التصريح الأخير لمدرب الفريق الوطني إيريك غيريتس، يعكس ذهاء هذا المدرب البلجيكي. الناخب الوطني كان ذكيا حينما قال إن فريقه ليس مرشحا للفوز بكأس الأمم الإفريقية.. لكنه استدرك كلامه بطريقة ما، حيث قال إن الآمال معقودة من لدن اللاعبين والجهاز الفني لبذل أقصى جهد للحصول على اللقب القاري. الظاهر أن غيريتس يرواغ المغاربة بمهارة عالية، ليحدث نوعا من التوازن خلال هذا التصريح، حتى يكون بمقدوره الخروج من أوسع الباب في كلتا الحالتين: إما الظفر بكأس الأمم الإفريقية أو لا.!!؟ فإذا ظفر الفريق الوطني بالبطولة الإفريقية فأنعم بها وأكرم، وإن فشل. سيقول غيريتس: قلت لكم «لسنا مرشحين»، رغم تصريحات سابقة عبر من خلالها عن رغبته في انتزاع الكأس ومقدرته لاعبيه على ذلك، هذا قبل أن يتراجع عن كلامه .!!! لنفهم ذكاء غيريتس علينا قراءة بقية التصريح. إيريك أضاف في حديثه أن حصول فريقه على اللقب «يمر عبر تخطي الدور الأول الذي وضعنا في مجموعة ليست سهلة وأنا لا أختار أبدا مواجهة منتخبات بعينها في الأدوار الأولى لأنك إن كنت تطمح للفوز باللقب فعليك هزيمة الكبار في أي دور». بالفعل غيريتس ذكي.. ذكي ويجيد المراوغات الكلامية، ولو أن التاريخ يقول إنه لعب سابقا في المناطق الخلفية، لكن هل يسعى إيريك بتصريحاته «الحربائية» إلى تعامل غير صريح مع الجمهور المغربي.. ستمكنه من الخروج بأقل الأضرار إذا ما لم ينجح -لا قدر الله- الفريق الوطني في تحقيق الهدف المرجو، فهل يستغبي غيريتس المغاربة أم ماذا.!!! ومن زاوية أخرى. فقد يفهم من تصريح المدرب البلجيكي أنه يرغب في تهيئة لاعبيه من الناحية النفسية، بعد الضغوط التي تتواصل جراء الترشيحات التي تعطي للفريق الوطني أفضلية كبيرة للفوز باللقب، رغم تواجد منتخبات أقوى من منتخبنا كالكوت ديفوار وغانا والسنغال، ولا داعي أن نخجل من هذا الاعتراف. وحسب قول كلام غيريتس، فالطريق إلى التتويج بكأس أمم إفريقيا سيمر عبر اجتياز العقبات الكبرى الممثلة في المنتخبات القوية. إذن الناخب الوطني يبحث عن دخول كتيبته للبطولة بأريحية تامة، ودون أي ضغط كبير سيكون له أثر سلبي على تركيز اللاعبين، خصوصا وأن أغلبهم يخوض النهائيات الإفريقية لأول مرة، اللهم إن استثنينا المياغري وخرجة والشماخ وحجي... في هذا المقام لا نهدف إلى التهجم على غيريتس أو أي شيء من هذا القبيل، ما دام المسؤولون في الجامعة الملكية لكرة القدم مقتنعين بخيار ثاني أغلى مدربي المنتخبات العالمية، وأنه الرجل المناسب لقيادة «أسود الأطلس» خلال العرس الإفريقي القادم، هم مقتنعون بالبلجيكي إلى درجة أن هذا الأخير هو الآمر الناهي بالفريق الوطني، وجميع الصلاحيات مفوضة إليه لا جدال في هذا. وعلينا نحن فقط أن نتساءل عن دور الجامعة في تحسين المستوى العام للمنتخب الوطني والرقي به. وليس السهر فقط على توفير المتطلبات اللازمة لكافة الأطياف من مدرب ولاعبين وطاقم طبي وتقني، فهذه الأمور تعد اسسا مسلم بها لا مفر منها لأي جهاز وصي على منتخب وطني، كما هو الحال بالنسبة لجامعة وكتيبة الأسود. غيريتس يعلم أن مطلب الجمهور المغربي لم يعد مقتصرا فقط على التأهل إلى النهائيات الإفريقية، أو إلى كأس العالم -كما يلمح هو بين الفينة والأخرى- بعد انتكاسة للكرة المغربية بعدم حضور «أسود الأطلس» في النسخة الأخيرة بأنغولا 2010. كما أن طريق الفريق الوطني إلى (CAN) لم تكن معبدة، بل جاءت مليئة بالأشواك، باستثناء مباراة الجزائر التي كانت النقطة المضيئة في مسار غيريتس مع المنتخب على مدار سنتين تقريبا من العمل، وبالتالي فإن هذه الدورة ستكون مقياس لاختبار كفاءة غيريتس. وستكون فرصة للإجابة عن تساؤلات عدة حول هل كانت الجامعة محقة في صرفها النظر عن أطر محلية، والتوجه صوب الخيار الأجنبي للإشراف على الكتيبة المغربية؟ فلننتظر (CAN). حينها سيكشف المستور .!!! غيريتس يعلم أن الجمهور المغربي ينتظر الشيء الكثير من لاعبي منتخبنا، رافعين شعار «الشعب يريد الكأس». فقط على المدرب البلجيكي أن يصغي إلى هذا الشعار ويحرص على تحقيق محتواه، وفي قرارة نفسه سيتمنى مدربنا أن لا تعانده الكرة لكي تدخل الهدف ويربح الرهان. آنذاك سيكون الجمهور المغربي فخورين بأن يخسروا المعركة أمام غيريتس.. آنذاك سيكذب غيريتس الشكوك التي حامت حول قدراته التدريبية ومقدرته على قيادة «أسود الأطلس» إلى لقب قاري.. آنذاك سيقول المغاربة «250 مليون ليست خسارة في غيريتس».. آنذاك يمكن أن نتحدث عن أخذ وعطاء وربح متبادل بين الطرفين. غيريتس ولاعبوه سيربحون حب المغاربة، وسيربح المغاربة مدربا جديرا بالاحترام ولاعبين يستحقون هالة من التصفيق. هذا لو عادوا بالكأس من أدغال إفريقيا (وهو ما نتمناه) .!!!