أكد المشاركون في ندوة حول «سيناريوهات أزمة منطقة اليورو: أية انعكاسات على المغرب» أن الاقتصاد المغربي الذي يتوجه بقوة نحو أوروبا لا بد وأن يتأثر بالأزمة التي تعرفها هذه المنطقة. وأوضح المشاركون في هذه الندوة، التي نظمها مؤخرا المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية في إطار برنامجه للدراسات «التنافسية الشاملة وموقع المغرب في النظام العالمي»، أن المغرب يمكن أن يتأثر بهذه الأزمة على أربع مستويات تهم انخفاض الطلب الخارجي الموجه للمغرب، وانخفاض مداخيل السياحة، إضافة إلى تراجع تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج وانخفاض تدفقات الاستثمارات الأجنبية. واعتبروا أن قنوات انتقال آثار أزمة منطقة الأورو إلى المغرب هي نفس قنوات انتقال آثار الأزمة إلى باقي بلدان العالم، والتي تتمثل على الخصوص في صادرات السلع والخدمات من المغرب في اتجاه أوروبا، وارتباط العملة المغربية بالأورو وما يمكن أن يترتب على التراجع المهم للأورو مقارنة مع الدولار على مستوى تنافسية المغرب، فضلا عن تدهور الوضعية المالية للأبناك الدولية; خاصة الفرنسية. وأوضحوا خلال هذه الندوة، التي حضرها مجموعة من الخبراء المغاربة والأجانب، أن إفلاس بعض المقاولات الأوروبية قد يقلص من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب التأثير المباشر لانخفاض النشاط الاقتصادي على أسعار السكن وقدرة الأشخاص والشركات على تمويل القروض. وبعد أن سجلوا أنه لا يمكن للمغرب أن يتبع نفس سياسات الإقلاع التي اعتمدت لمواجهة أزمة 2007-2008، اعتبر المشاركون في الندوة أن التجارة جنوب-جنوب والطلب الداخلي سيشكلان أهم محركات النمو، داعين المقاولات الى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة المخاطر والتغيرات الناجمة عن تداعيات الازمة. وبالنسبة لتأثر الأبناك المغربية بأزمة منطقة الأورو، اعتبر بعض المتدخلين أن هذه الأزمة يمكن أن تضاعف من مشكل السيولة الذي تعاني منه أصلا الأبناك المغربية من خلال تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتأثيرها على تحويلات وادخار المهاجرين المغاربة المقيمين في أوروبا. كما شددوا على أن القطاع البنكي المغربي مدعو إلى تعزيز قدرات تحمل الأزمة من خلال تحسين الحكامة والمراقبة وتدبير المخاطر، والحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية كشرط ضروري لتنمية منسجمة للقطاع البنكي. وعلى مستوى المخاطر، ستؤدي الأزمة، وفق المشاركين، إلى رفع المخاطر بالنسبة للقطاعات المرتبطة بمنطقة الأورو، لا سيما قطاع العقار والسياحة والنقل البحري. ولتفادي تأثيرات أزمة الديون الأوروبية، خلص المشاركون في هذه الندوة إلى أن المغرب مدعو الى الاستفادة من موقعه الجغرافي لتنويع شركائه عبر الانفتاح على بلدان أخرى بمنطقة المتوسط والخليج وتعزيز انفتاحه على بلدان الأطلسي وإفريقيا. في هذا السياق يتوقع صندوق النقد الدولي ان تدخل منطقة اليورو في «ركود» في 2012 وان ينكمش الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.5 في المائة مقارنة مع تقدير سابق بالنمو بنسبة 1.1 في المائة. وخفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصادات دول منطقة اليورو، خاصة المانيا التي يعد اقتصادها قوة الدفع الرئيسية للنمو في المنطقة. ويتوقع الان ان ينمو الاقتصاد الالماني بنسبة 0.3 في المائة في 2012 مقابل توقع سابق في سبتمبر الماضي بنمو بنسبة 1.3 في المائة. ويتوقع الا ينمو الاقتصاد الفرنسي باكثر من 0.2 في المائة مقابل توقعات سابقة بالنمو بنسبة 1.4 في المائة. وقال الصندوق في أحدث تقرير لتوقعاته الاقتصادية العالمية ان «التعافي الاقتصادي مهدد بالضغوط المتزايدة في منطقة اليورو وعوامل هشاشة في مناطق اخرى». واضاف: «التحدي الاكثر الحاحا للسياسات هو استعادة الثقة ووضع حد للازمة في منطقة اليورو عن طريق دعم النمو ومواصلة التكيف واحتواء خفض الاقتراض وتقديم مزيد من السيولة والتيسير النقدي». وقال ان النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة سينمو 1.5 في المائة في المتوسط في 2012 و2013 وهو معدل ابطأ من ان يحدث تأثيرا كبيرا في نسب البطالة المرتفعة. وذكر الصندوق ان من المرجح الا تسلم الولاياتالمتحدة والاقتصادات المتقدمة من التداعيات اذا تفاقمت ازمة اوروبا. وقال: «الولاياتالمتحدة والاقتصادات المتقدمة الاخرى معرضة لتداعيات تفاقم محتمل لازمة منطقة اليورو ولديها تحديات داخلية منها التغلب على العوائق السياسية». وتوقع الصندوق تباطؤا حادا في وتيرة النمو في الاقتصادات الناشئة والنامية وحثها على ان تركز سياساتها على تحفيز الاقتصاد.