أكد رئيس مجلس النواب كريم غلاب رئيس الوفد المغربي الذي مثل جلالة الملك محمد السادس في احتفالات تونس بمرور سنة على انطلاق ثورة 14 يناير 2011، أن المغرب، الذي اعتبر منذ فجر الاستقلال الخيار الديمقراطي خيارا استراتيجيا ساهمت في بنائه مختلف القوى الحية في البلاد، عمل على تطوير هذا المسار منذ السنوات الأولى للاستقلال عبر إقرار التعددية الحزبية والحريات العامة والفردية. وأبرز غلاب، في كلمة خلال الاحتفال الكبير الذي شهده، أول أمس السبت ، قصر المؤتمرات وسط تونس العاصمة وحضره العديد من المدعوين من رؤساء دول ووفود عربية وأجنبية، أن المملكة «تحرص الآن على الارتقاء بهذا المسار الديمقراطي بقيادة الملك المصلح المجدد، جلالة الملك محمد السادس الذي رسخ هذا الخيار منذ بداية ملكه». وأوضح أن آخر محطة في هذا المسار تمثلت في إقرار الدستور الجديد للمملكة وتنظيم انتخابات تشريعية أشاد الجميع بنزاهتها وشفافيتها. وبعد أن عبر عن سعادة الوفد المغربي وهو يمثل جلالة الملك والشعب المغربي في الاحتفالات بالذكرى الأولى للثورة التونسية، هنأ الشعب التونسي وقيادته الجديدة على ما تم إنجازه، سواء خلال «مرحلة التغيير المجتمعي السياسي أو أثناء التدبير الفذ للمرحلة الانتقالية وما أبانت عنه القيادة الوطنية التونسية المنبثقة عن الثورة من وعي ونضج سياسي»، مشيرا إلى «تفاعل الشعب المغربي وقواه الوطنية الحية، بكل مرجعياتها، مع مسار الثورة التونسية وتجاوبه مع أفقها الديمقراطي الرحب». وذكر رئيس مجلس النواب، من جهة أخرى، ب»الذاكرة النضالية المشتركة» بين الشعبين المغربي والتونسي ضد الاستعمار الأجنبي، مشددا على ضرورة العمل على تمتين الروابط التي تجمع البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وأضاف أن الثورة التونسية «فتحت صفحة جديدة»، ليس في تونس فحسب، بل أيضا على المستوى المغاربي والعربي، إذ أبانت عن آفاق واعدة في مجال «البناء الديمقراطي والتعددية وصيانة الحريات وتوفير الشروط الجيدة لتحقيق التنمية السياسية والحقوقية وضمان أسباب الكرامة والعدالة الاجتماعية». واعتبر غلاب أن ثورة 14 يناير في تونس «حركت أيضا الخيال العربي، فأعطت الأمل من جديد للشعوب والقيادات الوطنية الجديدة الصادقة، فضلا عن إعطاء درس بليغ في معنى الإرادة الشعبية القادرة على تغيير المعادلات وإيجاد البدائل واستشراف المستقبل»، مؤكدا أن الشعب التونسي اختار الخيار الديمقراطي من أجل بناء المستقبل. وأضاف أن المغرب، «ملكا وحكومة وشعبا، واثق في نضج القيادة الوطنية التونسية وفي قدرتها الخلاقة على رفع التحديات لتجعل من تونس نموذجا للديمقراطية والتحديث والنجاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي»، مبرزا أن البلدين وشعبيهما، اللذين يجمعهما التاريخ المشرق والنضال المشترك، قادران على العمل سويا على «إثراء ذاكرتهما الوطنية المشرقة وصيانتها والوفاء لقيمها الخالدة الأصيلة من خلال المزيد من الجهد المشترك وتمتين العلاقات الثنائية والسير قدما في بناء المغرب العربي الكبير لمصلحة شعوبنا». وبعد أن شدد على أن مشروع بناء المغرب العربي «لا يعد اليوم خيارا فحسب، بل هو ضرورة استراتيجية لتنمية بلداننا»، أشار إلى أن الدراسات التي أعدتها المؤسسات الدولية المتخصصة تؤكد أن البناء المغاربي سوف يرفع نسبة النمو الاقتصادي لهذه البلدان بنقطتين من النتاج الداخلي الخام، «مما يشكل قيمة مضافة من شأنها أن تستجيب للحاجيات الاقتصادية والاجتماعية المشروعة للشعوب المغاربية». وخلص إلى القول ان هذا المشروع أصبح اليوم «ممكنا أكثر من أي وقت مضى بفضل الثورة التونسية وتداعياتها وما أعطته من يقين جديد في معنى وجدوى التحولات الديمقراطية».