تأخر صدور قرار حول النظام الداخلي لمجلس النواب يرهن القانون المالي مضى الشهر الأول من السنة الجارية دون حتى الشروع في مناقشة مشروع القانون المالي الخاص بها، بسبب انشغال الحكومة والبرلمان معا بمناقشة البرنامج الحكومي، وأيضا بانتخاب هياكل مجلس النواب الجديد. وتشير مصادر متطابقة إلى أنه بعد أن نالت الحكومة ثقة مجلس النواب، فإن أول ما ستنكب عليه الآن هو مشروع القانون المالي الذي أعدته الحكومة السابقة وقدمته أمام البرلمان خلال آخر دورة من عمر البرلمان السابق. غير أن تأخر المجلس الدستوري في إصدار قراره بمطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب مع مقتضيات الدستور، وقبول التعديلات التي أدخلت عليه، يرهن البدء في مناقشة مشروع القانون المالي للسنة الحالية. وينتظر مجلس النواب موافقة المجلس الدستوري لعرض المشروع على اللجنة المختصة. نفس المصادر أكدت أن عدم صدور قرار المجلس الدستوري بخصوص النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، رغم مضي أزيد من أسبوعين على إحالته عليه، من شأنه أن يزيد في تأخر مناقشة مشروع القانون المالي لهذه السنة، بالرغم من أن الحكومة الجديدة أصدرت مرسوما، في أول اجتماع لها، لضمان السير العادي لمؤسسات الدولة وصرف أجور الموظفين والوفاء بكل الالتزامات المالية، في انتظار تصويت البرلمان على القانون المالي للسنة الحالية. وكان مجلس النواب قد أنهى المصادقة على مشروع نظامه الداخلي المعدل، بعد أن اشتغلت لجنة مكلفة بتحيينه ومطابقة بعض بنوده مع المقتضيات الدستورية الجديدة، والانكباب على الجوانب التي تكتسي طابعا استعجاليا في الملاءمة، بسبب الإكراهات الزمنية المتعلقة أولا بتقديم التصريح الحكومي أمام المجلس، وثانيا بضرورة الشروع في مناقشة مشروع القانون المالي للسنة الجارية، وهيكلة اللجن الدائمة للمجلس. وتسير الحكومة التي تم تنصيبها رسميا من طرف مجلس النواب الأسبوع الماضي، إلى إدخال تعديلات على مشروع القانون المالي لهذه السنة لتتلاءم مقتضياته مع ما جاء به برنامج الحكومة من تصورات وإجراءات. وكما كان الشأن سواء بالنسبة لميثاق الأغلبية أو بالنسبة لبرنامج الحكومة، فإن لجنة مصغرة انكبت على حصر مقترحات التعديلات والمقترحات التي يمكن أن يخضع لها مشروع القانون المالي. ومنذ تشكيل الحكومة الحالية لم يتم الحديث أبدا عن تغيير مشروع القانون المالي الذي أعدته حكومة عباس الفاسي وعرضه وزير المالية والاقتصاد السابق، صلاح الدين مزوار، أمام البرلمان، وإنما كان الحديث عن ملاءمته مع تصورات البرنامج الحكومي للحكومة الجديدة. بل والاحتفاظ على التوجهات الكبرى الواردة فيه، مع التركيز على اعتباره رافدا لتعزيز دينامية تطوير الاقتصاد الوطني وتحصين مرتكزاته، وتسريع وتيرة نمو اقتصادي مستدام قادر على إحداث لمناصب الشغل، فضلا عن تعميق الإصلاحات الهيكلية والقطاعية، والتركيز على تقوية التماسك الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية والجهوية. ويهدف مشروع القانون المالي للسنة الحالية إلى تحقيق أولويات أساسيه، تهم من جهة تفعيل الإصلاحات المؤسساتية، وترسيخ مبادىء وآليات الحكامة الجيدة، وأيضا دعم النمو الاقتصادي المستدام والتشغيل، ومن جهد أخرى، مواصلة أجرأة الإصلاحات الهيكلية والقطاعية، وتثبيت الركائز الأساسية للميثاق الاجتماعي. وتحظى القطاعات الاجتماعية بأولوية في مشروع القانون المالي لهذه السنة من خلال التركيز على مواصلة الإصلاحات الاجتماعية، عبر النهوض بقطاع التربية والتكوين وقطاع الصحة وتحسين الولوج إلى السكن الاجتماعي وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل. ولا تستبعد مصادر أن تتوصل الحكومة ومجلس النواب برد المجلس الدستوري حول النظام الداخلي لمجلس النواب في أقرب الآجال، ومدى مطابقة مقتضياته الجديدة مع الوثيقة الدستورية، ومن تم ستبدأ في هيكلة اللجن النيابية التي سيعرض أمامها مشروع القانون لمناقشته والمصادقة عليه. وكانت الحكومة السابقة أحالت مشروع القانون المالي على البرلمان منذ الدورة الخريفية من الولاية التشريعية السابقة، إلا أن الإكراهات المرتبطة بالتهييء للانتخابات التشريعية التي أجربت في 25 نونبر الماضي استدعت تأجيل مناقشته والمصادقة عليه.