومة الحالية، متسائلا عن الأسباب التي حالت دون تطبيق مضامين الرسالة الملكية خلال مناظرة الصخيرات. رابع متدخل خلال هذا اليوم الدراسي كان هو رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي، الذي لخص تعليقه على إقصاء الفريق الوطني لكرة القدم بالخروج المذل، ناقلا السخط العام الذي يشعر به الشعب المغربي، ومؤكدا على أن ما تعيشه كرة القدم المغربية ومعها الرياضة الوطنية بصفة عامة هي أزمة حكامة، مطالبا بضرورة تخليق الحياة الرياضية ومحاربة الفساد، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأضاف روكبان أن الرواتب الكبيرة غير المعلن عنها، تثير سخط الرأي العام الوطني الذي يهمه معرفة الأرقام التي أصبحت سرا من أسرار الدولة، وضرورة قيام هيئات الحكامة بدورها في هذا الإطار حتى يطمئن المغاربة، مشددا في الأخير على محاسبة كل من يتورط في تبذير المال العام. التدخل الذي كان منتظرا في هذا اليوم الدراسي كان لوزير الشبيبة والرياضة، الذي لم يشد هو الآخر عن القاعدة باعتماده عبارات السخط وعدم الرضى التي تعم الشارع المغربي وترجمتها جل تدخلات فرق الأغلبية، وقال إن رب ضارة نافعة، وإن ما حدث بالغابون يمكن أن يقود إلى إحداث ثورة على السياسة الرياضية الحالية وفق منظور جديد ومتجدد. فالمغرب، يقول محمد أوزين، يعيش ربيع التأهيل والتخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة، كأساس كل تعامل مستقبلي، وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة، موضحا أن الافتحاص الذي قامت به الوزارة للجامعات الرياضية خلص إلى كونها تعاني من ضعف الحكامة والتكوين والتأطير والتدبير المالي والإداري، مما كان له تأثير على الممارسة الرياضية ككل، رغم المجهود الذي بذلته الدولة فيما يخص عقود الأهداف الموقعة مع الجامعات الرياضية. بعد ذلك قدم الوزير عرضا مفصلا تضمن 10 نقط، اختزلت وجهة نظر الوزارة للقطاع ككل، وشملت مختلف الاختلالات التي تعتري واقع الممارسة على الصعيد الوطني، مشددا على وضع شروط صارمة، مستقبلا، للتعامل مع مختلف المتدخلين وعلى جميع المستويات، مع وضع نموذج مغاير للمنح وصرف الاعتمادات. التدخل الأخير كان لرئيس جامعة كرة القدم علي الفاسي الفهري، الذي قدم بالمناسبة تقريرا أدبيا شبيها بالتقارير التي تقدم عادة خلال الجموع العامة.. وبما أن جامعته لم تعقد جمعها العام منذ مدة، فإنه أسهب في تقديم معطيات بخصوص ما قامت به الجامعة طيلة ثلاث سنوات، مبرزا أن الهزيمة غير مقبولة، لكنها تعتبر عادية خصوصا بالنسبة لمنتخب، حسب رأيه، قيد التكوين، والذي جاء على أنقاض الأزمة التي كادت تعصف به، موضحا أن الحصيلة لا بأس بها، دون أن ينسى التذكير بما تحقق على مستوى المنتخبات الصغرى وبعض الأندية. مربط الفرس كان هو موضوع غيريتس، وما أن تناول الفهري هذا الموضوع حتى عمت القاعة حركة غير عادية، إلا أن ما جاء به رئيس الجامعة لم يشف غليل النواب، حيث قال إنه يتحمل وحده مسؤولية هذا الملف، لكنه اعتذر عن الإفصاح عن الأجر الذي يتقاضاه المدرب، بسبب بنود العقد، لكن المفاجأة المدوية بالنسبة للفهري جاءت من طرف النواب وكل الحضور داخل القاعة المغربية، حين قال بأن السعودية لازالت تنتظر غيريتس فكان الجواب تلقائيا وبدون تردد وبلسان واحد: «خليه يمشى فحالو». وتتواصل أشغال هذا اليوم الدراسي في جزئها الثاني بتخصص حيز لتدخلات النواب وبعض الفعاليات المشاركة، على أن تصدر في الختام التوصيات التي سترفع للجهات المعنية بأمر تدبير الشأن الرياضي الوطني.