كل يوم فضيحة إضافية لأعمال قوات الاحتلال الأجنبية في عالمينا العربي والإسلامي، أو فيما يوجه ضد العرب والمسلمين عامة. إلى درجة لم تعد تحصى ولا يمكن الصمت عليها. ورغم كل هذه الجرائم هناك بعض من يحاول تمرير مثل هذه الجرائم والتفرج عليها وكأنها بعيدة عنه، وانتظار ما لم يسمع أو ير من أفعال قوات الاحتلال والغزو والشعارات المخادعة. كأن هذه الصور والجرائم غير واضحة وكافية للاتعاظ والتمعن بالمصائر. هذه الفضيحة الجديدة، التي كشفتها صور الفيديو التي لا يمكن إنكارها أو التهرب منها. أربعة جنود من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، القوات الامريكية المختصة بالغزو والاحتلال، النخب العسكرية الخاصة تقوم بالتبول على جثث ثلاثة مواطنين أفغان مرميين على الأرض في بلادهم، ويتحدث هؤلاء القتلة المجرمون بتمتع بما يقومون به ويتبادلون الجريمة فيما بينهم وهم يتصورون، يثبتون جريمتهم بالصور، دون حرج أو خجل أو حياء إنساني وأخلاقي عام. جرائم وحشية بشعة بكل تفاصيلها وجزئياتها. وبالتأكيد هذا ما كشف مؤخرا.. انه امتداد كامل لسلوك متواصل لجنود النخب العسكرية الغربية عموما، فكيف بالمرتزقة منهم والمتعاقدين وشركات الجريمة المنظمة؟!. لقد تكررت هذه الانتهاكات والارتباكات على مر تاريخ الغزو والاحتلال. ليست فضيحة اخرى فقط. إنها إضافة لمسلسل الجرائم الوحشية اللاانسانية التي تفضح أخلاق وسلوك الاحتلال والغزو. هؤلاء الجنود وهذه الجريمة ليست التفاحة المتعفنة الوحيدة في السلة، والشواهد كثيرة. وهنا ضرورة عدم تقبل تبريرات المسؤولين عن تلك الجرائم، وتصديق دعاويهم بأنها ليست من ممارسات الاحتلال وسلوك العدوان وقواه وان تعاليم إداراتهم لا تسمح بمثل ذلك. لقد وضعت هذه الجرائم كل تلك الأقوال على محكها الفعلي وقدمت برهانا كاملا عنها وعن طبيعة الغزو والاحتلال. كشفت صور الفيديو حقيقة واضحة عن ممارسات قوات الغزو والاحتلال، خرقا فاضحا للقوانين والقواعد والأعراف. لا يغني تبريرها بكلمات وعلاقات عامة واتصالات على مختلف الأصعدة الرسمية وإدانة لفظية وتملص من تحمل المسؤوليات. هي انتهاك صارخ للقوانين الدولية الإنسانية واتفاقيات جنيف حول معاملة سكان البلدان المحتلة وكذلك من جوانبها الأخلاقية والإنسانية. وتعيد الصور الأخيرة إلى الذاكرة صور كل الجرائم التي تفننت بها قوات الاحتلال في كل مكان ابتلى بها. من التاريخ القريب ما حصل عموما في أفغانستان، والعراق ولبنان وغزة، وفي معتقلات باغرام وغوانتانامو وأبوغريب، مثالا وحسب، وللتذكير فقط. لم يجد الرئيس الأمريكي باراك اوباما حين تولى رئاسته ودخل البيت الأبيض إلا الإقرار بضرورة غلق هذه الصفحة السوداء في تاريخ أمريكا المعاصر، ولكنه لم يستطع أن يفي بوعده هذا إلى اليوم، حيث احتفل قبل أيام بمرور عشر سنوات على جرائم معتقل غوانتانامو، وما زال محتفظا بعشرات المعتقلين دون محاكمة ودون اتهامات حقيقية غير تلك المزاعم التي وجهت لهم أيام الجنون الأمريكي وقيادة عصابات المحافظين الجدد والكاوبوي الأمريكي. واستمرارا لهذا العار الأمريكي بامتياز، بانتهاك أبسط حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، تلك الشعارات التي تزعم إدارات واشنطن وتتشدق بها دائما وفي كل المحافل العالمية، دون أن ترى ما فعلت أيديها في هذه الجرائم التي لا يمكنها إنكارها أو التهرب منها. حرمة الموتى أو القتلى لا تعني عند القتلة والمجرمين شيئا. انتهاكها جزء من صفحات الاحتلال والغزو والعدوان. هي جرائم مثبتة وشواهد حية ناطقة بالاتهام والإدانة الكاملة للسياسات والخطط الإمبراطورية. جرائم بشعة لا إنسانية ولا أخلاقية بكل المعاني. ورغم ذلك تدخل هذه الجرائم في عمليات العلاقات العامة والتخفيف منها وتمريرها إعلاميا بهدوء وخسة تخالف بها ما تدعيه، لاسيما وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية، من خلال تصويرها أخبارا عادية دون التركيز عليها وتكرارها كما تفعل مع غيرها من الصور والأحداث، لتمارس دورها في الفضح والكشف والإدانة ومنع تكرارها. وكأنها تشارك فيها فيما تقوم به من تغطية سريعة وبعيدة عن المهنية وشرف الوسيلة. مثل هذه الصور تعكس بشاعة الاحتلال والغزو ولابد أن توضع في موقعها الصحيح من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان والارتكابات ضد الحريات العامة والعدالة والأخلاق البشرية. وهذه الجرائم تستعيد تاريخ الجرائم وتذكر بجرائم الاحتلال في العراق مثلا، في الفلوجة التي استخدمت ضدها آخر أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، ومدن حديثة وابوغريب والمحمودية والصدر والنجف الاشرف والعمارة، وغيرها من المدن والمواقع التي سجلت صفحاتها في تاريخ العار الأمريكي. كذلك ما حصل في الحرب على لبنان وغزة وما ثبتته صور الفضائيات من جرائم قتل واستخدام أسلحة فتاكة وتجريب أعتدة محرمة. صور جنود البحرية الأمريكية وهم يتصرفون بهذه الممارسة الوحشية مع جثث مدماة، حادث واحد صورته عدسة فيديو وبث على شبكة الانترنت وفضح الجريمة. كم جريمة مثله لم تصورها العدسات أو لم يبث بعد؟!. وهي كلها صور متشابهة عن الجرائم والممارسات التي ترتكبها قوات الاحتلال على مدى تاريخ الغزو والعدوان. ليست وحدها طبعا فان ما ينشر بين فترة وأخرى يعري كل تلك الأحداث وتكرارها في أكثر من بلد وشعب. وليس الاحتلال وحده فقط وإنما أذنابه ومن يتعامل معه يكررون الجرائم ذاتها أو بأساليب أخرى. الجرائم اليومية التي تحدث تكشف طبيعة الاحتلال وخططه ومشاريعه في النهب والاستهانة بالبشر والطاقات البشرية في العالمين العربي والإسلامي خصوصا. ويدخل في هذا المجال اغتيال العلماء والأكاديميين وحرمان الشعوب من ثرواتها البشرية الحقيقية وطاقاتها الخلاقة القادرة على المنافسة والابتكار والتقدم. وهي حالات معروفة. ولكن ما لا يسمح به تكرارها وعدم الاتعاظ منها. وهنا مسؤولية كبرى على من يهمه الأمر. لابد من الإدانة المستمرة والكشف المتواصل وعدم الصمت. هذه الجرائم، بعض أفعالهم.. كفى.. لابد من محاكمتها وإدانتها ووقف إنتاجها، مهما كانت التبريرات لها ولغيرها.